فلسطين أون لاين

تعرف إلى الاستشهادي الأصغر والمجاهد القسامي الواثق!

...
الاستشهادي محمد فرحات (أرشيف)

نشر الموقع الإلكتروني لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة "حماس"، تقريرًا عن حياة الاستشهادي الفلسطيني الأصغر محمد فرحات، والذي دفع ملكة بريطانيا للتعليق على حادثة استشهاده ، وهو فتى في مقتبل العمر، مُوضّحًا كيف نشأ ولماذا توجّه للعمل الجهادي.

وفيما يلي نص التقرير:

 كليث شامخ ترجلت، وكشعاعِ شمس الصباح أشرق نورك، كأسدٍ هُمام قارعت المحتل، وكرجلٍ مُجاهدٍ صمدت، لُطفًا أخانا الشهيد، فأنت مضيت إلى الخلود، وتركت لنا سيرة أعذب من ريح العطور، رحلت بجسدك فارسا مقدام، وختمت الحياة بمسك الختام، فأكرمك الله بشهادة أعزّ بها الإسلام، وحققت بها ما كنت ترنو له وتنادي.

قصة النشأة

في الثالث والعشرين من سبتمبر عام 1982م، كان ميلاد الطفل الفلسطيني الغزّي محمد فتحي فرحات، على أرض الشجاعية كانت النشأة وسط عائلةٍ مُلتزمةٍ بتعاليمِ الشرع الحنيف، أرشدت أبناءها إلى المساجد منذ نعومة أظفارهم فكان محمد ونضال ورواد ووسام من خيرة أبناء الحي الذين ضُرِبَ فيهم المثل في حسن الخلق وجميل المعاملة مع الغير، وكبر محمد على ما عوّدهُ عليه والديه في طفولته فكان الشاب الملتزم بالمسجد وحلقات الذكر ودروس الدين وقد ذاق حلاوة الإيمان والالتزام فقال لمن بعده في وصيته إنّ صلاة الفجر في جماعة هي محضن الرجال ومُلتقى المخلصين وعنوان المجاهدين وخير كبير لا يعدله شيء في بابه ويكفي أنّ صاحبها يعيش في ذمة الله وأنّ قيام الليل مدرسة الأجيال ومحضن الرجال وسمة المجاهدين وشارة المنتصرين ودأب الصالحين، وهو الذي يمدّ يد العون لجيرانه وأهله، كان بارًّا بوالديه مُطيعًا لهما لا يرى صغيرًا إلا وكان عطوفًا عليه ولا كبيرًا إلا واحترمه وقدّره، وقد التحق محمد بمدرسة حطين ليدرس فيها المرحلتين الابتدائية والإعدادية وكان طالبًا متفوّقًا في دراسته مُحترِمًا لمُدرّسيه وتلاميذه، وبعد أن حصل على شهادة الثانوية العامة عمل في مقصف الجامعة الإسلامية بغزة ولم يشأ الله له الالتحاقِ بالجامعة لظروفٍ خاصّةٍ به.

وعد بالانتقام..

