قائمة الموقع

بين جدران السجون.. أسيرات لا ينمن الليل من فرط أوجاعهن

2022-03-18T09:33:00+02:00
الأسيرة إسراء الجعابيص

 

"رؤية ابنتك تتألم من جراحها دون قدرتك على أن تمد لها يد العون" شعورٌ يجعل من زيارة والدة الأسيرة الجريحة مرح باكير لابنتها أمرًا يزيد همها ويضاعف معاناتها ويؤرق ليلها، فالإهمال الطبي المتعمد الذي تتعرض له الأسيرات الجريحات يفاقم معاناتهن الصحية، فتمر سني الاعتقال ببطء شديد على أسيرات لا ينمن الليل من فرط أوجاعهن.

فرغم مرور ستة سنوات وأربعة شهور –وفق والدتها- على اعتقال باكير فإن ذلك لم يحرك ساكنًا في إدارة سجون الاحتلال لتخليصها من أوجاعها وإعانتها على استرداد عافيتها، "بل حتى الدواء اللازم لا يقدمونه لها، منذ ثلاثة سنوات ونصف وأنا أتابع مع المؤسسات الدولية للضغط على الاحتلال لعلاجها لكن دون فائدة تذكر"، تقول والدتها سوسن المبيض، آسفة في يوم الجريح الفلسطيني الذي يحييه الفلسطينيون في الثالث عشر من مارس كل عام.

"مرح" هشم رصاص الاحتلال يدها اليسرى "16 رصاصة" في أثناء عودتها من مدرستها في الشيخ جراح بالقدس المحتلة في الثاني عشر من أكتوبر 2015، ثم اعتقلها الاحتلال وحكم عليها بالسجن ثمانية سنوات ونصف.

لم يقدم لها الاحتلال أي عناية طبية سوى إزالة الرصاص من يدها وزرع بلاتين في المنطقة ما بين الكوع والكتف بعد أنْ هشم الرصاص العظام والأعصاب فيها، "لم تشعر ابنتي براحة من الألم ولو لحظة منذ اعتقالها، فهي تتعرض لإهمال طبي متعمد".

وحتى العملية التي أجريت لـ"مرح" من أجل إزالة الرصاص خلفت آثار سلبية على الحالة الإكلينيكية لليد، إذ تبين من خلال صورة أشعة أجريت لها بضغط من مؤسسة دولية في نوفمبر/ تشرين ثان من عام 2020م أن الأوتار والأعصاب مربوطة بالبلاتين فيما يبدو أنه إجراء متعمد لزيادة آلامها وليس خطأ طبيًا غير مقصود!

وتبين المبيض أنّها تواصلت مع أطباء كثر خارج السجن ليطمئنوها على صحة ابنتها لكنه أخبروهم بضرورة إجراء أشعة مقطعية وأن الفحوصات التي أخضعتها لها إدارة السجن غير كافية لمعرفة حقيقة وضعها الصحي، "لكن الاحتلال يرفض قطعًا السماح لأي أطباء من خارج السجن بفحصها، فوضع يدها الصحي الآن غاية في السوء وقد تُصاب بالشلل في حال القيام بأي عملية أخرى غير ناجحة".

تجاهل متعمد

ورغم معرفة الاحتلال بحاجة باكير لإجراء عمليات جراحية لتصحيح وضع يدها إلا أنهم قفزوا عن ذلك كله وأخضعوها لجلسات علاج طبيعي لم تأتِ بفائدة لخلو يدها من العضلات بفعل الإصابة، "هي بحاجة لزراعة عضلات في اليد بشكل عاجل"، تقول والدتها.

وتشير إلى أن الحرارة العالية في الصيف والبرودة القارسة في الشتاء يضاعفان معاناة مرح، كما أن الاحتلال يخضعها للعقوبات التي يفرضها بحق الأسيرات الأخريات كالعزل الانفرادي دون مراعاة لوضعها الصحي.

ولا تستطيع المبيض تخيل الكيفية التي تعيش فيها ابنتها في السجن، تقول:" قبل اعتقالها وقعت في منزلنا وأصيبت بيدها اليمنى، كنت لا أتركها تتحرك وأطعمها الأكل بيدي في فمها، وأقوم بكل أمورها الشخصية، فكيف تدبر أمرها وهي بعيدة عني ويدها مهشمة بالكامل؟!!".

وتحلم المبيض باليوم الذي تتمكن فيه المقاومة بغزة من إتمام "صفقة تبادل أسرى" مع الاحتلال، لتتمكن من احتضان مرح وتقديم العناية الصحية التي تخلصها من أوجاعها للأبد، " لا يمكن وصف الشعور حين زيارتها ورؤيتها تتألم دون أن أستطيع أن أمد يد العون لها".

إسراء.. صورة غير منسية

ولا يختلف الحال كثيرًا لدى الأسيرة الجريحة إسراء جعابيص التي انفجرت فيها أنبوبة غاز قبيل اعتقالها من قوات الاحتلال في الحادي عشر من أكتوبر عام 2015م، فأصيب بحروق بالغة الدرجة في 50% من جسدها، وفقدت 8 من أصابع يديها، وتشوهات في منطقة الوجه والظهر.

وحكم الاحتلال على "جعابيص" بالسجن لمدة 11 عامًا، ومنذ اعتقالها وهي تتعرض لإهمال طبي متعمد رغم حاجتها الماسة لعدة عمليات جراحية، ما يجعلها تعيش وضعًا صحيًا بالغ السوء.

تقول شقيقتها منى: "شقيقتي تعاني للحصول على "حبة أكامول" في السجن، فما بالك بحاجتها الماسة لإجراء عمليات جراحية متعددة؟ هم يمارسون إهمالًا طبيًا متعمدًا بحقها".

وتشير إلى أن شقيقتها بحاجة لعمليات "حيوية" تمكنها من القيام بمهامها اليومية كأي إنسان آخر، وأخرى تجميلية لمعالجة التشوه البالغ الذي تعاني منه، وعمليات لزراعة أطراف، "فقد قدر الأطباء الذين عرضنا عليهم تقرير الاحتلال الأولي عن وضعها الصحي أنها بحاجة لثمانية عمليات جراحية عاجلة".

ولكن الاحتلال – وفقًا لـ"منى"- لا يقيم وزنًا للإنسانية في التعامل مع إسراء كما هو الحال مع الأسرى الفلسطينيين الذين ينظر لهم بعدائية، ولا يكتفي بإهمالها طبيًا بل إنه لا يعاملها بشكل إنساني أو كـ"حالة خاصة" بتاتًا.

وتحت ضغط حملة "أنقذوا إسراء جعابيص" التي أطلقتها العائلة في 2017 ولقيت تفاعلًا دوليًا أجرى لها الاحتلال عملية لرفع جفن العين اليمنى وفك الالتصاق تحت الإبط الأيمن، "لكنها بحاجة ماسة لترميم الأنف لتتمكن من التنفس، وعمليات لفك الالتصاقات في كفيْ يديها، ولإنقاذ الإصبعيْن المتبقيين في يديها وفك الالتصاق في الأذن وغيرها".

يشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي ما زال يحتجز خمس أسيرات فلسطينيات جريحات، منهن بالإضافة لـ"باكير" و"جعابيص"، الأسيرات: نورهان عواد وشروق دويات.

اخبار ذات صلة