بحجم المعركة التي تخوضها المقاومة الفلسطينية في الميدان بمواجهة الاحتلال، تخوض معركة أعقد وأكثر ضراوة في الساحة الخلفية.. "حرب العقول والرواية" تلك التي يسعى مسلسل "قبضة الأحرار" لتجسيدها في عمل درامي فلسطيني جديد في رمضان المقبل.
يبرز المسلسل، كما يوضح منتجو صراع العقول الذي تخوضه المقاومة بأدواتها وإمكانياتها وأساليبها ضد الاحتلال الإسرائيلي و"الحاضنة الشعبية" لها من الفئات الفلسطينية المختلفة على طريق تحرير فلسطين كاملة.
ويقول رئيس دائرة الإنتاج الفني في حركة "حماس" محمد ثريا، إن قصة "قبضة الأحرار" تدور حول عملية تحمل اسم المسلسل تنفذه المقاومة خلف خطوط العدو في الأراضي المحتلة عام 48، ويسلط الضوء على عدة قضايا أهمها: تسلل وحدة "سيرت متكال" إلى قطاع غزة وكيف تعاملت معها المقاومة.
ويبين كذلك أن المسلسل يتطرق كذلك إلى معركة "سيف القدس"، ويركز على أساليب الاغتيال المعنوي الذي ينفذها الاحتلال للنيل من مقاتلي المقاومة، ومن جانب آخر فساد المجتمع الإسرائيلي ومعركة تقاسم المصالح فيما بينهم.
من جانب آخر، يشير ثريا إلى أن المسلسل يتناول الحياة الاجتماعية للمواطنين في ظل الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ 15 عاماً، وما يلقيه من ظلال سلبية على حياتهم، مبرزًا في الوقت نفسه صوراً من التكافل الاجتماعي للمواطنين لتلافي آثار هذا الحصار.
ويذكر ثريا أن "قبضة الأحرار" يضاف إلى سلسلة سابقة من أعمال الدراما المقاومة التي أنتجتها الدائرة لتعزيز الوعي الجمعي الفلسطينية والعربي بالقضية الفلسطينية من جانب، وكجزء أصيل من ثقافة المقاومة التي أولت مبكرًا اهتمامًا قويًا بالفن.
ويقع المسلسل في 30 حلقة تمتد بين 40-45 دقيقة، ويحتوي على 1575 مشهدًا، وهو للكاتبين: فارس عبد الحميد وتسنيم المحروق، فيما أخرجه محمد خليفة.
صعوبات عديدة
صعوبات جمة اعترضت إنجاز هذا العمل وخروجه لـ"النور" لكن إيمان فريق العمل بأهمية رسالة "الفن المقاوم" وإبراز الالتفاف الشعبي حول المقاومة برغم "وعورة الطريق" جعله يتمكن من إنجاز العمل بصورة ستلقى إعجاب الجمهور، كما يبين مساعد المخرج سعد العطار.
ومن تلك الصعوبات، يقول العطار: "كان هناك مشاهد يجب تصويرها خارج فلسطين المحتلة لكننا لم نتمكنْ من ذلك لصعوبة السفر، فاضطررنا لخلق بيئة بديلة وتصويرها في غزة، فكان الأمر متعباً للغاية".
كما وقفت قلة الإمكانيات والموارد كـ"عائق" أمام العمل خاصة قِدم المعدات كالكاميرات وأجهزة المونتاج وعدم القدرة على تجديدها بسبب الحصار المفروض على غزة، "فهي نفس الأدوات التي نعمل بواسطتها منذ عقد كامل، ونكتفي بـ"تصليحها" ما أثر سلباً على سرعتنا".
ومن العقبات أيضاً – وفق العطار- عدم وجود أستوديوهات ومواقع تصوير جاهزة أو مدينة إنتاج إعلامي فكان كل إنجاز كل مشهد يستغرق وقتاً طويلاً، معبراً عن ثقته بأن المسلسل نُفذ بحرفية ودقة عالية جداً وأداء تمثيلي ممتاز أساسه سيناريو محترف.
وبين أن هذا ليس المسلسل الأول لفريق العمل كإخراج وممثلين وفنيين مما جعل لديه خبرة ممتازة في تجاوز العقبات والخروج بعملٍ أفضل من سابقاته، ويضاهي الأعمال الفنية في الخارج.
انسجام وتناغم
وتابع العطار: "كما أن الانسجام والتناعم بين أعضاء الفريق الذين يعملون كأسرة واحدة ساهم بشكل كبير في إنتاج هذا العمل الضخم"، لافتاً إلى أن الفريق وصل الليل بالنهار وبذل جهوداً مضنية رغم ضيق الوقت وقلة الإمكانيات.
وزاد مضى بالقول: "كنا نعمل قرابة عشرين ساعة في اليوم، خاصة أن أعضاء الفريق خمسة عشر عضواً فقط في حين في الخارج يكون فريق العمل لأي عمل فني قرابة 80 شخصاً، ما جعلنا نصاب بالإرهاق أثناء العمل".
ولكن إصرار الفريق على إنتاج دراما هادفة يحمل رسائل للفلسطينيين والعالم العربي والإسلامي والعالم أكمل، "ورسالة العمل بأن الاحتلال إلى زوال وتعريته أمام العالم".
وأعرب عن اعتقاده بأن الدراما الفلسطينية لها أهمية كبيرة في المقاومة، فهي تسير جنباً إلى جنب مع المقاوم الذي يحمل السلاح، "خاصة أن الاحتلال يحاربنا بأعمال فنية كمسلسل "فوضى" التي تشوه صورة المقاوم الفلسطيني وتصويره بأنه فاسد يسعى وراء مكاسب شخصية ومالية".
ومضى بالقول: "فـ"قبضة الأحرار" يؤكد بأن المقاوم يدافع عن قضيته الفلسطينية ويضحي بكل ما يملك من أجل وطنه وعاصمته القدس ولكي يعيش بكرامة".
بث عربي للمسلسل
وبالعودة إلى ثريا، سيعرض المسلسل على أكثر من قناة تلفزيونية حيث تجري الدائرة مباحثات مع 12 قناة تلفزيونية لعرضه من بينها: مكملين ووطن المصريتان، واليرموك الأردنية، وراجعين وفلسطين اليوم الفلسطينيتين، ودرر الجزائرية، والمنار اللبنانية.
وأبدى ثريا رضاه عن إنجاز المسلسل في وقت قياسي لتأخر بسبب الظروف الإنتاجية المعقد في إثر تهالك المعدات وصعوبة إدخال أخرى جديدة بسبب القيود التي يفرضها الاحتلال على المعدات التقنية.
وسبق للمنتجين أن قدموا تسع أعمال درامية تؤصل للمقاومة الفلسطينية وتجسد الحياة الفلسطينية من بيها: "الروح"، و"الفدائي" بجزئيْه، و"بوابة السماء"، و"حبر النار"، و"حساب مفتوح"، و"حياة وعايشينها".
وفي حين يؤكد ثريا أن "قبضة الأحرار" وغيره من دراما المقاومة هي الرد الأقوى على الأعمال الفنية التي الرامية لتشويه صورة المقاومة كـ"صالون هدى" و"أميرة"، "فقبضة الأحرار يظهر الصورة الطاهرة النقية لمقاومة شعبنا".