قائمة الموقع

المسن "خضر".. هدمُ بيته قسرًا لم يسقط 60 شيكًا للاحتلال

2022-03-14T08:22:00+02:00
جرافات الاحتلال تهدم منزلا في القدس (أرشيف)

جال المسن محمود خضر بنظره نحو بيته في حي رأس العمود بالقرب من بلدة سلوان، وسط مدينة القدس المحتلة، الذي أصبح كومة حجارة بعد أن أرغمه الاحتلال الإسرائيلي على هدمه بيده قسرًا، تساقطت الدموع من عينيه حسرة على منزل عاش سنوات شقاء وجوع حتى يعمره وهو يردد "عايش أنا والحجة لحالنا وين بدنا نروح، هينا في الشارع؟!".

عاش خضر (78 عاما) أكثر من 50 عاما في بيوت بالإيجار، مضى شبابه عاملًا بسيطًا يضرب الأرض ليوفر قوت يومه. وقبل 21 عامًا بنى بيتًا متواضعًا سقفه من ألواح الصفيح على مساحة لا تتعدى 80 مترًا، عليه يرتاح في سنوات عمره اللاحقة.

في العام 2009م طالبه الاحتلال بدفع ترخيص بقيمة مليون شيقل، ولأنه لا يمتلك المال لأجل ذلك، ضاعف الاحتلال المبلغ بغرامات مالية لا يزال يسددها حتى اليوم ووصل مقدار ما دفعه إلى 128 ألف شيقل.

وفي عام 2022 أصدرت سلطات الاحتلال قرارا بهدم بيته في 21 من فبراير الماضي، وفي حال لم ينفذ القرار قبل هذا التاريخ، ستتولى المهمة جرافات بلدية الاحتلال مع تغريمه 70 ألف شيقل.

نبرات صوته تنبض بالألم، يتحدث لـ"فلسطين" بتثاقل: "اضطررت إلى تدمير بيتي بيدي خوفا من دفع المزيد من الغرامات، وبعدها تشتت شملنا، تعيش زوجتي الآن في بيت ابنتها أما أنا فأعيش في بيت ابني. جميع أولادي يقطنون في بيوت صغيرة وبالإيجار في القدس".

ويتابع: "بعد أن حلمنا ببيت يؤوينا في آخر عمرنا، جاء الاحتلال وأعادنا مشردين في الشارع وكما كان حالنا أيام النكبة 48م، ويمنعنا من بنائه مجددا حتى لو غرفة من الخشب".

ويعاني الحاج محمود وزوجته من العديد من الأمراض، حيث لا يقوى على الحركة بمفرده لأن يصاب بدوار مفاجئ.

ورغم هدم بيت المُسن خضر تعسفيًّا، فإنه مطالب بسداد 60 شيكا غرامات مالية متبقية عليه، بمقدار 400 شيقل شهريا، وإذا تأخر عن موعد السداد يُغرم مثلما حدث معه العام الماضي حينما مر شهران على موعد الدفع دون أن يستطيع توفير المال، فقام الاحتلال بتغريمه 30 ألف شيقل إضافية.

تتساءل زوجته الحاجة نظمية: "وين بدنا نروح؟ يريدون تهجرينا من بيوتنا، لكي يستولوا على أراضينا، ويعاقبونا أيضا بالضرائب التي تزيد من معاناتنا في ظل غلاء المعيشة، وارتفاع أسعار إيجارات البيوت".

وتتابع: "كل أولادي يعيشون ظروفا مادية صعبة، وبيوتهم صغيرة بالكاد تكفيهم ويدفعون 3000 شيقل بدل إيجار، بخلاف فاتورتي الماء، والكهرباء، والأرنونا".

دَين فوق الغرامات

على حين يبين نجله محمد أن والده سلك كل الطرق القانونية، ووكل أكثر من محامٍ لتعامل مع قضيته، وكان ملتزمًا سداد المخالفات، والغرامات المالية، ومددت له محاكم الاحتلال قرار الهدم عدة مرات، ولكن فجأة أصدرت البلدية قرارًا بالهدم، ولم تمهله إلا بضعة أيام.

ويلفت محمد أن والده لا يعمل وليس لديه دخل ثابت يعتاش منه، لذا يضطر في كل مرة إلى الاستدانة لكي يدفع المخالفات خشية عليه من دخول السنة.

ورغم التهجير القسري، والهدم، والتشريد، يختم المسن خضر مؤكدًا "فلسطين النا، ومش راح نطلع من بلادنا مهما عملوا".

وتشهد أحياء وبلدات القدس عملية تهجير ممنهجة في الآونة الأخيرة، في ظل تزايد غير مسبوق في عمليات الهدم.

ووفقًا لقانون (كمينتس) المصدق عليه من حكومة الاحتلال آواخر عام 2017، بتعديله رقم 116 لقانون التنظيم والبناء" الإسرائيلي، فإنّ مدينة القدس قد تشهد خلال الأيام والأشهر المقبلة أرقامًا قياسية للهدم، قد تصل إلى 250 منزلًا ومنشأة، نصفها تقريبًا في بلدة جبل المكبر، جنوب القدس المحتلة.

اخبار ذات صلة