فلسطين أون لاين

ذكرى وطنية تحييها الأجيال رغم تقادُمها

تقرير شهداء يوم الأرض.. حكايةُ نضالٍ عمرها 46 عامًا

...
شهداء يوم الأرض
الناصرة-غزة/ أدهم الشريف:

تحلُّ ذكرى يوم الأرض لهذا العام ويحلُّ معه شريط من الذكريات والمشاهد الأليمة يُحييها الشعب الفلسطيني للعام الـ46 على التوالي، مُتخطّيًا انتهاكات الاحتلال وقمعه المستمر لفعاليات إحياء هذه الذكرى.

ويوافق 30 مارس/ آذار من كلّ عامٍ ذكرى إحياء يوم الأرض، تخليدًا لسيرة 6 شهداء ارتقوا في الداخل المحتل منذ نكبة 1948 خلال تصدّيهم لخطط (إسرائيل) التوسُّعية.

وتعود أحداث يوم الأرض، إلى تاريخ 30 مارس 1976، إذ صادرت سلطات الاحتلال آلاف الدونمات من الأراضي ذات الملكية الخاصّة في مناطق ذات أغلبيةٍ سُكّانيةٍ فلسطينية.

وردًّا على هذا الانتهاك، عمَّ إضرابٌ عامٌّ ومسيرات من الجليل إلى النقب واندلعت مواجهات أسفرت عن استشهاد 6 مواطنين فلسطينيين وأُصيب واعتُقل خلالها مئات المواطنين.

والشهداء الذين ارتقوا في ذلك اليوم، هم: خير أحمد ياسين (23 عامًا) من سكان عرابة البطوف، خديجة قاسم شواهنة (23 عامًا)، رجا حسين أبو ريّا (23 عامًا)، خضر عيد محمود خلايلة (30 عامًا)، وثُلاثتهم من سخنين، محسن حسن سيد طه (15 عامًا) من كفر كنّا، ورأفت علي زهدي (21 عامًا) من مخيم نور شمس.

وصارت ذكرى استشهاد هؤلاء مناسبة وطنية يُحييها الفلسطينيون في الوطن والشتات بفعاليات وطنية وتراثية وشعبية يتخلّلها مواجهة قوات جيش الاحتلال في مناطق التماس، كما جرى في مسيرات العودة الكبرى التي انطلقت تجاه السياج الفاصل شرق غزة نهاية مارس 2018.

ونفس المشهد يتكرّر منذ سنوات طويلة في مناطقَ مختلفةٍ من القدس والضفة الغربية المُحتلتيْن، إذ يسعى الاحتلال بقوةٍ إلى تنفيذ خُططه الاستيطانية وتنفيذ مشروع ضمِّ أجزاءٍ واسعةٍ من الضفة الغربية إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي.

وسنَّت سلطات الاحتلال الإسرائيلية منذ احتلالها أرض فلسطين التاريخية سلسلة قوانين عُنصرية تهدف أساسًا إلى مُصادرة الأراضي واقتلاع أصحابها الأصليّين منها.

شعبٌ متمسّكٌ بأرضه

وقال عضو لجنة المتابعة العليا في الداخل المحتل محمد توفيق: إنّ ذكرى يوم الأرض تعكس إصرار شعبنا في جميع أماكن وجوده على التمسُّك بأرضه والثبات عليها مهما كلفه الأمر.

وأضاف توفيق لصحيفة "فلسطين"، أنّ استشهاد 6 فلسطينيين في يوم الأرض نتيجة قمع الاحتلال لأهالي الداخل بعد الإضراب والمسيرات التي عمّت 1976، دليل ارتباط المواطن الفلسطيني بأرضه بشكل لا يمكن قطعة مهما كانت الظروف.

وأشار إلى أنّ الاحتلال يسعى إلى مُصادرة الأراضي بحكم القانون الإسرائيلي المزعوم، ويرغم المواطنين على الاستجابة لمشاريعه، لكن كلّ قوانين (إسرائيل) لا تلغي الحقّ الشرعي للمواطنين الفلسطينيين بأرضه وتمسُّكه فيها، وهو لن يتركها أو يتخلّى عنها مهما كانت.

