اهتم الإسرائيليون بانتخاب آفي جباي رئيسًا لحزب العمل، حتى أن استطلاعات الرأي التي أجرتها القناة العاشرة قد أعطت لحزب العمل 24 مقعدًا في الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية القادمة، وأعطت لحزب الليكود 29 مقعدًا، وهذا فارق غير كبير، وبدأ ينبه الإسرائيليين إلى بدائل وخيارات حزبية، حركت الشباب سريعًا للانضمام إلى حزب العمل وبشكل لافت.
انتخابات حزب العمل تشكل سابقة مثيرة للاهتمام بالنسبة للإسرائيليين، وبالنسبة للفلسطينيين أيضًا، ولا سيما أن الرئيس الحزب الجديد لحزب العمل لم يمضِ على انتسابه للحزب سوى فترة قصيرة، فقد كان وزيرًا في حكومة نتنياهو، وكان منتميًا إلى حزب "كولانا" الحزب الذي شكله موشي كحلون، فإذا به ينافس قادة الحزب التاريخيين، ويفوز عليهم، بشكل يعكس رغبة المجتمع الإسرائيلي في التغيير، وفي الوقت نفسه يعكس وعيًا حزبيًا لدى مجتمعه، الذي ينظر إلى مصلحة الدولة أكثر من اهتمامه بمصلحة الحزب، وهذا ما تفتقده الساحة الفلسطينية التي يقدس فيها بعض أعضاء التنظيم رئيسهم وكأنه ملك لا يخدش سلطانه أحد إلى أبد الآبدين.
لقد اهتم الإعلام الإسرائيلي بانتخاب "آفي جباي" رئيسًا لحزب العمل بشكل مبالغ فيه، وكأن المجتمع الإسرائيلي بات في حاجة إلى زعيم جديد، وبحاجة إلى قيادة جديدة، قادرة على التعامل معه المتغيرات الإقليمية، واستغلال الفرص، ولا سيما مع التحولات الخطيرة التي ظهرت في تفكير بعض قادة العرب، الذين ما عادوا يتحرجون من التحدث عن إسرائيل كشريك لهم في صنع السلام، وتحقيق الاستقرار في المنطقة، وهذا ما لا قدرة لزعيم متطرف مثل نتنياهو على استثماره، من هنا جاء الترويج الواضح لشخصية "آفي جباي" وصقل شخصيته كزعيم قادر على قيادة حزب العمل لمواجهة حزب الليكود، وكرمز قادر على تحدي نتنياهو، الذي ما يزال يحظى بأغلبية معظم استطلاعات الرأي حتى قبل يومين.
من المثير للاهتمام في الساحة السياسية الإسرائيلية أنها تشهد اتهام نتنياهو الواضح بالفساد في قضية 3000، وهي المعروفة بقضية الغواصات الإسرائيلية، في الفترة ذاتها التي يصعد فيها نجم "آفي جباي"، وكأن السياسة الإسرائيلية تسير على خطى مضبوطة الإيقاع، ففي الوقت الذي عثرت فيه على الزعيم الجديد المناسب، القادر على التعامل بلين مع التطورات السياسية الاستراتيجية، راحت تتخلص من الزعيم القديم "نتنياهو" الذي سيقف بتشدده حجر عثرة في تطور العلاقة مع الدول العربية، وفي تسهيل تمرير ما يقال عن صفقة العصر، والتي يشارك فيها أكثر من طرف دولي وإقليمي.
الأيام القادمة حاسمة في تاريخ الأحزاب الإسرائيلية، ولها ما بعدها من مفاجآت ستؤثر بشكل مباشر على الساحة الفلسطينية، وعلى مجمل قضية الصراع العربي الإسرائيلي.