فلسطين أون لاين

الأندية مُطالبة بتوعية جماهيرها بدلاً من حمايتهم

تقرير المفرقعات يُهدد الكرة في غزة والعقوبات الرادعة الحل الوحيد للقضاء عليها

...
صورة أرشيفية
غزة/ إبراهيم عمر:

تقف المفرقعات والألعاب النارية الند بالند أمام استمرار مسيرة الرياضة في غزة، مع تزايد استخدامها داخل الملاعب، التي أصبحت تتحمل فوق طاقتها من إهمال وغياب المسؤولية لدى العديد من المشجعين، الذين يفضلون مثل هذه الطرق للاحتفال بها مع فرقهم، غير آبهين بما تتركه من آثار خطيرة سواء على الملاعب أو حتى على سلامة الأفراد في المنظومة الرياضية.

حادثة إصابة الحكم خالد بدير في مباراة فريق خدمات الشاطئ والصداقة بحروق في ظهره، دقّت ناقوس الخطر، رغم أنها لم تكن الإصابة الأولى التي تشهدها الملاعب بسبب هذه المفرقعات، بل سبقها تعرُّض العديد من المشجعين على وجه الخصوص للإصابات بسبب جهل استخدام هذه المفرقعات التي تختلف كلياً عن الألعاب النارية التي يتم استخدامها في البطولات العالمية والعربية.

حادثة فجّرت الغضب

حالة من الغضب سادت في صفوف الرياضيين والسواد الأعظم من المشجعين، بعد سقوط الحكم بدير على الأرض أمام عدسات الكاميرات في ملعب فلسطين بعد انفجار إحدى هذه المفرقعات على مسافة قريبة جداً منه، ليتوقف اللقاء وينسحب الحكام من الملعب لعدم قدرتهم على استكمال المباراة.

بعد أخذ ورد، جاء القرار النهائي من اتحاد كرة القدم بتخسير فريق الشاطئ الذي قام أحد الأشخاص المتواجدين بين جماهيره برمي المفرقعة على أرضية الملعب، ليكون الشاطئ الذي يعاني الأمرين في بطولة الدوري هو الضحية الثانية لتهور مُلقي المفرقات إلى جانب الحكم بدير.

الجهل الذي يسيطر على المشجعين الذين يعتمدون في احتفالهم على هذه المفرقعات، يتسبب في تهديد حياة جميع أفراد المنظومة الرياضية ويضعهم دائماً في دائرة الخطر، خاصة وأن عملية تداولها بين المشجعين أصبح يزداد مع مرور الوقت دون وجود خطوات حقيقية لمنع استمرار هذه الظاهرة الخطيرة.

محاولات السيطرة

على الرغم من تعرض عدد من الجماهير للإصابة في مواسم سابقة بفعل الألعاب النارية؛ إلا أن هذا الأمر لم يضع حداً أمام بقية الجماهير للوقوف عن هذه الظاهرة التي تمثل خطر مباشر على مستخدميها قبل غيرهم من لاعبين ومدربين وإعلاميين يتواجدون داخل الملعب.

حاول اتحاد كرة القدم الحد من هذه الظاهرة قبل عدة مواسم بتغريم كل نادٍ تستخدم جماهيره للألعاب النارية مبلغاً مالياً وتحميله تكاليف إصلاح أرضية الملعب؛ إلا أن هذا القرار لم يشكّل رادعاً خاصة مع تنصل الكثير من الأندية من المسؤولية أمام الجماهير التي تتسبب في هذه الأضرار.

الاتحاد لم يعزز من مساعيه للسيطرة على هذه الظاهرة بعد توقف حضور الجماهير للملاعب خلال الفترة التي شهدت فيها اجراءات مشددة للحد من انتشار فيروس كورونا، ليتفاجئ الجميع بعودة أكثر قوة لهذه الظاهرة مع عودة الجماهير للملاعب والتي أصبحت تضرب في عرض الحائط كل المحاولات الفردية لمنع استخدامها داخل الملاعب.

زادت الضغوط على اتحاد كرة القدم بعد اصابة الحكم بدير وهذا ما جعله مُطالباً بإيجاد عقوبة مخصصة وواضحة لمثل هذه الظواهر، والتي من خلالها يتم فرض أقصى العقوبات على جمهور النادي الذي يهدد حياة الرياضيين للخطر وعدم الإكتفاء بالعقوبة المالية التي لا يتحملها المشجعين ولا يتم الإعلان عنها من جانب اتحاد الكرة.