نبت شهيدنا في وسط إسلامي جهادي، ليلحق بالركب ويكون له دور عظيم، كيف لا وهو محمد فرحات الذي رسخت في قلبه وعقله تلك الأيام التي قضاها عماد عقل في أكناف بيتهم الجهادي، وهو الذي شهد حادثة استشهاد القائد القسامي الكبير في بيتهم تحت الشجرة وكان لا يزال في براءة طفولته، وقد أصرّ على الانتقام من أعداء الله وأن يسيرَ على نفس درب الشهيد القائد عندما يكبُر، وقد ظلّ القلب يلهج بهذه الأمنية والنّفسُ توّاقة إليها تعدّ السنوات لتصلَ إلى عُمُرٍ مُناسبٍ تُنفّذ فيه ما كانت تحلم به حتى جاءت انتفاضة الأقصى المباركة عام ألفين، فيسرع أبو القاسم إلى الالتحاق بصفوفِ الاستشهاديّين في كتائب الشهيد عز الدين القسام، وقد كان لتاريخه المشرق المنير بالإسلام والمشاركة مع الحركة الإسلامية في فعالياتها ما يساعده على القبول في الانضمام إلى قائمة الاستشهاديين القساميين، ويبدأ محمد بالتدريب على ما يلزم الاستشهادي الذي يُخطّط لاقتحام مُغتصبة صهيونية يداهم أعداء الله ويُثخن فيهم.
ومن فضل الله تعالى أنه سخّر لمجاهدنا القسامي أبي القاسم جوًّا يساعده على تحقيق أسمى أمانيه فكانت الأسرة الحافلة بالمجاهدين، وكيف ننسى أم نضال فرحات خنساء فلسطين التي قدمت نضال ورواد ومحمد شهداء في سبيل الله تعالى ومن ثمّ كان ابنها وسام مُعتقلًا في سجون الاحتلال الصهيوني، وقد أصبحت الحاجّة أم نضال حاضنة المقاومين في بيتها المتواضع عضوًا في المجلس التشريعي الفلسطيني ونائبًا عن كتلة التغيير والإصلاح التابعة لحركة حماس، وهي لا تبخل بأيّ جهدٍِ في خدمة الإسلام والمسلمين، وقد ظهرت أم نضال في أروعِ صورةٍ وهي تودّع ابنها الاستشهادي محمد وهو ذاهبٌ لتنفيذِ عمليته الاستشهادية، نعم كانت تودّعه وهي تعلم أنه لن يعود إليها وتدرك مدى الألم لذي سيخلّفه فلذة كبدها بعد فراقه، ولكنها وجدت ذلك حلوًا في سبيل الله تعالى، ولم تبخل أن تقدم لله يومًا ما تملك حتى لو كان أغلى ما تملك، وقد كانت تلك الخطوة تشجيعًا لأمهات المجاهدين اللواتي يخفن من لحظة وداع أبنائهن شهداء.

الاستشهادي الأصغر محمد فرحات

جلس محمد يحدث والدته الحبيبة القريبة منه، يا والدتي لقد رأيت في منامي منادٍ يناديني فردّت الأم المجاهدة إن شاء الله إلى الجنة يا بنيَّ، وهنا جاء محمد اتصال بأنه قد اختِير لتنفيذ العملية الاستشهادية التي تُخطّط لها كتائب القسام منذ فترة، الله أكبر ما أصفى قلوب مجاهدينا، عجز البيان وجفّت الأقلام عن وصفهم ووصف قلوبهم الطاهرة النقية.
وفي السادس من مارس كان موعد تنفيذ العملية الاستشهادية في مُغتصبة عتصمونا "المُحرّرة"، وفي تمام الساعة الثانية عشر ليلًا اقتحم الاستشهادي فرحات المُغتصبة وبدأ بإطلاقِ النار والقنابل على الصهاينة فيها حتى نفدت ذخيرته فجاءته الطلقة التي ارتقت به من الدنيا إلى الجنة ومن التعب والشقاء إلى الراحة الأبدية. وقد أسفرت العملية البطولية عن مقتل 9 من جنود العدو الصهيوني وإصابة آخرين.

وصية الشهيد
الله أكبر... الله أكبر ... الله أكبر... الله أكبر... الله أكبر ... الله أكبر
بسم الله الرحمن الرحيم

