يعد تطوير المقاومة للطائرات المسيرة أكثر من نقلة نوعية تصب في خدمة مشروع التحرير، بل وشكلت هزة قاسية وحرفا لمسار تغول جيش الاحتلال لا يمكنه التقليل من شأنها، وعلى نحو متواصل ذلك يؤكد حكمة قيادة المقاومة التي وضعت إلحاق الهزيمة بالاحتلال ضرورة استراتيجية وهدفا تعمل بمختلف الوسائل لأجله وصولاً لمعركة وعد الآخرة بعقول علمائها وسواعد مجاهديها عبر الدعم المستمر للتطوير والتصنيع والابتكار، قريبا سلاح الطائرات المسيرة سيغير قواعد الردع وسياسة العمليات المسلحة في مواجهة إرهاب الاحتلال وسيكون هنالك سيناريوهات جديدة تغير موازين الرعب وتحقق مزيدا من الردع لصالح المقاومة.
ومن منظور الأمن القومي الدلائل تشير إلى ازدياد أهمية الطائرات المسيرة في المعارك وفاعليتها استنادا لما حققته من انتصارات دوليا. الاحتلال يشعر بأصداء ما تحدِثه المسيرات من انتصارات عسكرية وأنه بات أبعد ما يكون عن تحقيق أهدافه فامتلاك المقاومة للطائرات المسيرة سلاح سيشكل خطوة أخرى نحو تعزيز الردع في مواجهة الاحتلال، وعلى سبيل المثال أستشهد بقول برنارد هادسون المدير السابق لملف مكافحة الإرهاب في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية الذي أكد أن الطائرات المسيرة تشكل خطرا كبيرا لا يوجد أحد مستعد بشكل كافٍ لمواجهته، فهي تستطيع الطيران بمستويات منخفضة يصعب اكتشافها عبر الرادارات وأجهزة المراقبة، وكذلك أظهر تقرير للصحفي الصهيوني يوني بن مناحيم نشر مؤخراً أن خطر الطائرات المسيرة التي تمتلكها المقاومة يعد خطراً أمنيا يهدد دولة الاحتلال.
إن قوى المقاومة حققت تطورات واضحة وازدهارا كبيرا في تطوير وسائل دفاعية جديدة ومتنوعة في إطار تصديها للعدو الصهيوني كان من أبرزها الطائرات المسيرة طائرة شهاب وأبابيل والزواري وغيرها، وذلك في إطار متابعة الهدف الاستراتيجي المتمثل بالعمل من أجل تحرير فلسطين، فتم اتخاذ إجراءات ملموسة نحو تحقيق هذا الهدف بداية من إعداد وتجهيز الكادر البشري المؤهل ايمانياً وجسدياً وعلمياً وصولاً إلى حجر الزاوية في الإعداد وهو تطوير أدوات الحرب الحديثة من الأمن السيبراني وحرب العمليات النفسية والطائرات المسيرة.
كما تحتل الطائرات المسيرة أهمية بالغة لفاعلية دورها في الحرب الحديثة فهي تمتلك خصائص تعبوية وقتالية بكفاءة عالية وفقاً للتجهيزات المزودة بها وقد تستخدم لإعاقة الدفاعات الجوية والحرب الإلكترونية، وكان من أبرز أسماء الطائرات المسيرة في فلسطين طائرة الزواري التي حملت اسم الشهيد القسامي محمد الزواري الذي اغتيل في تونس عام 2016 على يد الموساد وأيضاً طائرة أبابيل وطائرة شهاب القساميتان، وتمتاز هذه المسيرات بأنها قادرة على أن تقلب قواعد المعركة ميدانياً مع الاحتلال في تحول حاد سيترك أضرارا هائلة فهي سلاح فعال يحقق الردع، وقد يصل مداها للحسم جزئيا في الحروب الحديثة، فهي تقلل من الخسائر المادية وتوفر الحماية في ساحة المعركة.
كما حققت المسيرات على الصعيد الدولي أداء عاليا في المعارك في اذربيجان وليبيا ودول أخرى وكان لها نتائج ملحوظة وغير متوقع في النصر والوصول إلى أهدافها، ومن أبرز أسمائها طائرة بيرقدار التركية التي تشمل أكثر من جيل بوظائف مختلفة.
ولعل ما شهدناه مؤخراً من رعب صهيوني في شمال فلسطين المحتلة انعكس على المفاصل الأمنية للاحتلال عندما حلقت طائرة حسان التابعة لحزب الله لمدة 45 دقيقة ولم تستطع دفاعاته وطائراته إيقافها أو إسقاطها وأطلق عليها اسم حسان نسبة للشهيد حسان اللقيس الذي اغتاله الموساد عام 2013 بالضاحية الجنوبية بلبنان، كل هذه المؤشرات توضح لنا حجم التحدي الكبير الذي يواجه الاحتلال وحجم الانتصار الذي ستحققه المقاومة في مواجهة الإرهاب الصهيوني، وأن الطائرات المسيرة التي بيد المقاومة ستعزز الدور الاستخباراتي والعملياتي، وستجعل التأمين القتالي لجنود الاحتلال صعبا جدا خلال المعارك القادمة، وقد تحدث وزير الحرب الصهيوني بيني غانتس أمام رؤساء المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة الأمريكية عن خطورة الطائرات المسيرة المتطورة التي تملكها قوى المقاومة ودقتها وأنها باتت تهديدا جديدا ومركبا يلحق الضرر بالتفوق الجوي للاحتلال، وأمام ذلك كله فنحن أمام لحظات حاسمة وتاريخ جديد يكتب بأيدي المجاهدين وستكون العاقبة للمتقين والنصر للمقاومة التي وقفت سداً منيعاً في وجه مشاريع ومخططات الاحتلال، فما حققته المقاومة من إنجازات سيبقى صداه وتأثيره يتردد طويلاً في عقولنا وقلوبنا.