فلسطين أون لاين

الأسير حماد.. يصارع "الإهمال الطبي" و"الاعتقال الإداري"

...
الأسير عماد حماد
قلقيلية/ غزة–فاطمة الزهراء العويني:

كانت اللحظات الأولى التي رأت فيها إسراء "18 عاماً" والدها في أسره عصيبة، فقد لمستْ تدهوراً كبيراً على حالته الصحية، يشي به وزنه المتناقص ووجهه الشاحب، وإنْ حاول أنْ يطمئنها أنه بخير لكن الواقع أكد عكس ذلك، ما زاد من قلق العائلة على صحة الأسير المريض عماد حماد "50 عاماً" الذي يقبع رهن اعتقال إداري لا أحد يعرف متى قد تكون نهايته.

إهمال طبي

فرغم وضعه الصحي الصعب، وإجرائه عملية قسطرة للقلب فإن الاحتلال الإسرائيلي داهم منزل حماد في الرابع والعشرين من أغسطس من العام الماضي في مدينة قلقيلية، وقام باعتقاله، رغم كل محاولاته وأسرته لتوضيح وضعه الصحي، وحاجته الماسة للراحة وتناول الأدوية!

تقول زوجته إيمان داود: "رجوتهم بأنْ ينظروا لتقاريره الصحية ويتركوه أو على الأقل أنْ يأخذوا أدويته معهم لأنه لا يستطيع أنْ يتوقف عنها، لكنهم رفضوا ذلك بشدة واصطحبوه معهم".

ومرّ على اعتقاله سبعة أشهر حتى الآن لم يخضع فيها للفحص الطبي سوى في السادس عشر من شباط الجاري كما أخبرتهم سلطات الاحتلال، " لا أحد لديه أخبار عن وضعه الصحي، فالمحامي لا يعرف شيئاً عنه، ولم يُسمح لي بزيارته سوى في السادس عشر من هذا الشهر، وللأسف فإنهم اتصلوا بي ليخبروني بأنهم سيخضعونه لفحص طبي".

تقول داوود: "وقت الزيارة فقط تذكروا أنْ يخضعوه للفحص الطبي، رغم أنهم تركوه دون علاج منذ سبعة شهور خلت، كل ما يريدونه هو التنغيص علينا وعليه بعد أنْ كنا ننتظر على أحر من الجمر رؤيته والاطمئنان عليه تذرعوا بالفحص الطبي لمنعنا من الزيارة".

فلم يتمكن من زيارة حماد خلال السبعة أشهر الماضية سوى ابنته إسراء "18 عاماً" وأحد أشقائه، "ولم تكن الزيارة بالسهلة أبداً، فبعد أن سمحوا لشقيق زوجي بالزيارة اتصلوا عليه يطلبون منه ألا يأتي، لكنه صمم على الذهاب، وفي سجن "مجدو" أدخلوا في البداية إسراء فقط ولكن تحت إلحاح عماد سمحوا لشقيقه برؤيته لبعض من الوقت"، تقول داوود.

افتقاد الأب

وقد أُصيبت إسراء بالصدمة عند رؤية أبيها، تقول:" لقد كان هزيلاً وخسر كثيراً من وزنه، شاحب الوجه، يبدو عليه التعب، رغم أنه طمأنني عن صحته بالقول إنه بخير لكن هيئته كانت توحي بعكس ذلك".

وتضيف: "هذه المرة الأولى التي يُعتقل فيها أبي، فهو ليس معتاداً على الظروف الصعبة في السجون، فهو كبيرٌ في السن ومريض، لا يقدمون له الطعام المناسب لوضعه الصحي، فقط وجبتان في اليوم وكل يوم نفس الطعام وغالباً ما يكون شوربة عدس أو "قلاية بندورة أو بيض"".

وتبين أن والدها كان محتاجاً لملابس، "أخبرنا عندما زرناه أن أحد الأسرى الذين أفرج عنهم منحه ملابسه قبل أن يخرج من السجن، ثم تم نقله من سجن "مجدو" لـ" سجن النقب" حيث الجو قارس البرودة هناك، ما يجعلنا في خشية على حياته من شدة البرد، وفي ظل عدم تمكننا من إدخال ملابس مناسبة له".

غياب الأب عن المنزل أثر سلباً على دراسة إسراء في "التوجيهي" لهذا العام، "أفتقد لأبي وحنانه ومتابعته لي، أفكر فيه كثيراً وفي وضعه الصحي، نحن خمس شقيقات وشقيقي طفل في الصف الأول بأمس الحاجة لأبي ليعتني بأمورنا".

فيما تبين والدتها داوود أنها تزوجت من عماد بعد استشهاد شقيقه "زوجها السابق" الشهيد القسامي عبد الرحمن حماد، "احتضن عماد ابنيْ شقيقه الشهيد وأنجبت منه خمسة بنات وولد، جميعهم يقوم على تربيتهم والإنفاق عليهم".

وتضيف: "تجربة الأسر صعبة جداً رغم أنني خضتُ تجربة مماثلة في حياة عبد الرحمن حيث سُجن لست سنوات لكن لم يكن لدي حينها سوى ابنة واحدة "يقين" وكان عمرها عاماً واحداً، أما الآن فبناتي "صبايا" بحاجة ماسة لوالدهن، خاصة أنه كان حنوناً جداً عليهن".

ورغم اجتهادي بمحاولة تعويضهن غيابه لكن الأمر غاية في الصعوبة، "وما يزيد صعوبة الوضع أنّ عماد ليس له أي نشاط سياسي ومريض واعتقاله الإداري لا تبدو له نهاية في الأفق حيث تم التجديد له للمرة الثانية".

وكان الاحتلال اعتقل الأسير حماد بتاريخ 24 /8 /2021 من منزله الكائن في قلقيلية وتخريب محتوياته بالكامل، وهو شقيق الشهيد القسامي عبد الرحمن حماد، الذي اغتيل عام 2001م من خلال عملية قنص نفذتها وحدات خاصة من منطقة "الخط الأخضر" غربي قلقيلية عندما كان على سطح المنزل في حي النقار.