قائمة الموقع

​مي الغصين.. على جدران السّجن طوّرت موهبتها

2017-07-11T06:22:23+03:00

خلف أسوار السجن، أطلقت العنان لموهبتها، ورغم ظروف الاعتقال والإجراءات المفروضة على الأسرى، قررت بإصرار إطلاق مسيرة النقش على النحاس من داخل المعتقل، فاتخذت من جدران الزنزانة والسجن وسيلة للتفريغ النفسي، وسخّرتها لخدمة موهبتها في الرسم، وبحثت عما يمكن إعادة تدويره مما يتوفر في محيطها، فاستخدمت عبوات معجون الأسنان بعد انتهاء محتواها لتصميم براويز وهدايا يتم إرسالها للأهل خلال الزيارة، وهكذا فعلت مع عدة أدوات أخرى.

الأسيرة المحررة مي وليد الغصين (46 عامًا)، من بلدة بيتونيا، تعيش حاليًا في قرية بيت سيرا قضاء رام الله، وهي أم لطفلين "خطاب" و"زهرة"، نالت شهادة الدبلوم في تخصص الفنون الجميلة.

موهبة خلف القضبان

في حوار مع "فلسطين"، تسرد الغصين حكاية بداياتها في الرسم، التي ظهرت موهبتها فيه مع نعومة أظافرها: "كنتُ أعشق الرسم، وأنتظر حصة الفنون في المدرسة بفارغ الصبر لأُخرج ما بداخلي".

في الخامس عشر من يونيو/ حزيران عام 1991، اعتقلت قوات الاحتلال ضيفتنا أثناء تواجدها في منطقة باب العامود في القدس المحتلة، واستمر اعتقالها حتى عام 1997، وتعرضت خلال سنوات الأسر لظروف اعتقال مختلفة من ضرب من قبل الجنود الإسرائيليين، وانتقال لمراكز التحقيق، واستخدام وسائل تعذيب جسدي ونفسي ضدها، إلى جانب التهديد باعتقال أخيها.

قالت الغصين: "رغم كل الظروف الصعبة داخل المعتقل، إلا أني واصلت ممارسة هوايتي، فكنت أرسم على جدران الزنزانة، وأنقش عليها كل ما يخطر ببالي".

كانت الغصين تزيّن أوراق الرسائل، وتصمم بطاقات مزخرفة بالورد والشموع ، وكانت تصنع من عبوات معجون الأسنان الفارغة براويز وهدايا يرسلها الأسرى لذويهم، أو يقدمونها لهم خلال الزيارات، كما كانت ترسم لوحات عن أوضاع الأسر.

تحليق خارج الأسر

وفي عام 1997م تم الإفراج عن جميع الأسيرات في سجون الاحتلال على إثر موقفهن الرافض للإفراج عن بعضهن نتيجة لـ"اتفاق طابا"، وكانت ضيفتنا ممن تحررن آنذاك.

خلال سنوات الاعتقال، اجتازت الغصين اختبارات الثانوية العامة، وبعد الإفراج التحقت بكلية فلسطين التقنية لدراسة الفنون الجميلة، وبعد التخرج بدأت بالمشاركة في المعارض الفنية على مستوى محافظات الوطن.

وأثناء دراستها الجامعية، التحقت بدورة فنون جميلة تعلمت فيها النقش على النحاس، وكان ذلك بداية إعجابها بمادة النحاس، خاصة أن فكرته كانت قريبة من البراويز التي كانت تصنعها في المعتقل من عبوات معجون الأسنان الحديدية.

وأوضحت: "اتجهت تدريجيًا إلى النقش على النحاس، كهواية جديدة أمارسها، ومن خلال المعارض وجدت إقبالًا غريبًا على اللوحات النحاسية، لحداثة الأمر وقلة العاملين في هذا المجال، فنقشتُ رسومات ناجي العلي، وزخارف تراثية، وآيات قرآنية".

ونظرًا لعدم انتشار هذا الفن، كانت الأدوات المستخدمة في صناعة لوحات النحاس بسيطة، خاصة أنه في ظل عدم توفر أدوات خاصة للنقش، فكانت تستخدم أقلام الحبر الفارغة والخشب، كما قالت.

ونوهت الغصين إلى أنها في عام 2005 توقفت عن العمل لفترة لانشغالها بتربية أطفالها، وعادت لهوايتها مجددا عام 2010، وعملت على تحسين أدائها من خلال دورات تدريبية حول كيفية إدارة المشاريع وتطويرها، خاصة أن هناك إقبالا على ما تقدمه.

مشوارها لم يخلُ من العثرات، فواجهتها عقبة في التسويق لمنتجاتها، خاصة أنه يتم فقط عبر معارض داخلية في الوطن، إلى جانب ارتفاع أسعار الصفائح النحاسية وغيرها من المواد الخام التي تحتاجها.

وتحلم الغصين بتطوير مشروعها، حيث تعمل حاليًا مع مجموعة سيدات القرية على تأسيس "نادي المبدع الصغير"، وتدرّب مجموعة من الأطفال، من خلال المخيمات والتطوع في المدارس، على النقش على النحاس، وذلك لتأسيس مجموعة محترفة من الأطفال المتخصصين في النقش على النحاس، "فهو إلى جانب أن كونه فنّا جميلا، فإنه أيضًا حرفة يجب توريثها للأجيال القادمة"، وفق قولها.

اخبار ذات صلة