منذ قرابة عامَيْن ترك المواطن نسيم عمارنة كل أشغاله وراء ظهره وأصبح لا يفارق أرضه طوال الليل والنهار خشية من اعتداءات المستوطنين عليها، فهم بعد أنْ أقام عدد منهم بؤرة استيطانية في أحراش القرية أصبحت أراضي المواطنين مستباحة ليلاً ونهاراً بهدف إخراج أهلها منها، ودفعهم لتركها.
فالمواطن عمارنة اضطر وأهالي القرية لترميم الطرق حول أراضيهم وتزويدها بخلايا الطاقة الشمسية للإنارة عليها ليلاً، كي يستطيعوا السهر ويصدوا أي اعتداء للمستوطنين عليها، "ففي الجمعة والسبت من كل أسبوع يأتي مستوطنون من مستوطنات أخرى ويقضون طول الليل بالرقص، ويقلعون ما نغرسه من أشجار".
ويضيف: "حتى أننا أقمنا غرفة في الأرض للحراسة، وقد وجدتُ في أحد الأيام ثلاثين نفراً منهم فيها، وبكل وقاحة يسألونني ماذا أفعل بالأرض، فكان جوابي لهم: أنتم ماذا تفعلون هنا؟ هذه أرضي أنا".
ويبذل عمارنة وأشقاؤه جهوداً مضنية في سبيل حماية أرضهم البالغة مساحتها مئتي دونم، من هذه الاعتداءات، "لم يتركوا شيئاً إلا هدموه، فقد خربوا خلايا الطاقة الشمسية التي وضعناها في الأرض عدة مرات ما كلفنا خسائر 18 ألف شيكل، فاضطررنا لشراء موتور كهربائي يكلفنا وقودا بقيمة ستين شيكل يومياً".
ويبين أن المستوطنين لا يكتفون بذلك بل يراقبون كل حركة لنا بالأرض، ويجلبون لنا جيش الاحتلال ويتهموننا بالاعتداءات، "فهنا المخاوف ألا تظل مجرد بؤرة استيطانية بل تتوسع لتصبح مستوطنة كبقية المستوطنات بالضفة التي بدأت بمستوطن أو اثنين وتمددت لتشمل آلاف المستوطنين".
ويلفت إلى أن المستوطنين يعتدون بالضرب على أطفال القرية، ويعيثون فساداً في أراضينا، مدعين أنهم لا يعرفون أنها أرض "طابو" مملوكة لأهالي القرية.
يعيثون فسادًا
ولا تختلف معاناة المواطن جهاد عمارنة عن سابقه، فهو يمتلك أحد عشر دونماً يعيث فيها المستوطنون فساداً، "فقد قلعوا أشتال الزيتون التي زرعتها العام الماضي".
ولم يكتفوا بذلك، بل دمروا خزانات المياه التي أروي منها أرضي في ظل شح المياه في المنطقة، واقتحموا مراراً الغرفة التي أضع بها معداتي الزراعية، ودمروها.
ويلفت إلى أن المستوطنين يتركون أغنامهم ترعى في أراضي المواطنين وتأكل كل ما يزرعونه، فقد أكلت أغنام المستوطنين ما زرعته من لوز وقمح.
ويضيف أن المستوطنين يقتحمون الأرض وهم مسلحون ونحاول طردهم بكل الطرق، لكنهم يعاودون الكرة، بحماية ما تسمى "الإدارة المدنية" وهي ذراع عسكرية يديرها الجيش، وترفض طردنا لهم وتطلب منا مقاضاتهم حال اعتدائهم علينا، و"هو أمرٌ معروف سلفاً أن نتيجته محتومة لصالح المستوطنين وقد تدخلنا في متاهات تؤدي بالاحتلال لمصادرة الأرض".
ويزداد عدد المستوطنين في البؤرة الاستيطانية تدريجياً ما يضاعف عدد الاعتداءات، فهم يخربون "تنكات المياه" ويدمرون محتويات الغرفة التي نضع فيها أغراضنا بالأرض، بحماية من طائرات الاحتلال المسيرة، "عندما نتواجه معهم يدعون أنها أرض لهم منحتها لهم دولة (إسرائيل) رغم أن ذلك غير صحيح، فهي أرض مملوكة لنا بأوراق ثبوتية سليمة".
ويصطحب المستوطنون كلابهم لإرهاب المواطنين الفلسطينيين، "ويراقبون كل تحركاتنا في الأرض فبمجرد أنْ أزرع أي مزروعات يأتون بسرعة لاقتلاعها بأي شكل يستطيعونه".
في حين يبين رئيس مجلس قروي ظهر العبد طارق عمارنة أن القرية التي تقع على بعد 28 كيلومترا إلى الغرب من مدينة جنين، تقع ضمن المناطق المصنفة (ج) بموجب اتفاق أوسلو، ويحيط بها جدار الفصل العنصري من ثلاث جهات، ملتهماً 350 دونما من أصل 1028 دونما مساحتها الكلية.
ولم تتوقف معاناة القرية عند هذا الحد، بل إن المستوطنين بنوا بؤرة استيطانية قبيل عامين بدأت بمستوطن معه قطيع من الأغنام، ثم بدأ يزيد عدد المستوطنين تدريجياً، في محاولة منهم للتوسع على حساب أصحاب الأرض الأصليين حيث يعتدون عليهم خاصة في موسم قطف الزيتون.
ويبين أنهم يتعمدون إقامة احتفالات صاخبة كل شهر مرة أو مرتين حيث تأتي حافلات تقل مستوطنين من المستوطنات الأخرى بالضفة، يقيمون فيها سهرات صاخبة تعمل على إزعاج المواطنين حتى وقت متأخر من الليل.