(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)
قال المهندس يحيى عياش في يوم من أيامه (على الكريم أن يختار الميتة التي يحب أن يلقى الله بها فنهاية الإنسان لابد أن تأتي ما دام قدر الله نفذ).
من المحراب تبدأ رحلة المهاجرين.. ثم يكون تقدم العمل. مساجد ومنابر وينطلق القطار وجهته فلسطين. وقوده الدم يعتليه مسافر عملاق يرفع راية خفاقة يزينها ((لا إله إلا الله محمد رسول الله)) وبالدم كتبت (كتائب الشهيد عز الدين القسام) والقطار يسير على السكة والمسافر شامخ. معتد.. يتزايد المسافرون.. كثير عددهم الوقود يدفع حماس القطار يخترق كلّ الحدود و لا يتوقّف.. وساحة التنافس لتزويد القطار بالوقود مشتعلة وأشكال التزويد متنوعة والتقدم يملأ النفس رضى  الأفق يقين.
الحمد لله رب العالمين والصلاة و السلام على إمام المجاهدين وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعد:
إلى أهلي.. إخوتي.. أحبتي.. أمل الجهاد المتأجّج في ناظري.. إلى عمالقة الالتزام الصادق، إلى كلّ المُتمسّكين رغم كثرة المُفرّطين.. إلى أبطال مستقبل هذا الدين، إلى فرسان الحق والقوة والحرية إلى روّاد مسجد الإصلاح إنني أكتب رسالتي وأنا في خندق الجهاد والمقاومة بين الرصاص و القنابل وبجانبي رشاشي ينتظر المعركة وهو مشتاق إلى خلع رؤوس اليهود وأعوان اليهود من بين الأحداث وهذه المخاطر وتذكركم وأنتم تجلسون حولي في أيام قد خلت فقلت لنفسي من فيهم يحمل الرشاش من بعدي ويلقي بالقنابل ويقتحم المستوطنات ويُفجّر نفسه؟؟ من فيهم هانت عليه الدنيا وأرّقت روحه وتألّقت لمعانقة الشهادة.؟؟ كي أخفيَ عنده سر الجهاد من فيهم يا ترى يرث (وسام فرحات-رائد الحلاق-محمد دخان) من فيهم سوف يذكرني فلا ينام الليل يحلم في الجهاد ويظلّ يفكّر كيف السبيل لقتلِ اليهود وأذنابهم الأوغاد؟؟ من فيهم يرفع راية القسام عاليةً كما رفعها إخواننا في زمن الذلّ  والعار.
أحبتي/ إنّ أول خطوةٍ في طريق الجهاد هي الالتزام بتعاليم القرآن والنهج على درب المصطفى صلى الله عليه وسلم وثاني خطوة الجهاد أن لا تنام الليل إلا وأنت تنظر في حال البلاد والعباد ومن بعد ذلك يبدأ الاستعداد ليوم اللقاء مع البنادق والقنابل والصواريخ لتكون الشهادة أو نصر ينزله رب العباد.. هذي خُطانا في خنادق القسام. فهل لكم أمنيات وتتقدموا كي تبدأوا الطريق وتستعدوا كي تلحقوا بإخوانٍ لكم هانت عليهم الدنيا وباعوها بما فيها لم يصلوا بثمنها إلى رضا الله وإلى جنات الفردوس الأعلى وإلى حوض النبي صلى الله عليه وسلم.
إخواني وأحبتي/ أصبحت الناس تدّعي أنها تخاف من النار وتعمل لها وتدّعي بأنها تحب الجنة وتبتعد عنها، إنه من يبعد عن كتاب الله سيخسر الكثير الكثير.. لا تنظروا إلى تلك الإغراءات البخيسة التي لا قيمة لها عند الله عز وجل فأنتم بين الفتن وحب الشهوات وأنا شهوتي الجنة فاخترتها عقدت صفقة في تجارة رابحة وهي الجنة وأرجو منكم السماح لتأخيري في الانتقام من الخونة وأُحذّركم من البعد عن كتاب الله عزّ وجل فكم من أُناسٍ نسوا الله فأنساهم أنفسهم، فأنا إن شاء الله عند ربي في جناته سأكون عند (عز الدين القسام–عبد الله عزام–عماد عقل–يحيى عياش–عوض سلمي-محمود أبو هنود–حسن عباس–أسامة حلس–بلال  الغول).
