فلسطين أون لاين

لتخبطها في إدارة المال العام

تقرير "منتفعو الشؤون" ضحية.. إرجاء "المساعدة الأوروبية" يفتح باب الانتقاد للسلطة

...
وقفة احتجاجية لمنتفعي الشؤون بغزة (تصوير: ياسر فتحي)
غزة/ رامي رمانة:

يفتح إرجاء الاتحاد الأوروبي التصويت على تحويل المساعدات السنوية إلى السلطة باب الانتقاد مُجدّدًا لسلوك الأخيرة المالي التي رهنت نفسها للمساعدات المالية الخارجية، وسط تغييب قسري للخُطط الإستراتيجية بعيدة المدى، وعدم انتهاج السلطة تقشُّفًا حقيقيًّا في النفقات العُليا، ومُكافحة صور الفساد في المؤسسات الرسمية.

وشكّلت خطوة الاتحاد الأوروبي -التي كشفت عنها صحيفة "هآرتس" العبرية- ضربة قوية لمُتلقّي الشؤون الاجتماعية، الذين ينتظرون لليوم (447) على التوالي صرف شيكاتهم، حيث يُساهم الاتحاد بنسبة (40%) من هذه المُخصّصات.

والاتحاد الأوروبي الداعم الأكبر للسلطة منذ تأسيسها، امتنع لأول مرة عن دفع مساهماته المالية السنوية العام الماضي، بسبب ما أرجعه مسؤولون في الاتحاد إلى "أسباب فنية".

وعبَّر المُتحدث باسم الهيئة العُليا للمُطالبة بحقوق فقراء ومنتفعي الشؤون الاجتماعية صبحي المغربي، عن صدمةِ مُنتفعي الشؤون في قطاع غزة من قرار التأجيل، مُبيّنًا أنّ الأسرَ المُتعفّفة كانت تُعوّل على أن تتلقّى مُخصّصات الشؤون قبل دخولِها شهر رمضان الذي يفصلُنا عنه نحو أسبوعين.

وبيّن المغربي لصحيفة "فلسطين" أنّ منتفعي الشؤون يمضي عليهم 447 يومًا، دون أن يتلقّوا مُخصّصاتهم، وأنّ أوضاعهم المعيشيّة صعبة للغاية، وعاجزين عن تسديدِ ديونِهم المُتراكمة، أو تأمين أدنى مُستلزمات حياتهم، لا سيّما في ظلّ الارتفاع الحاصل في الأسعار.

وحمّل المُغربي السلطة المسؤولية الكاملة عن حياةِ منتفعي الشؤون، وطالبها بإيجادِ بدائلَ بأقربِ وقتٍ لصرفِ المُخصّصات، كما تفعل مع رواتب مُوظّفيها حينما تدخل أزمة مالية جرّاء قرصنةِ الاحتلال أموال المقاصة.

وأكّد المُغربي استمرارهم الاعتصام قبالة برنامج الأمم المتحدة (UNDP)، حتى نيل حقوقهم المشروعة، مُشدّدًا على أنّ مُخصّصاتهم "حقٌّ وليس منّة من أحد".

تجدُر الإشارة إلى أن خيمة الاعتصام المقامة قبالة(UNDP)  تدخل يومها 18 على التوالي، وهدد المعتصمون فيها بالإضراب عن الطعام إن استمرت السلطة تجاهل معاناتهم، وأهابوا بالمؤسسات الحقوقية والإنسانية التدخل للالتفات لمعاناتهم.

وتتفاوت قيمة المساعدة المالية التي تُقدّمها وزارة التنمية الاجتماعية من أُسرةٍ لأخرى حسب حجمها وإعالتها، والمبالغ تتراوح من 700 شيقل إلى 1800 شيقل لكلّ منتفع.

وقدّر المُغربي قيمة الحقوق المالية لمُنتفعي الشؤون الاجتماعية المُتراكمة على السلطة والاتحاد الأوروبي نحو مليار ونصف المليار شيقل منذ 2017. 