ولعل غياب الإعلان عن العقوبات وأسبابها منح الجماهير الفرصة مواصلة هذه العادة السيئة، التي حولت الملاعب من أماكن ترفيهية إلى ساحات حرب بسبب كثرة استخدام المفرقعات والمواد الدخانية التي تغطي سماء الملعب للحظات، وهذا ما يجعل البعض يطالب بتغليظ العقوبات.

عقوبات مغلظة

ينظر العديد من الرياضيين إلى هذه الظاهرة على أنها خطر سيكون سبباً في تدمير الملاعب والرياضة حال استمراره، وهذا ما دفع البعض للمطالبة بفرض عقوبات أكثر شدة على جماهير الفرق التي تثير الأزمات من خلال استخدام المفرقعات.

العقوبات التقليدية مثل نقل المباريات وفرض غرامات مالية وحرمان الجمهور من مرافقة فريقها لم تسفر عن النتيجة المطلوبة للحد من استخدام النيران داخل الملاعب، وهذا ما يجعل الاتحاد بحاجة لإعادة النظر بأمر العقوبات وتشكيل لجنة مختصة لوضع بنود متعلقة بهذه الظاهرة على أن تحمل عقوبات مشددة.

ويرى الكثير من المتابعين لتلك الظاهرة أن العقوبة لا يجب أن تقل عن اتخاذ قرار مباشر من الحكم بإنهاء المباراة بمجرد إطلاق المفرقعات، مع تخسير الفريق الذي تورط أحد مشجعيه في إلقائها على الملعب.

مسؤولية الأندية

لا شك أن دور الأندية الرياضي أساسي ومفصلي لمحاولة القضاء على تلك الظاهرة، وعليها أن تقوم بواجبها في توعية الجماهير من خلال ورش عمل وندوات وفعاليات مختلفة وبشكل دوري.

ولعل المُلاحظ -وما يدعو للأسف - في الآونة الأخيرة هو انعكاس الأدوار في بعض الأندية الجماهيرية على وجه الخصوص، إذ وبدلاً من إصلاح وتهذيب تلك الأندية للفئة المتعصبة من جماهيرها، فإن هذه القلة القليلة باتت تملك من القوة بحيث تؤثر على قرارات الأندية وتوجهاتها.

لذلك فإن إصلاح المنظومة الرياضية برمّتها يبدأ من إصلاح الأندية من الداخل، وهو حدث ذلك فإن الظواهر السلبية بما فيها إلقاء المفرقعات ستنتهي إلى الأبد.

سجن وغرامة

المخاطر التي أدركتها العديد من الاتحادات العربية والدولية لمثل هذه الظواهر ومعالجتها بعقوبات مشددة جعل من استخدام المفرقعات والألعاب النارية يشكل ظاهرة سلبية ترفضها الجماهير قبل غيرهم، ولعل موقف الاتحاد المصري قبل عدة سنوات ومن بعده الاتحاد السوري لكرة القدم خير دليل على أن هذه الظاهرة لا يمكن منعها أو الحد منها سوى من خلال العقوبات المشددة للحفاظ على الأفراد والملاعب وكل من يتواجد داخل الملاعب.

في مصر على وجه الخصوص لم يقتصر الأمر على العقوبات الرياضية، بل إن لجنتي الشباب والرياضة، والشئون الدستورية والتشريعية بالبرلمان وافقت على مشروع "قانون الرياضة" الذي ينص على فرض عقوبات قاسية على أي شخص يثبت حيازته أو استخدامه لـ"الشماريخ".

فقد نصت المادة 90 على التالي: "يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد على 20 ألف، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من دخل إلى مكان النشاط الرياضي أو أي هيئة أو منشأة رياضية ولو في غير ممارسة نشاط رياضي وهو في إحدى الحالات الآتية:

حائزا أو محرزا أو متعاطيا مسكرا أو مخدرا.

حائزا أو محرزا لألعاب نارية أو مادة حارقة أو قابلة للاشتعال سائلة أو صلبة أو أي أداة يكون من شأن استخدامها إيذاء الغير أو الإضرار بالمنشآت أو المنقولات".