كلما احتاج أبناء الأسير القائد عبد الله البرغوثي المعتقل منذ 20 عامًا، إلى مصروفات لشراء حاجيات منزلهم، قصدوا جاكيت والدهم المعلق في الدولاب ليجدو في جيوبه ما يحتاجونه من مصروفات تسد حاجتهم، إذ لجأت زوجة الأسير البرغوثي الملقب بأمير الظل لترسيخ هذه العادة بين أبنائها الثلاثة لإبقاء روح الأسير حاضرة بين أفراد الأسرة.
ولا يمضي يوم على أفراد عائلة الأسير البرغوثي المعتقل في سجن "ريمون"، إلا وتذكروه رغم طول السنين التي عاشوها بعيدًا عنه، وحرمانهم من زيارته منذ أربعة أعوام بذريعة "المنع الأمني".
ودخل الأسير القائد البرغوثي، أمس، عامه الـ20 في سجون الاحتلال.
ويعتبر البرغوثي، من أبرز قادة كتائب القسام في الضفة الغربية الذين أشرفوا على عمليات فدائية أدت لمقتل عشرات المستوطنين، ويخضع لأطول محكومية في التاريخ وتبلغ 67 مؤبدًا.
ويحمّل الاحتلالُ القائدَ البرغوثي، المسؤوليةَ عن عدة عمليات فدائية نوعية، أسفرت عن مصرع أكثر من 66 إسرائيليًا وجرح نحو 500 آخرين بجروح وإحداث دمار هائل في شوارع دولة الاحتلال وخسائر مباشرة تقدر بملايين الدولارات.
"منع أمني"
وتقول سائدة البرغوثي زوجة الأسير، والتي تعيش مع أولادها الثلاثة (بنتين وولد)، في قرية بيت ريما شمال غرب مدينة رام الله وسط الضفة الغربية: إنها عودت أولادها أن والدهم حاضر معهم ويراقبهم في كل وقت وبكل خطوة يخطوها رغم اعتقاله، وحرمانهم من زيارته.
ولم تنعم عائلة الأسير البرغوثي، طوال سنوات الاعتقال بزيارته إلا أربع مرات فقط وعلى سنوات متفاوتة، كانت آخرها في 17مايو عام 2017 بسجن "جلبوع" فرغم بعده إلا أنه معنا.
وتحاول العائلة الاطمئنان على والدها ومعرفة أخباره، من خلال الأسرى المفرج عنهم، والأهالي المسموح لهم بزيارة أبنائهم في السجون، الذين يؤكدون أن والدهم يتمتع بمعنويات تعانق السماء ويشتاق لهم، ويبلغهم أن الإفراج عنه بات قريبًا بصفقة تجريها المقاومة مع الاحتلال.
وتضيف البرغوثي (48 عامًا) لصحيفة "فلسطين": "رغم الفراق والألم والوجع والصبر حصدنا ثمار أبنائنا، ورفعوا رأس والدهم في عنان السماء، فابنتي تالا درست واجتهدت وتخرجت من قسم المحاسبة بجامعة بيرزيت، فيما يدرس أسامة علم الحاسوب، وحققت صفاء حلم والدها والتحقت بكلية الطب".
سنوات طويلة قضتها عائلة القائد البرغوثي، بانتظار عودته، محررًا، كي يملأ منزله بطلته البهية وباحتضان أولاده، ويرتدي جاكيتًا ويعطي أولاده مصروفهم بيديه، وليستريح بمنزله وعلى أثاثه الذي اختاره قبل أن تعتقله قوات الاحتلال، فرغم تنقل العائلة من منزل لآخر لا تزال تحتفظ بحاجيات القائد البرغوثي.
مولده ونشأته
ولد القائد البرغوثي في الكويت عام 1972، وعاش فيها حتى عام 1991، ثم انتقل بعد حرب الخليج للعيش في الأردن، حيث حصل على شهادة الثانوية العامة، وبعد ذلك توجه إلى كوريا بهدف العمل وإكمال تعليمه، حيث درس الأدب الكوري لمدة عامين، ثم عاد مجددًا إلى الأردن ليكمل دراسته، حيث حصل على شهادة في الميكانيكا الصناعية.
اتسم البرغوثي بالعديد من الصفات والمواهب، فهو حاصل على الحزام الأسود في "الجودو"، ويمتلك بنية قوية، حيث يبلغ طوله 182سم، وماهر في المجال الكهربائي أيضا.
عاد البرغوثي، إلى الضفة الغربية، وتحديداً إلى بلدته الأصلية بيت ريما قضاء رام الله عام 1999، وعمل في مدينة القدس المحتلة حتى عام 2000، ومع اندلاع انتفاضة الأقصى توقف عن العمل داخل القدس المحتلة، وانتقل للعمل الجهادي.
استطاع تسديد أقسى الضربات للاحتلال في قلب القدس المحتلة، "وتل أبيب" إلى أن تمكنت مخابرات الاحتلال من اعتقاله في الخامس من آذار 2003، أثناء خروجه من إحدى مستشفيات رام الله، حيث كان يعالج طفلته.
تعرض الأسير لتحقيقٍ قاسٍ وطويل استمر عدة شهور، كما وتعرض لعزلٍ انفرادي متواصل استمر لعدة سنوات، وصدر في حقه حكم بالسجن 67 مؤبداً، بحيث أصبح صاحب أعلى حكم في العالم.
والأسير القائد عبد الله البرغوثي، قائدٌ يرعب سجّانه، ويقف كالجبل بين جنود الاحتلال.
وما زال القائد القسامي يتمتع بعزيمة جبارة ومعنويات عالية، وهو على يقين بأنه سوف يرى النور والحرية في أقرب فرصة سواء بصفقة التبادل أو غيرها كما قال من داخل زنزانته.