وبيّن أنّ منتفعي الشؤون الاجتماعية في قطاع غزة والضفة الغربية، لم يتلقّوا أربعة مُخصّصات مالية في عام 2021، والمُقدّر قيمتها 548 مليون شيقل، و7 مُخصّصاتٍ مالية أُخرى لم يتسلّموها من عام 2017 وحتى 2020، تُقدّرُ قيمتها 959 مليون شيقل.

"لم تُدرك الدرس"

من جهته بيّن الاختصاصي الاقتصادي د. سمير الدقران، أنّ السلطة يبدو أنها لم تُدرك الدرس جيدًا بأنّ المساعدات المُقدّمة لها مشروطة، سواء من الدول الغربية أو العربية، مُوضّحًا أنّ واشنطن سبق أن رهنت مساعداتها للفلسطينيّين بالمس بالقضايا الوطنية، واليوم الاتحاد الأوروبي يُساوم على تغيير المنهاج الفلسطيني، كما أنّ الغربَ مُنشغلٌ بتوجيه دعمه لأوكرانيا في مُواجهتها حرب روسيا عليها.

وأضاف الدقران لصحيفة "فلسطين" أنّ السُلطة ينبغي عليها أن تُعيد سلوكها المالي، وأن تُخفّض من فاتورة النفقات، وعلى وجه الخصوص رواتب كبار مُوظّفيها، وأن تُخفّض النفقات في السفارات الفلسطينية حول العالم، وأن تُوقفَ التوظيف العشوائي.

ودعاها إلى الاهتمام بالموارد الطبيعية المُتاحة، والعمل على استثمارها بالشكل المأمول لتأمينِ احتياج المُنتجين من المواد الخام، وفي المُقابل حماية المُنتج المحلّي من المستورد، لأنّ هذه الحماية تُوفّر آلاف فرص العمل، وتُخفّض مُعدّلات البطالة.

كما حثّ الدقران السلطة على الضرب بيدٍ من حديد كلّ من يسرق المال العام، وتقديمه للمحاكمة وتعرية حقيقته أمام المجتمع الفلسطيني لأنّ التستُّر عليه بمثابةِ غطاءٍ رسميٍّ للاستمرار في تقويض المال العام، داعيًا السلطة إلى وضع جدولٍ زمنيٍّ لتسديدِ الدَّيْن العام والتراكمات المالية.

وتُفيد وزارة المالية برام الله بأنّ (11.99) مليار شيقل إجمالي الدَّيْن العام المُستحق على السلطة بنهاية 2021،  و(17.7) مليار شيقل إجمالي المُتأخّرات المتراكمة بنهاية 2021.

وبحسب صحيفة "هآرتس"، فإنّ الإرجاء الجديد لتحويل المساعدات للسلطة جاء بعد أن فشل "أصدقاؤها" في الحصول على الأغلبية لإلغاءِ طلبِ مُمثّل المجر لربطِ تحويلِ تلك المساعداتِ بتغيير المناهج الدراسية في مدارس الضفة الغربية".

وذكرت "هآرتس" أنه "في نيسان / أبريل 2021، تبنّت لجنة مراجعة الميزانية في البرلمان الأوروبي موقف المجر، واشترطت تحويل تلك المساعدات البالغة 214 مليون يورو، بتغيير المناهج الدراسية على أساس أنها تتضمّن موادًا تحريضية ضدّ دولة الاحتلال.

من جانبه قال مسؤول مكتب الإعلام والاتصال في الاتحاد الأوروبي بالقدس المحتلة شادي عثمان، إنّ "نقاشًا يجري حاليًّا داخل الاتحاد الأوروبي بين أكثر من مؤسسة بخصوصِ هذه الميزانية".

وأضاف لوكالة "صفا": "حتى اللحظة لا يوجد قرارٌ بخصوص الميزانية، ولا نستطيع أن نُعلّق على أنباء تأجيلِها في ظلّ استمرار النقاش".

وكان الاتحاد الأوروبي يُخصّص عادةً 300 مليون يورو سنويًّا للفلسطينيين، 100 مليون منها تذهب لوكالة غوث، وتشغيل اللّاجئين "الأونروا"، و200 مليون على شكلِ مشاريعَ ودعمٍ مُباشرٍ لخزينةِ السلطة.