فلسطين أون لاين

تقرير على بعد خطوات منه.. نسف الاحتلال حُلم "جهاد"

...
جهاد أبو سنينة
الخليل-غزة/ مريم الشوبكي:

طوى كامل أبو حسين الأرض طيا لعله يوقف جرافات الاحتلال الإسرائيلي عن استكمال هدم بيت ابنه، وما إن وصل إلى المكان حتى رآه متهاويا، ركض نحو البيت صارخا "شقا عمري ليش تهدوه".

وما هي إلا لحظات حتى تفاجأ أبو حسين من قرية زيف جنوب الخليل، جرافات الاحتلال العنصري تهدم بئر ماء قديمة لوالده، يواصل الصراخ "طيب ليش البير، من زمن جدودي، بكفي هديتوا البيت"، سرعان ما التف حوله 10 جنود وقاموا بضربه، أسرع ابنه نحوه ليخلصه من تحت هراوات الجنود، فإذ بجيب الجيش يدعسه تحت عجلاته.

أمام هذا المشهد فزعت "ندى" (4 أعوام) وأجهشت بالبكاء "بابا طخوا سيدي، يلا نروح من هون"، حاولت جدتها أن تهدئ من روعها، وإذ بقنابل الصوت تنهمر عليهم لتفرق جمعهم، وبعد أن اعتقلوا

جهاد (35 عاما) الابن الأكبر لكامل أراد أن يستقل فيه بعد سنوات من العناء، يدخر المال رغم صعوبة وضعه المادي، ليعمر بيتا في أرض لوالده، وقبل أشهر قليلة من الانتهاء من تشطيبها نسف الاحتلال حلمه وقام بهدمها دون سابق إنذار.

يقول جهاد لـ"فلسطين": "منذ عام بدأت ببناء البيت، وقبل ستة أشهر توجهت دورية من الجيش إلى البيت ولم يبلغونا بقرار الهدم، وتفاجأنا قبل هدم البيت بعشرة أيام بورقة إخطار بالهدم علقت على باب البيت، وفي العادة أي بيت يريد الاحتلال هدمه يسلم صاحبه ثلاثة إخطارات وهذا ما لم يحدث في حالتنا".

ويضيف: "حاولنا منعهم من الهدم فاعتدوا على أمي وأبي المريضين بالضرب، وقاموا بدعس أخي بالجيب، واعتقلوا والدي بعدما أوسعوه ضربا".

وهذه ليست المرة الأولى التي يهدم فيها بيت أبو حسين، حيث سبق وأن هدموا بيتا في ذات المنطقة قبل نحو 30 عاما، ويؤكد جهاد أنه سيعيد بناء البيت مرة، واثنتين، وثلاثا، فلن يتخلى عن أرضه ولن يتركها مهما صار.

"داسوا صدره بالبساطير"

"أم جهاد" التي تعاني مرضي الضغط والسكري، وكذلك زوجها الذي يواجه مشكلات صحية في القلب سبق أن أجرى 6 عمليات قسطرة قلبية، بخلاف أمراض أخرى، تروي تفاصيل يوم هدم بيت ابنها جهاد: "تهجم الجنود على زوجي، وأطلقوا الرصاص على أولادي، دافعت عن زوجي وإذ بمجموعة منهم تدفعني نحو الأرض ولا أزال أعاني بعض الكدمات".

وتردف: "صرخت بهم أن يتركوا زوجي لأنه مريض، وإذ بالضابط يطلب منها تحت التهديد أن تغادر المنطقة برفقة أولادها، وهم سيطلقون سراح زوجي".

دفع الجنود زوجة كامل في الجيب، بعد أن داسوا على صدره ببساطيرهم، وأصبح يأخذ نفسه بصعوبة بالغة وفقد وعيه، ما استدعى نقله إلى المستشفى. وحتى ساعات متأخرة من الليل طلب الاحتلال من أولاده أن يحضروا 3000 شيقل كفالة لإطلاق سراح والدهم.

بيت أبو حسين لا يشكل خطرا على أمن الاحتلال كما يدعي ولا مستوطنيه، فلا مستوطنات تقع على مقربة من البيت الذي يبعد عن الشارع العام 150 مترا، فالمنطقة مأهولة بالسكان وفيها مدرسة، وجيرانه لم يمنعوا من بناء البيت.

وتقطن عائلة أبو حسين في حارة أبو سنينة في الخليل، في بيت لا تتعدى مساحته 200 متر مربع، مع أربعة من أبنائه المتزوجين وأطفالهم. ولضيق المكان وقلة ذات اليد، أراد جهاد الذي يعاني مرض السكري أن يستقل مع والديه في هذا البيت، ولكن لم يمهله الاحتلال لتحقيق هذه الراحة.

ويواصل الاحتلال تصعيد اعتداءاته بحق المواطنين في يطا وقرى وخرب ومسافر جنوب الخليل من خلال هدم المنازل والمنشآت، ومنع المواطنين من البناء، وحرمانهم من الكهرباء ومياه الشرب لحملهم على الهجرة من منازلهم وترك أراضيهم لصالح توسيع البؤر الاستيطانية.