فلسطين أون لاين

تحليل: نتائج الانتخابات المحلية تؤشر لخسارة فتح في أي انتخابات قادمة

...
فتح فقدت بلديات كبرى في الانتخابات المجتزأة بالضفة
رام الله- غزة/ يحيى اليعقوبي:
  • عرابي: فتح ستكتشف حجم المأزق التاريخي الذي تعيشه بأن يصبح اسمها منفرًا
  • عساف: النتائج تؤسس لاتساع رقعة المعارضين لنهج السلطة

لا شك أنّ خسارة حركة فتح للانتخابات المحلية المُجتزأة مقابل كتل المستقلين أمر له دلالات سياسية واضحة بالرغم من أنها انتخابات محلية خدماتية بالدرجة الأولى لكنّ السّياقات العامة ونتائجها تؤشّر لحتمية خسارة فتح في أيّ انتخابات سياسيّة قادمة.

رغم أنّ فتح قامت بتغيير قوانين الانتخابات بشكل يُسهّل من فوزها من خلال تنظيمها عبر مراحل واعتماد نظام الأغلبية النسبية وتسخير كل مقدرات السلطة لأجل ذلك، إلا أنها خسرت الانتخابات، إذ أعلنت لجنة الانتخابات المركزية، اليوم الأحد، عن حصول القوائم المستقلة على أغلبية المقاعد في المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية في الضفة الغربية المحتلة.

وأوضح رئيس اللجنة حنّا ناصر، خلال مؤتمر صحفي عقده بمدينة رام الله للإعلان عن النتائج؛ أنّ القوائم المستقلة حصلت على 64.4%، والحزبية على 35.6% من مقاعد المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية.

استخلاصات

هذه النتائج تعكس بحسب الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف، جملة استخلاصات: الأول أنّ هناك انفضاضًا جماهيريًّا عن العمل الحزبي، وخيبة آمال كبيرة يعيشها المواطنون، فلجأت الفصائل للتحالفات العشائرية.

وأضاف عساف لصحيفة لـ "فلسطين أون لاين"، الاستخلاص الثاني يتمثل بتراجع هيمنة السلطة على المجال المحلي، فهناك عدد من البلديات الكبرى انتُزعت من يد فريق السلطة كبلدية الخليل وقلقيلية والبيرة أو بالأحرى جرى إزاحتها من هيمنة السلطة التي كانت تسيطر عليها منذ سنوات.

وأشار إلى أنّ فوز قوائم تابعة للسلطة كما جرى بنابلس كان بفارق ضئيل جدًّا أي بفارق مقعد واحد رغم أنّ السلطة لجأت للوجوه العشائرية والعائلية، فيما لجأت للتحالف مع اليسار في رام الله، وفي عددٍ غير قليل فازت قوائم معارضة واجتماعية ومُستقلين على قوائم السلطة.

تؤشر هذه النتائج، وفق عساف، لانفضاض الناس عن السلطة وحركة فتح، وتُشكّل مُؤشّرًا أنّ أيّ انتخابات سياسية قادمة ستُطيح بهذه المنظومة، خاصةً أنّ استطلاعات الرأي تُشير لتراجع فتح والسلطة، وسبق ذلك هزيمتها في الانتخابات النقابية كخسارتها لنقابة المهندسين وخسارتها في انتخابات جامعة بيت لحم وأُقصيَ مرشحوها عن رئاسة مجلس الطلبة.

يُشدّد عساف على ضرورة أن يجدَ المعارضون لنهج السلطة قاسمًا مشتركًا للعمل بشكلٍ مشترك وجماعيٍّ من أجل الضغط على السلطة في الشارع لإجبارها على إجراءات الانتخابات الشاملة، مُعتقدًا، أنّ السلطة لن توافق على إجراءات الانتخابات في ضوء النتائج الحالية إلا من خلال ضغطٍ شعبيٍّ واسعٍ يُجبرها على ذلك.

ويُشير إلى اتساع رقعة المُعارضين لنهج السلطة، وبروز حراكات اجتماعية وشبابية تسعى للتعبير عن رأيها وتحقيق العدالة وهي تصطف في معارضة السلطة.

دلالات سياسية

خسارة فتح لها دلالات سياسية لعدة أسباب يُوضحها الكاتب السياسي ساري عرابي، أولها أنّ فتح تفردت في إجراء هذه الانتخابات، وفي كيفية إجرائها وفي قوانينها فجعلت الانتخابات على أساس القائمة النسبية لاعتقادها أن هذا الأمر يخدمها أكثر من الانتخابات على أساس الأفراد التي خسرتها فيها في الانتخابات التشريعية عام 2006.

وقال عرابي لـ "فلسطين أون لاين"، الأمر الثاني أنّ فتح جعلت الانتخابات على مرحلتين كي تُعطي نفسها فرصة للاستفادة من المرحلة الأولى التي كانت بالهيئات الصغيرة، وكذلك وظفت السلطة من أجل تسهيل فوزها.

وأشار إلى أنّ فتح تتمتع بحرية الحركة بالضفة، كما أنّ خصمها السياسي "حركة حماس" لم تشارك رسميًّا، وإنما شارك عناصرها بشكل فردي ومن خلال قوائم مستقلّين لذلك "في العديد من المواقع لم يكن هناك قوائم منافسة لها".

 وأمام هذه الحيثيات أن تخسر فتح له دلالات سياسية واضحة بوجود موقف نقدي للشارع تجاه فتح، حتى وصل الأمر بذهاب الحركة بعدم تسجيل القوائم باسمها خوفًا من الخسارة، أو تطعيم قوائمها بشخصيّاتٍ مقبولة من الشارع الفلسطيني.

وقال، واضح أنّ فتح لو ذهبت باسمها الصريح وجنّدت كلّ مقدّرات السلطة في أيّ انتخاباتٍ سياسيّة فإنها ستخسر، وهي أمام مشكلة تاريخية أن يصبح اسم الحركة مُنفّرًا للجمهور، ولو أرادت الحركة أن تدرس النتائج وتأخذ العبرة والدروس فإنها ستكتشف حجم المأزق التاريخي الذي تُعاني منه.

وتوضح النتائج، كما ذكر عرابي، وجود موقف جماهيري من فتح واسم الحركة، ممّا يُوضّح أنها ستخسر في أيّ انتخابات قادمة لو نزلت حماس بكامل ثقلها.