الرواية الفلسطينية في الغالب مغيبة عن المشهد الإعلامي العالمي، وتعاني التشويه بسبب الرواية الإسرائيلية المزيفة وتصدرها نشر المعلومات من وجهة نظرها على منصة "ويكيبيديا"، في ظل الافتقار لمصدر معلوماتي فلسطيني جامع يوثق ويؤرشف الأحداث والأماكن والأشخاص في فلسطين التاريخية، يقول القائمون على مشروع "ويكي فلسطين".
ويؤكد مركزا "إعلام" و"مدى الكرمل" أن المشروع ضرورة ملحة في ظل سيطرة الاحتلال على المنافذ المعلوماتية، موضحين أن "ويكي فلسطين" إطار يحاكي الموسوعة الحرة "ويكبيديا" الخاصة بالمعلومات عبر الإنترنت، من أجل نشر المعلومات الفلسطينية، وتوثيقها بالفيديوهات، والصور، ورواية الأشخاص الحقيقيين لمصدر المعلومة.
ريادة ثقافية
واستكمالا للمرحلة الأولى، نظم المركزان ماراثونًا تدريبيًا للطلاب المشاركين في مشروع "ويكي فلسطين" في مرحلته الثانية، حيث نُظم التدريب في رام الله على مدار يومين متتاليين.
ويُشارك المشروع في مرحلته الحاليّة 13 طالبًا وطالبة، من مختلف الجامعات والأكاديميات، وتم اختيار المشاركين بعد مرحلة تصنيفات ومقابلات شخصيّة.
وبينت الإعلامية ومركزة مشاريع في مركز إعلام ميسون زعبي أن المشروع انطلق في عام 2019م، حيث تم تنفيذ المرحلة الأولى لتوثيق وأرشفة القرى المهجرة خاصة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تم توثيق الشخصيات، والأماكن الأثرية، مع إرفاقها بالصور، والفيديوهات المصورة، ونشر مقالات مكتوبة عنها.
وأوضحت زعبي لـ"فلسطين" أنه تم تجديد المشروع هذا العام بالشراكة مع مركز الكرمل للأبحاث في حيفا، من أجل توثيق أحداث سياسية وتاريخية، ومواقع أثرية مغيبة عن مصادر المعلومات الإلكترونية، أو أنها تعرض بشكل مشوه وغير دقيق.
ولفتت إلى أنه تم تدريب عدد من طلبة الجامعات من مختلف التخصصات، وتم مراعاة المناطقية في اختيارهم، من أجل البحث والتنقيب عن المعلومة من مصادرها الحقيقية، والموثوقة، وصياغتها بشكل موضوعي، لمواجهة مساعي الطمس والتضليل والتشويه وجهود تغليب الرواية الإسرائيلية.
ونبهت زعبي أن "ويكي فلسطين" هو حاجة فلسطينية ملحة وأساسية على المستوى الوطني وللمنطقة المستهدفة، بالإضافة إلى الحاجة الماسّة لخلق وتشجيع مبادرات فلسطينية منظمة ومنهجية وعصرية، لذا يُعتبر المشروع رياديًا كونه لا يكتفي بالتدريب إنما يلتزم بالإنتاج أيضًا.
مأسسة الفكرة
وشددت على أن "ويكي فلسطين" تسعى إلى تأسيس وحدة فلسطينية تعنى بحتلنة (حتى الآن) وتدقيق ومتابعة الموسوعة الحرة، وما يكتب عليها ضمن الشأن الفلسطيني والصراع العربي الفلسطيني، علمًا أنّ الكثير من القيم اليوم تحمل تشويهًا للحقائق، خاصة وأنّ الموسوعة الحرة باتت وجهة أولى لكل الباحثين بمختلف المستويات، من الطلاب إلى الألقاب المتقدمة في الجامعات.
وقالت زعبي: "الدارج عالميًا أنّ هنالك مكاتب لـ "ويكيبيديا" في كل دولة، فنرى أنّ هنالك "ويكي مدريد"، ويكي برلين"، "ويكي إسرائيل" وما إلى ذلك، إلا أنّنا نفتقر إلى مكتب فلسطيني يعمل على مراقبة الموسوعة الحرة ودعمها بالقيم المطلوبة وفق المعايير العالمية، عليه انطلق هذا المشروع بمرحلته الثانية نحو مأسسة الفكرة وعملت مؤسسة التعاون على دعم المشروع للعام الثاني على التوالي".
وتابعت: "يعمل المشروع على استقطاب عدد من الشباب، بعد مرحلة تصنيفات، ويوكل إليهم مهام الحتلنة (حتى الآن) والتعديل وإضافة قيم جديدة نحو إثراء الموسوعة الحرة بقيم تتعلق بمجتمعنا الفلسطيني وتعديل الحقائق المشوهة تاريخيًا وسياسيًا".
وذكرت زعبي أن فريق العمل الحاليّ وضع تصورًا واستراتيجية لطريقة العمل الحاليّة والإنتاجات المعرفيّة التي سيتم التركيز عليها، حيث تم ذلك بالتنسيق مع د. امطانس شحادة والباحثة إيناس خطيب، من مركز "مدى الكرمل"، اللذين يرافقان المشروع بحثيًا إلى جانب لجنة توجيه مُكونة من نخبة من الباحثين والمُختصين الفلسطينيين في عددٍ من المجالات.
وأشارت إلى أن الطلبة المشاركين سيتم جمعهم في هاكثون لمدة 24 ساعة، وسيشرف على تدريبيهم "وكبيديون" ينشرون في "ويكبيديا".
وتنبه زعبي أن الأمر لن يقتصر على نشر المقالات على ويكبيديا وتدريب محررين شباب، بل سيكون هناك تحديث مستمر لتلك المعلومات وآخر التطورات التي طرأت عليها كأحداث الشيخ جراح، وهبة الكرامة التي قامت في مايو/ آيار 2021 م في القدس والأراضي المحتلة 48، وقطاع غزة.
وعن قيمة وأهمية المشروع، يشير د. إمطانس إلى إسهامه في عرض الرواية الفلسطينية أمام الأجيال الشابة وأمام كل مستخدمي منصة "ويكيبيديا"، بحيث يوثق أحداثا سياسية وتاريخية ومواقع أثرية مغيبة عن مصادر المعلومات الإلكترونية، أو أنها تعرض بشكل مشوه وغير دقيق.
وأضاف: "وكذلك تروي المنصة قصص شخصيات ثقافية وأدبية وسياسية ساهمت في جوانب عديدة لمجتمعنا. خاصة في منصة هامة مثل ويكيبيديا التي توفر مصدرًا هامًا للمعلومات متاحة عالميًا".