يواصل عمال ومهندسون الليل بالنهار لإنجاز مشروع خندق أسمنتي مهمته الأساسية تجميع مياه الأمطار وتصريف الزائد منها إلى البحر، منعًا لطفحها في الشوارع ومنازل المواطنين خلال فصل الشتاء وما يرافقه من منخفضات جوية مطرية.
وتنفذ بلدية غزة المشروع في حي الرمال، أحد أهم أحياء المدينة الأكثر اكتظاظًا بالسكان من بين محافظات القطاع الساحلي البالغ مساحته 365 كيلومترا مربعا.
ويشمل المشروع، حسبما يفيد مدير وحدة التخطيط التنموي في بلدية غزة م. ماهر سالم بناء خندق أسمنتي تحت الأرض بعرض متريْن وارتفاع متريْن، بطول يصل إلى 430 مترًا.
وأشار سالم لصحيفة "فلسطين" إلى أن الخندق مخصص لتجميع مياه الأمطار وتصريفها إلى البحر، لكن من المقرر أن يستفاد من الأمطار خلال وجودها داخل الخندق لحقن الخزان الجوفي بدلا من أن تكوِّن بركًا في الشوارع وتعطل حركة السير.
وذكر أن المنطقة التي يجري تنفيذ المشروع فيها تعرضت لأضرار كبيرة خلال العدوان الإسرائيلي الواسع على غزة في مايو/ أيار 2021، ونتج عن ذلك طفح مياه الأمطار وتجمعها في المنطقة المجاورة لمسجد الكنز وكذلك في المنطقة المقابلة لمركز خدمات جمهور صحيفة فلسطين.
ولفت إلى أن المنطقة ذاتها منخفضة تصب فيها مياه الأمطار من كل زاوية ومحيط، وكان الخندق أفضل حل سريع وعاجل لهذه الأزمة، مبينًا أن الخندق يضم عشر حفر تصل إلى الخزان الجوفي، حيث يتم ترشيح مياه الأمطار على قدر إمكانية هذه الحفر، وكل واحدة منها لديها قدرة على ترشيح ما بين 200- 400 كوب مياه في اليوم.
وكشف عن أن تكلفة المشروع بالكامل تصل إلى مليون و680 ألف دولار، ويشتمل المشروع أيضًا على خطوط تصريف مياه أمطار قطرها متر وطول 770 مترًا، وشبكات صرف صحي بقطر 630 ملمتر وطول 600 متر، وخطوط صرف صحي قطرها 630 ملمتر بطول 600 متر، وخطوط صرف قطرها 450 ملمتر بطول 350 مترًا، وخطوط مياه قطرها 8 إنش بطول 370 مترًا، وخطوط مياه قطرها 8 إنش وطولها 600 متر، إضافة إلى أعمال أرصفة وطرق.
باكورة مشاريع
وحول مدى إمكانية تنفيذ مشاريع أخرى تحمل نفس الشكل والأهداف، أفاد سالم بأن هذا المشروع باكورة مشاريع الترشيح بالأسلوب الحديث، حيث سيتم مراقبته ودراسة مدى نجاعته وتكراره في مشاريع أخرى مشابهة.
وأضاف أن تنفيذ المشروع بدأ مع حلول فبراير/ شباط الماضي وينتهي العمل به نهاية يونيو/ حزيران المقبل، مشيرا إلى أن العمل في المشروع لا يتوقف إطلاقًا، حفاظًا على الحركة في هذه المنطقة التجارية (شارع الوحدة والرمال)، وذلك رغم المخاطر التي تواجه العاملين خاصة خلال مرحلة الحَفر، إذ يصل عمق الحُفَر إلى 4 أو 6 أمتار، مع وجود حركة سير وتأثيرات الضربات الجوية العنيفة على التربة خلال العدوان الإسرائيلي.
وبيَّن أن العاملين في الميدان يستخدمون طرق تدعيم مختلفة لمنع أي انهيار، مع اتخاذ جميع الإجراءات الهندسية اللازمة، واستخدام آليات للحفاظ على جوانب الحُفر.
وقال مدير عام مصلحة مياه بلديات الساحل منذر شبلاق إن ما تنفذه بلدية غزة حاليا يأتي ضمن مشروع كامل لإنشاء شبكة تجميع مياه أمطار، لتعزيز الخزان الجوفي الذي تدلل شواهد كثيرة على ملوحته.
وبين شبلاق لصحيفة "فلسطين" أن أحد أهم الحلول الاستراتيجية المستقبلية لتحسين الخزان الجوفي واستعادة عافيته في ظل الاستهلاك المتزايد وارتفاع أعداد السكان، تجميع مياه الأمطار بالطاقة القصوى للجهات المختصة من بلديات وغيرها.
وأضاف أن الشبكات المخصصة لتجميع مياه الأمطار تعد من أفضل الوسائل لحقن الخزان الجوفي، مشيرًا إلى أن مصلحة بلديات الساحل وبلدية غزة سارعتا عقب انتهاء العدوان العسكري السنة الماضية إلى إصلاح شبكات التصريف لاستمرار تجميع مياه الأمطار، وكذلك بحثا عن وسائل جديدة لتجميع الأمطار، فكانت فكرة الخنادق الأسمنتية التي تستوعب أكبر كمية ممكنة من الأمطار.
ولفت إلى أن من أهداف المشروع منع الفيضانات وتجمع البرك المائية في منطقة مسجد الكنز وشارع الثورة، وشارع أمين الحسيني بحي الرمال، والحفاظ على خصوصية هذه المناطق التجارية والسياحية.
واعتبر شبكات تصريف المياه التي تنفذها بلدية غزة حاليا من الحلول الإبداعية لتجميع مياه الأمطار وحقن الخزان الجوفي، منبها إلى وجود خطة يتولى مهام تنفيذها السكان داخل منازلهم بفصل خطوط تصريف مياه الأمطار عن شبكة تصريف الصرف الصحي، وأن تحقن مياه الأمطار للخزان من خلال حفرة امتصاصية، وإن لم يتمكنوا من ذلك عليهم توجيهها إلى الشارع لتتولى الجهات المختصة مسؤولية تجميعها في الأماكن المخصصة.