إخواني وأحبتي/ إنّ الحياة بجوار ربّ العزة لهي الأفضل  خير من أيّ حياة و الله إنها لبئس حياة يتحكم بها الطُّغاة المستكبرين والله إنها لشهادة لا تنتهي. لا تنتهي ولا يصل الحبيب إلى الحبيب إلا شريدًا أو شهيدًا.
يا أبناء الكتلة الإسلامية. يا أبناء حماس.. يا روّاد المساجد وخاصة مسجد الإصلاح..
أنتم أبناء الإسلام سوف تبقوا الصوت الذي يصرخ بشجاعة في مواجهة كلّ المفاهيم لكي تستيقظ الأمة من نومها العميق وسوف تبقون أنتم الرصاصة والبندقية التي تقاتل المحتل وأعوانه.
إخواني وأحبتي/ علمتني الحياة في ظلّ الدعوة أنّ الحياةَ مؤقتة يعقبُها الموت ويعكّرها الفوت فكم من حيٍّ مات دون مطلبه و لم يظفر بمرغوبه رغم بذل النفس و النفيس و الغالي و الرخيص والدنيا غرارة خدّاعة إذا حلت أوحلت إذا جلت أوجلت وإذا كست أوكست  وكم من ملك رفعت له علامات فلما علا مات..؟ أمّا الآخرة فهي حياة المؤمن لذة باقية ليس فيها لاغية ففي الجنة ما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين وما لاعينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر فلا تشتري القليل بالكثير والعاجلة بالآجلة والفانية بالباقية وعلينا أن نتقدم لنسكن الدار الثانية.
إخواني وأحبتي/ طريق الدعوة إلى الله ليست رتبة شرفية ولا حقيبة وزارية أو مهنة حكومية بل الطريق محفوفٌ بالمكاره ملئ بالمفاجآت فيه تكليفٌ ثقيل وهمٌّ جسيم وعلى الداعية أن يعدّ الزاد لأنّ السفر طويل وأنّ العاقبة كؤود لكنها خيرُ طريقٍ إذ إنها توصل إلى الجنة.
إخواني وأحبتي/  إنّ صلاة الفجر في جماعة هي محضن الرجال وملتقى المخلصين وعنوان المجاهدين وخير كبير لا يعدلُه شئ في بابه ويكفي أنّ صاحبها يعيش في ذمة الله وأنّ قيام الليل مدرسةُ الأجيال ومحضنُ الرجال وسمةُ المجاهدين إشارةُ المنتصرين و دأبُ الصالحين.
كما أنّني أُطالب السلطة الفلسطينية وعلى رأسها الأجهزة الأمنية عدم ملاحقة المجاهدين الذين يقلقون راحة العدو وأن تبتعدوا عن حماية المستوطنات حتي يُذيق المجاهدون العدو العلقم المر.
يا أبناء حماس .. يا أبناء القسام .. يا من اصطفاكم الله من خلقه ليحقّق بكم قدرَهُ  وليُجريَ أسبابه فيُعيد على أيديكم قوة دينه ويُعليَ بكم راياته ويُحّق بكم وعيده بإساءة وجوه بني صهيون فمزيدًا من الرباط على نهجه.. يا أبناء حماس.. يا أبناء القسام تقدموا الصفوف احملوا الرايات رايات الجهاد و الدفاع عن حياض الدين والوطن ولا تتخاذلوا ولا تتولّوا فيستبدل  الله بكم خيرًا منكم .
إخواني وأحبتي/ أوصيكم بتقوى الله سبحانه و تعالى والوحدة (وحدة الصف) في وجه الأعداء .. إلى كلٍّ من : أحبائي وإخواني ومن يعرفني أو طرح على سلام أو أخطأت في حقه أن يسامحني ويدعو الله أن يتولانا برحمته وأن يرزقنا الشهادة في سبيل الله.
إلى الوالد والوالدة/ أسأل الله أن يُلهمَهما الصبر  والثبات وليس بوسعي إلا أن أُهنّئكما بإستشهادي إن شاء الله.
وفي الختام / أعوذ بالله من كبوة الجواد ومن سقطة اللسان ومن زلة العالم ونسأل الله أن يتقبّل منا هذا العمل و يجعله خالصًا لوجهه الكريم

المصدر / فلسطين أون لاين