فلسطين أون لاين

تقرير هجرة الاستثمارات الفلسطينية إلى الخارج طعنة في خاصرة الاقتصاد الوطني

...
غزة/ رامي رمانة:

لا يزال التفاوت بين أرصدة استثمارات الاقتصاد الفلسطيني الموظفة خارج فلسطين وأرصدة الاستثمارات الأجنبية الموظفة في الاقتصاد الفلسطيني كبيرا، فقد بلغت قيمته 3,659 مليون دولار أمريكي في الربع الرابع من العام المنصرم، بارتفاع بلغت نسبته 1% مقارنة مع الربع السابق.

وإن استمرار هذا التفاوت كما يؤكد مراقبون اقتصاديون له تداعيات سلبية على الاقتصاد الفلسطيني، الذي هو بأمس الحاجة لأن تُوظف أموال أفراده وشركاته في القطاعات الاقتصادية المختلفة، مشددين على أن الاستثمار الداخلي يساهم في زيادة الناتج المحلي، ويغطي احتياج المجتمع مع السلع والخدمات ويوفر فرص عمل.

ولا يخفي هؤلاء المراقبون أن عدة عوامل تدفع بالمستثمر الفلسطيني للعزوف عن الاستثمار المحلي، ونقل النشاط خارجاً، كارتفاع درجة المخاطرة في إثر أوضاع سياسية أمنية اقتصادية معقدة ومتأزمة، وفقدان الدعم والحماية من السلطة الفلسطينيّة للاستثمارات المحليّة، إلى جانب ارتفاع الضرائب والجمارك والرسوم مقارنة بالدول الجاذبة للاستثمارات.

وحسب الاختصاصي الاقتصادي د.أسامة نوفل، إن تخوف أصحاب رؤوس الأموال الفلسطينيين من درجة الخطورة والتوجه نحو الاستثمار الخارجي مُقدر، لكن لا ينبغي أن يبقى هذا التخوف قائماً خاصة وأن المجتمع الفلسطيني يواجه معدلات فقر وبطالة مرتفعة جداً، وأنه بأمسّ الحاجة إلى من يمسك بيده نحو بر الأمان.

وأضاف نوفل لصحيفة "فلسطين" أن حقولا كثيرة يمكن الاستثمار بها محلياً، أثبتت نجاعتها، وأنه يجب ألا نبقي عنصر المخاطرة شماعة لتبريرات عدم الاستثمار الداخلي.

ونبه نوفل إلى أن الاستثمار الفلسطيني في الخارج يعود بفائدة ضيقة على الفرد أو الشركة، لكن لو تم في الداخل، لعمت الفائدة المجتمع، وساهم الاستثمار في تخليص المجتمع جزءاً من مشكلاته الاقتصادية. 

واستشهد الاختصاصي بدول خرجت من حروب ومن تحت احتلال وبدأت تبني نفسها بذاتها واليوم أضحت من عداد الدول ذات الاقتصاد الكبير، وهو ما يعطينا نحن الفلسطينيين الدافع نحو الاستثمار في الداخل.

وأوضح الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وسلطة النقد الفلسطينية في نهاية الربع الرابع 2021، أن إجمالي أرصدة أصول الاقتصاد الفلسطيني قد بلغ 9,628 مليون دولار أمريكي، موزعة بين استثمار أجنبي مباشر بنسبة 3%، واستثمارات حافظة 16%، واستثمارات أخرى (أهمها العملة والودائع) 72%، وأصول احتياطية 9%. 

أما على المستوى القطاعي، فقد شكلت الاستثمارات الخارجية لقطاع البنوك (أرصدة في الخارج، ونقد في الصندوق، واستثمارات الحافظة في الخارج) 70% من إجمالي الأصول الخارجية للاقتصاد الفلسطيني.

وفي المقابل، بلغ إجمالي أرصدة الخصوم الأجنبية (الالتزامات) على الاقتصاد الفلسطيني (أرصدة غير المقيمين المستثمرة في فلسطين) حوالي 5,969 مليون دولار أمريكي، توزعت بين استثمار أجنبي مباشر بنسبة 50%، واستثمارات حافظة 14%، واستثمارات أخرى (أهمها القروض والودائع من الخارج) بحوالي 36%. أما على المستوى القطاعي، شكلت الاستثمارات الأجنبية في قطاع البنوك حوالي 36% من إجمالي الخصوم الأجنبية على الاقتصاد الفلسطيني.

في حين يرى الاختصاصي الاقتصادي د.سمير الدقران، أن المستثمرين الذين يقولون إنهم يوجهون جزءاً من أموالهم لداخل فلسطين، تكون استثماراتهم قليلة جداً، وفي نطاق فترة زمنية قصيرة، وتذهب نحو مشاريع استهلاكية أكثر مما هي إنتاجية.

ومع ذلك حث الدقران في حديثه لصحيفة "فلسطين" السُلطة الفلسطينية على أن تشارك المستثمرين المخاطر إن رغبت أن تُبقي الأموال في فلسطين.

وقال الدقران: "على السلطة أن تقدم للمستثمرين ضمانات في التعويض إن حدث لهم خسائر إلى جانب تقديم جملة من التسهيلات والحوافز فيما يتعلق بالعملية الاستثمارية".

وأشار الدقران إلى أن القطاع الصناعي أكثر القطاعات التي تعرضت لأضرار كبيرة في العدوانات الإسرائيلية المتكررة على قطاع غزة ولم يتلقوا كامل تعويضهم، وما تسبب ذلك في إغلاق أنشطتهم وحدوث أزمات مالية، وملاحقة من قبل الجهات المالية المقرضة كالبنوك.