لم يكن لدى عبد الرحمن بشتاوي مزيد من الوقت سوى ساعة واحدة أو أقل في اليوم الواحد لمداعبة طفليه عبد الله (3 أعوام) ومريم (عام ونصف)، لكنه الآن ليس بإمكانه مداعبتهم، بل لا يراهم مطلقًا بعد اعتقاله في سجون أجهزة أمن السلطة.
الأحد الماضي، استدعى جهاز الأمن الوقائي في نابلس، شمالي الضفة الغربية، بشتاوي (28 عامًا)، وعندما وصل المقر أخبروه أنه معتقل، وعلى إثر ذلك أعلن إضرابه المفتوح عن الطعام.
تعيش زوجته ربا، ظروفًا مليئة بالخوف والقلق على زوجها الذي اعتقل مرات سابقة في سجون أمن السلطة على خلفية سياسية لا تعلم عنها العائلة أي شيء، وينفيها بشتاوي دائمًا في أثناء التحقيق معه.
وأضافت ربا لصحيفة "فلسطين"، أن الوقائي يتهم زوجي هذه المرة بجلب الأموال، وتقديم دروس قرآن في المساجد.
لكن زوجها نفى ذلك قطعًا وأكد لهم مرارًا وتكرارًا أنه لم يشارك في ذلك على الإطلاق، بحسب قولها.
وذكرت أن زوجها ليس لديه الوقت الكافي حتى يشارك في جلب الأموال لتنظيمات أو غير ذلك، وهو يستغل جل وقته في العمل بمكانين، ويواصل النهار بالليل لتحصيل قوت عائلته.
وأشارت ربا إلى أن زوجها مرتبط مع شركتيْن محليتيْن، الأولى تعمل في التنظيف، والثانية في تجارة المكسرات، وهو يخرج في الصباح الباكر من بيته ويعود إليه ليلًا، ولا يكاد يجتمع بها وأبنائهما سوى ساعة أو أقل يوميًا.
واستغربت توجيه تهم مثل تقديم دروس دينية في المساجد، وكأن تعليم الدين صار جريمة، كما ترفض بشدة اتهامه بجلب الأموال، وقالت إن هذه التهم ملفقة.
والمعتقل السياسي بشتاوي أسير محرر أمضى سنوات من عمره في سجون الاحتلال قبل أن يطلق سراحه.
وأول من أمس، عرض بشتاوي على محكمة تتبع قضاء السلطة، بحضور والده، وقد فوجئ وكاد أن ينهار بعد رؤية نجله بحال هزيل جدًّا ويساعده اثنان من عناصر الأمن على السير، وذلك بعد أيام على اعتقاله وإعلان إضرابه المفتوح.
وأخبر المعتقل بشتاوي القاضي بالانتهاكات التي يتعرض لها في سجن الوقائي، وقال إنه يتعرض للشبح، ويحققون معه في تهم ليست موجهة ضده.
وفوجئ القاضي بكلام بشتاوي، وطلب منه إنهاء إضرابه، فرد عليه أنه لن يفعل ذلك إلا بين أبنائه.
وحسبما أفادت عائلة بشتاوي، نقلًا عن مصادر خاصة، أن نجلها المعتقل نقل بواسطة نقالة إلى جهة غير معلومة، في حين تبدي العائلة مخاوفها من محاولات أمن السلطة إطعامه قسرًا وإجباره على كسر إضرابه.
ويحظر على عائلته زيارته بقرار من أمن السلطة.
وتحرص الأخصائية الاجتماعية رندة قادري، وهي حماة المعتقل السياسي، على زيارة بيت صهرها للاطمئنان إلى زوجته وطفليها عبد الله وعمر.
وقالت قادري لـ"فلسطين"، إن الطفليْن ووالدتهما يعيشون ظروفًا مأساوية بسبب تغييب عبد الرحمن، وخاصة الطفل عبد الله وقد أصبح يعاني نوبات بكاء تستمر لساعات، وهذا بسبب غياب والده الذي فقده فجأة.
وتابعت: لا يمكن تخيل الحالة التي تعانيها زوجته وأبناؤه.
وأدانت بشدة التهم الموجهة لصهرها، لأن بشتاوي لو كانت له علاقة بجلب الأموال لأحد، لما وجدناه يعمل في مكانين ويغيب عن بيته ساعات طويلة إلى جانب عمل زوجته في صناعة التزيين للمواليد، وهما بالكاد يقدران على تحمل أعباء المصاريف.
ويتجهز الزوجان معًا لامتلاك بيت جديد والاستقرار فيه بعد سنوات من العيش في بيت ليس ملكهما، لكن اعتقاله لدى أمن السلطة يثير المخاوف على حالته الصحية ومدى تأثير ذلك على حياته إذا استمر اعتقاله وواصل إضرابه المفتوح.