كنت أتمنى أن لا أتطرق إلى أفعال هذا " الرجل " التي باتت تثير العجب والاستنكار إن لم يكن الغثيان، ولكنه لم يزل يُعامَلُ من البعض خارج الوطن على أنه " الرئيس "؟!
ونعلم أن صلاحيته في سدَّةِ الحكم قد أنقضت وعفى عليها الزمن، كما أن جرائِمه بحق كل فئات الشعب قاطبة، وتقديسه للتخابر مع الاحتلال تجلبه صاغراً لمحكمة ثورية للشعب فيها حُكمه المعلوم فأسفارُ التاريخ طافحة بنهايات كل من تآمروا مع المحتل ضد شعوبهم.
اليوم، ورغم كل الغَرقِ في مُستنقعات قطع الأرزاق الآسن ضد عوائل الشهداء ومُرتَّبات آلاف الأسرى والجرحى يتجرأُ عباس على مكافآت أعضاء المجلس التشريعي من كتلة التغيير والإصلاح في الضفة الفلسطينية والقدس المحتلتين فيقطعها "هدية" جديدة لنازيي آخر احتلال في الدنيا وهو الذي أوقف مكافآت أعضاء الكتلة في غزة منذ عقد من الزمان ونحن نعيش كل التحوّلات الإنسانية للقرن الحادي والعشرين!!
عباس الذي " يتفرعن " على أنبل وأطهر الشعوب المُرابِطة على أرض بيت المقدس وأكنافه لتحريرها من دنس من ارتضاهم أسيادهُ، ألا يَجِدُ راداً له؟!
هذا السادِرُ في غيَّهِ حدَّ السّقوط يُهدد أيضاً بفرض عقوبات مالية وفورية – هكذا – على حركة حماس في قطاع غزة بدعوى " إجبارها " – كما يتَشَدَّق – على التراجع عن " انقلابها " !!
كلام أَخْرَق يَرتَدُّ إليهِ وهو الذي تآمر على خيار الشعب الفلسطيني الديمقراطي وَدَعْمَهُ، وثِقَتُه بمقاومته ورأس حربتها حركة المقاومة الإسلامية " حماس " حين منحها وبأغلبية ساحقة صوته، فقام " الكان رئيساً " بدفع أجهزته الأمنية للتمرد على إرادة الشعب، وموظفيه للعصيان المدني على الحكومة الشرعية.
لقد قدمت " حماس " تنازلات غير مسبوقة منحها لها الشعب استثارت حتى أعضائها من أجل رأب الصدع واستعادة توحيد القلعة الفلسطينية.
ويعلم القاصي والداني أن اتفاقات كثيرة وُقِّعَت من الكُلّ الفلسطيني في آذار عام 2011 في القاهرة ثم في الدوحة عام 2012 حين سَلَّمت " حركة حماس " الجَمَل بما حَمَل لعباس بما في ذلك رئاسة الحكومة - وهذا مُنافٍ للقانون الأساسي - وحق عباس في تشكيلها أيضاً ولكن دوره الوظيفي لإنفاذ وثيقة الإذعان والعار المدعو " اتفاق أوسلو " حَالَ ولم يزل دون إنجاز وحدة وطنية تقاوم الاحتلال وتحفظ الثوابت وتُحرِّرْ الوطن سيداً مستقلاً.
وقد باتَ جلِيّاً أن لِلعُمْرِ أحكاما، حين يقول عباس إن " حماس " " تُساهِمُ في تكريس تقسيم الشعب الفلسطيني إلى كانتونات صغيرة مُجَزَّأة ومتنافرة مُتَمَرِّدةً على بعضها "!؟!
ويبدو أنه لا يَعْلمَ أن غرَقَه في التفاوض لأكثر من 24 عاماً مُتَّصِلَةً ودون انقطاع هو بالضبط الذي تسارع فيه الاستيطان فَقطَّعَ أوصال الوطن وَحَوَّلَها إلى مِزَقٍ متناثرة مُحَاصَرَة بالمستوطنات والمواقع العسكرية والطُرِق الالتفافية وبعدوانات جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين الذين زاد عددهم من 65 ألف مستوطن حين " هندس " عباس اتفاق أوسلو في 13 أيلول عام 1993 ليربو الآن عن 850 ألف مستوطن ويزيد، والحبل على الغارب!
كما لم يزل عباس يَهْجُسُ في أضغاث أحلامه بأن " حماس " دَمّرت حل الدولتين، ويبدو أن أحداً من زمرته لم يخبره حتى اللحظة بتصريحات جُلّ القيادات السياسية والأمنية " لجيرانه وأصدقائه " الحميمين الجدد الصهاينة بأفضاله في وأد وهم " حل الدولتين " الذي كان " اتفاقه " هو المدخل الإجباري الحقيقي لإنهائه مَرَّةً وإلى الأبد!
ولكن عباس بدأ يَعُدّ خطاه الأخيرة لهذا " السقوط العظيم " وقد وَصَلَ خياره السياسي الأَرْعن إلى خواتيمه البائسة وهو الذي لم يَسمع كلمةً واحدة تُرضيه في كل زياراته العربية والأوروبية الأخيرة، وقد بات معزولاً وسط سخط شعب قرر مواجهة عدو عنصري كولنيالي حتى دحره الأكيد والقريب في الوقت الذي باتت فيه جموع الشعب الفلسطيني المقاوم موحدة داخل الوطن وخارجه وتعلم يقيناً ما تقترفه أيادي الطابور الخامس في مقاطعة رام الله المحتلة وهي تُرَدِّدُ بثقةٍ مطلقةٍ : " إن ينصركم الله فلا غالب لكم ".