وبيّن أنّ الأراضي المحتلة تشهد موجة من العُنصرية الزائدة في مجتمع المستوطنين، ويتمثّل ذلك في المليشيات المُسلّحة من اليمين المتطرف التي نُظِّمت في النقب، وهي مُعدَّة للاعتداء على المواطنين الفلسطينيين بحماية من سلطات الاحتلال مُتمثّلة ببلدية مدينة بئر السبع، ومجلس "عومر" جنوبي فلسطين، وغيرها من المناطق المحتلة.

وحذَّر من إمكانية انتشار هذه المليشيات في عموم أراضي الداخل المحتل، في ظلّ توفير الحماية الكاملة لها.

وأضاف أنّ وجود هذه المليشيات يعني أنّ فلسطينيّي الداخل باتوا مُهدّدين في أمنهم.

وكلّ ذلك يتزامن -والقول لتوفيق- مع حملة تحريضٍ وشحنٍ للأجواء تُمارسها وسائل الإعلام العبرية تزامُنًا مع اقتراب حلول شهر رمضان، وهذا يعني بحسب رأيه أنّ الاحتلال يُبيِّتُ شيئًا ما، ويهيِّئ الأجواء لما يُبيِّت.

وتوقّع تصاعد انتهاكات وإجراءات الاحتلال في القدس والضفة والداخل المحتل، خلال شهر رمضان الذي يُكثّف خلاله الشعب الفلسطيني من زيارة المسجد الأقصى.

وأكد أنّ المطلوب من الشعب الفلسطيني في ذكرى يوم الأرض هذه، الثبات على موقفه وحقّه بأرضه ووطنه ومُقدّساته وأقصاه وقُدسه، ودوام الثّبات على ذلك.

صراعٌ على الأرض

من جانبه، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة حيفا د. أسعد غانم، أنّ أهمّ مركبٍ في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو الأرض، مُضيفًا أنّ "الحركة الصهيونية ومن بعدها (إسرائيل) وضعت مُخطّطاتٍ مركبة من أجل السيطرة على أراضي فلسطين وامتلاكها".

وبيَّن غانم لصحيفة "فلسطين"، أنّ ذلك شمل شراء بعض الأراضي، لكنّ مشاريع السيطرة الكُبرى تجلّت بعد نكبة 48، إذ استطاع الاحتلال السيطرة على 90 من أراضي الداخل المحتل التي كانت ملكًا لمواطنين فلسطينيين.

وفي مرحلة لاحقة، نفّذ الاحتلال مشاريع الاقتلاع وأصدر قوانين المصادرة المختلفة وعددها أكثر من 12 قانونًا، واتبع سياسات مُجحفة تحت ادّعاءات مختلفة نجحت في السيطرة على مناطق واسعة من فلسطين المحتلة، بحسب غانم.

وردًّا على ذلك جاء يوم الأرض، ليُتوّج الجهد الفلسطيني في مواجهة سياسات (إسرائيل) كلها والتصدي لها من الداخل والضفة وغزة والقدس معًا، والقول لأستاذ العلوم السياسية في جامعة حيفا.

وذكر أنّ يوم الأرض شكَّل باكورة تنظيم المجتمع الفلسطيني داخل أراضي الـ48، رغم محاولات الاحتلال تقسيمه إلى أحزاب وتيارات وقوى تابعة للأحزاب "الصهيونية"، وامتدّ ذلك إلى حين تشكيل لجنة المتابعة مطلع الثمانينيّات.

وأضاف: منذ يوم الأرض استمرّت فعاليات هذه الذكرى وتحوّل إلى تراثٍ وذكرى وطنية يتصدّى خلالها الفلسطينيون لمُخطّطات الاحتلال في مختلف الأراضي المُحتلّة في ظلّ استمرار انقضاض الاحتلال على ما تبقّى من صمودٍ فلسطينيٍّ في النقب المحتل، ويتزامن هذا مع ذكرى جديدة ليوم الأرض يتطلب من شعبنا خلالها إعادة الاعتبار للنضال الشعبي الذي تفجّر في مثل هذا اليوم دفاعًا عن الأرض.