لا يبدو أن تفاهمات حماس الأخيرة مع مصر قد حظيت بترحيب أو تفهم من السلطة. اقتراب حماس من مصر في الفترة الأخيرة ربما أقلق السلطة. من نتائج هذه التفاهمات كان دخول الوقود المصري مدفوع الثمن إلى محطة الكهرباء، وقد ساعد دخول الوقود المصري على تشكيل حل جزئي للكهرباء، بتشغيل (٣) مولدات بطاقة (٧٠) ميجاوات، ساعدت على التغلب نسبيا على خصم الاحتلال لـ(٥٥) ميجاوات من مجموع (١٢٠) ميجاوات كانت تدخل إلى غزة من الخطوط الإسرائيلية.
بعد أيام قليلة قالت سلطة الطاقة في قطاع غزة، إن سلطة النقد في رام الله أوقفت كل التحويلات المالية عبر البنوك الفلسطينية إلى جمهورية مصر العربية اللازمة لشراء الوقود لتشغيل محطة الكهرباء . وحملت طاقة غزة، سلطة النقد وحكومة الوفاق برام الله كامل المسؤولية عن تدهور وصعوبة وضع الكهرباء في القطاع خاصة في ظل الأجواء الحارة. وأعلنت سلطة الطاقة في غزة أن المحطة تعمل بمولد واحد بعد توقف مولدين؟!!
في ضوء تصرف سلطة النقد، ومنع تحويل الأموال، يسأل المواطن في غزة ماذا تريد سلطة النقد من وقف التحويلات المالية لمصر؟! هل تريد مزيدا من المتاعب لسكان غزة؟! أم هي ترفض التدخل المصري؟! وما الذي تستفيده السلطة من عقاب غزة ومنع التحويلات؟!
إن تحسن العلاقة مع مصر لا يعني قيام دولة في غزة، ولا يعني فصل غزة عن الضفة، وإن تعاون السلطة مع الاحتلال من خلال تخفيض الكهرباء التي تصل غزة هو غياب للشعور الوطني، وغياب للمسئولية بغض النظر عن الخلاف بين حماس وفتح، فنحن نتحدث عن (٢) مليون من السكان فيهم من ينتمي لحماس وفيهم من ينتمي لفتح، والأغلبية الغالبة من السكان لا تنتمي للفصائل، وهمها الرئيس توفير لقمة العيش التي باتت شحيحة في غزة بسبب تفاقم البطالة، وتزايد الفقر، وكساد التجارة.
إن مسئولية الرئيس في أي بلد من البلدان هي بعث الأمل في نفوس الشعب بغدٍ أفضل، وبمستقبل أقل مشاكل، ولكن الحاصل عندنا في الضفة وغزة أن الرئيس يعاقب غزة، ويقتل الأمل، ويزعم أن ذلك لعقاب حماس، وهو في الوقت نفسه يتعاون مع الاحتلال لمنع الكهرباء عن غزة، وحين ظهر بصيص أمل قادم من مصر فإنه يعمل على إطفاء هذا البصيص من خلال منع سلطة الطاقة في غزة تحويل الأموال، ثمن الوقود المصري. إنه يجدر بسلطة الطاقة في غزة أن تتعاون مع الطرف المصري لإيجاد حلول بديلة لدفع ثمن الوقود، ويجدر بسلطة النقد والسلطة نفسها مراجعة مواقفها الأخيرة من غزة، لا سيما في ملف الكهرباء.