المتابع لما يحدث في أوكرانيا وما يجري من أحداث، يكشف أن موازين القوة دوليًا وإقليميًا، وعلى صعيد المنطقة العربية، ترك تأثيرا مباشرا وإن لم يكن عاجلا فهو آجل لاعتبارات عديدة.
أوكرانيا نموذج جديد لكيفية إدارة موازين القوة الدولية، حيث تُركت تواجه مصيرها بشكل مروع ويجلس قادة حلف الأطلسي على مد البصر من الحلف العسكري الأكبر على مستوى العالم، لكنه لم يقدم لها شيئا، ولم يعطها أكثر من وعود، في حين أن الطائرات الروسية تدك أرجاءها وتتقدم الدبابات والمدرعات نحو العاصمة كييف.
هذا ما دعا الرئيس الأوكراني للذهاب مباشرة لمحاولة الاتصال بالرئيس الروسي، محاولة منه استدراك الأحداث وإنقاذ نفسه من الحسابات الخاطئة التي وقع فيها، واعتماده على الغرب والولايات المتحدة، ورفع سقف آماله وطموحاته.
الولايات المتحدة التي ظهر رئيسها بايدن هزيل مترددًا لم يتجرأ على اتخاذ قرار بالتهديد بالتدخل عسكريًا لنجدته.
كل ذلك يظهر بشكل جلي بأن ما يحدث له ما بعده في تشجيع العديد من الأطراف على الإقدام والقيام بخطوات مشابهة، ومنها التأثير الذي يمكن أن يحدث على القضية الفلسطينية والمنطقة الإقليمية في مقدمتها، وأن الولايات المتحدة بعد أفغانستان وهروبها الفاضح، وبعدما حدث ما حدث في أوكرانيا لن تعود الدول التي كانت في السابق بل تطرح تساؤلات حول مدى القدرة والسيطرة التي يتمتع بها الوجود الأمريكي.
الاحتلال الإسرائيلي الذي اتخذ موقفًا ضد التحرك الروسي، سيؤثر على التعاون الروسي الإسرائيلي على المستوى المتوسط والبعيد.
الأمر الأكثر أهمية فيما يحدث أن من يمتلك القوة والسيطرة والمبادرة هو الذي يستطيع أن يفرض المعادلات، وهذا يرتبط بموقف المقاومة التي ثبت صدق منهجها في القدرة والسعي باستمرار للحصول عليها، وحسن إدارتها ويثبت لشعبنا الفلسطيني.
الوقائع تقول بأن الاحتلال الإسرائيلي يعيش حالة عزلة فعلية، وحالة من الردع بعد معركة سيف القدس وما يحدث في أوكرانيا يعزز فكرة المقـاومة بامتلاك القوة، والمبادرة نحو إيلام الاحتلال وتخسيره أي معركة قادمة، وصولًا لتحقيق الهدف المركزي بالتحرر الشامل.