يصادف اليوم الثلاثاء 8 مارس/ آذار، الذكرى الـ19 لاغتيال أحد أبرز قادة حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وأبرز مؤسسي العمل العسكري في فلسطين، المُفكّر إبراهيم المقادمة.
وفي تفاصيل الحدث، استهدفت طائرات الاحتلال في الثامن من مارس آذار 2003، بعدة صواريخ، سيارة القيادي المقادمة أثناء سيرها في شارع فلسطين بمدينة غزة، ما أدّى لاستشهاده وثلاثة من مرافقيه وأحد المواطنين.
وُصف المقادمة بأنه ظاهرة فريدة في العمل الإسلامي والجهادي، فكان يتمتع بفكرٍ عميقٍ وعلمٍ غزير، وكان زاهدًا وصاحبَ بصيرةٍ نافذة.
وُلد في عام 1950 في "بيت دراس "بعد أن هاجرت عائلته من بلدة يبنا مع آلاف الفلسطينيين عام 48 بسبب العصابات الصهيونية الإرهابية.
انضم المقادمة إلى حركة الإخوان المسلمين في سنوات شبابه الأولى وبعد أن أنهى دراسته الجامعية وعودته إلى قطاع غزة أصبح أحد قادة الحركة وكان من المُقرّبين للشيخ أحمد ياسين زعيم ومؤسّس حركة المقاومة الإسلامية حماس.
تلقّّى تعليمه الأساسي في مدارس وكالة الغوث الدولية بمُخيم جباليا، وكان من الطُّلاب النابغين، وحصل في الثانوية العامة على درجة الامتياز، وفي عام 1968 التحق بكلية طب الأسنان في إحدى الجامعات المصرية، وعمل بعد التخرج طبيبًا في مستشفى الشفاء بغزة.
شكّل المقادمة النواة الأولى للجهاز العسكري الخاص بالإخوان المسلمين في قطاع غزة "مجد "هو وعدد من قادة الإخوان وعمل على إمداد المُقاتلين بالأسلحة، وفي عام 1984م اعتُقل للمرة الأولى بتهمة الحصول على أسلحةٍ وإنشاءِ جهازٍ عسكريٍّ للإخوان المسلمين في قطاع غزة وحُكم عليه بالسجن ثماني سنوات قضاها في باستيلات الاحتلال.
أسّس المفكر المقادمة خلال اعتقاله في سجن "النقب" بعد أن اختير مسؤولًا عن كلّ أقسامه، "جامعة يوسف"، ووضع لها برامجَ ثقافية مُتطوّرة، وشكّل لجانًا لتحضيرِ المساقات، وبدأ ورفاقه بعقدِ المحاضرات في مواعيدَ رسمية، ساهمت في فتح الآفاق للكثير من الأسرى لكسبِ أوقاتهم وبذلها في المفيد.
ألّف المقادمة العديد من الكتب والدراسات خلال مكوثه داخل السجن وخارجه، كان من أبرزها كتاب "معالم في الطريق إلى تحرير فلسطين"، و"الصراع السكاني في فلسطين"، كما كانت له عدّة دراسات في المجال الأمني.
بعد أن أُطلق سراحه وانتهت محكوميته، وصفه الاحتلال بـ"نووي حماس"، وأجمع المحلّلون الإسرائيليون على أنه أبرز مفكري الشعب الفلسطيني الذين اختاروا المقاومة كخيارٍ وحيدٍ لمواجهةِ الاحتلال.
كان المقادمة من أشدّ المُعارضين لاتفاق أوسلو وكان يرى أنّ أيّ اتفاق "سلام" مع الاحتلال سيؤدي في النهاية إلى قتل كلّ الفلسطينيين وإنهاء قضيتهم وأنّ المقاومة هي السبيل الوحيد للاستقلال والحصول على الدولة الفلسطينية.
كانت معارضته لاتفاق أوسلو خطوةً لمُحاربته ومُعاداته، حيث تعرّض للسجن في سجون السلطة بغزة، لقِيَ خلالها صُنوفًا من التعذيب والشبح والضرب.
اتّهمته السلطة عام 1996 بتأسيسِ الجهاز العسكري السرّي لحركة حماس في غزة مكث في سجونها على إثرها 3 سنوات، خرج بعدها، غير أنها عاودت اعتقاله لأكثرَ من مرة.
كما وأقدمت على فصله من عمله على خلفية انتمائه لحركة حماس، لينتقلَ بعدها إلى العمل في مستشفى الجامعة الإسلامية بغزة.
نشط الدكتور المقادمة في الفترة الأخيرة من حياته في المجال الدعوي والفكري لحركة حماس وكان يقوم بإلقاء الدروس الدينية والسياسية والحركية وخاصة بين شباب حركة حماس والجامعيين وكان له حضور كبير.
لعب دورًا رئيسيًّا في تغذيةِ العملِ المقاوم مع بدء فصول انتفاضة الأقصى، عام 2000، وبرز كأحد أركان دعم هذه الانتفاضة وتوسيع دائرتها، وتحشيد الشباب ضمن إطارٍ وعملٍ تنظيميٍّ مقاوم، الأمر الذي جعله على طاولة الشخصيات المطلوب اغتيالها، حتى تمّ الاغتيال فعلًا في 8 من مارس 2003.