فلسطين أون لاين

تقرير 28 عامًا على مجزرة "الحرم الإبراهيمي" ولا يزال يعيش تحت وطأة التهويد والتقسيم

...
صورة أرشيفية
الخليل- غزة/ نور الدين صالح:

28 عامًا مرّت على مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل، التي ارتكبها المجرم الصهيوني باروخ جولدشتاين، في محاولة لإيجاد موطئ  قدمٍ له داخل هذا المكان المُقدّس، ولا يزال يتعرض حتى اليوم لمسلسل التقسيم الزماني والمكاني والتهويد.

في الخامس والعشرين من فبراير/ شباط عام 1994م، والذي صادف فجر الـ 15 رمضان، نقّذ جولدشتاين، مذبحة ضد الحرم الإبراهيمي، بالتواطؤ مع عددٍ من المستوطنين والجيش بحقّ المصلين، إذ أطلق النار صوبهم أثناء أدائهم صلاة الفجر، ما أدّى إلى استشهاد 29 مُصليًّا وإصابة 155 آخرين، فيما انقضّ عليه مصلّون آخرون وقتلوه.

وفي اليوم الذي سبق المجزرة، أطلق عدد من المستوطنين تهديدات أثناء صلاة التراويح بأنهم سيهاجمون المصلّين، إذ أنّ المضايقات لم تتوقف يومًا منذ اللحظة الأولى لاحتلال الخليل عام 1967 والتي كانت بإحراق سجاد المسجد وإلقاء الحجارة والأحذية على المصلّين والاعتداء عليهم.

ويروي الشيخ حفظي أبو سنينة مدير الحرم الإبراهيمي السابق والشاهد على المجزرة، أنّ حكومة الاحتلال كانت تُدبّر لهذه المجزرة واختارت الوقت والزمان المُناسبين للانقضاض على الحرم ووضع موطئ قدمٍ لها داخله.

ويقول أبو سنينة لصحيفة "فلسطين" إنّ المجرم الإسرائيلي أطلق النيران صوب المصلين أثناء تأدية صلاة الفجر بشكلٍ عشوائي، إذ سالت دماء المصلين آنذاك.

ويوضّح أنه بعد وقوع الجريمة استباح الاحتلال الحرم الإبراهيمي بالكامل، وأغلقه لمدة 9 شهور متواصلة، حيث لم يُرفع الأذان مُطلقًا في تلك الفترة، وجرى تقسيمه زمانيًّا ومكانيًّا، إضافة إلى تخصيص 10 أيام في السنة للمستوطنين لإقامة الصلوات التّلمودية.

ومنذ ذلك الحين، تُواصل سلطات الاحتلال انتهاكاتها بحقّ الحرم الإبراهيمي، وفق أبو سنينة، حيث أغلقت الشارع الرئيسي الواصل إليه، وقرابة ألف محلّ تجاري في تلك المنطقة.

ويُبيّن أنّ الاعتداءات الإسرائيلية على حرية العبادة في الحرم ما زالت مستمرة، إضافة إلى إقامة المشاريع الاستيطانية مثل المصعد الكهربائي، والحفريات التي يسعى الاحتلال من خلالها للوصول إلى أساسات الحرم وربّما المغارة التي دُفن بها الأنبياء.

وبعد 28 عامًا على وقوع المجزرة يُمنع رفع الأذان في الحرم ما بين 500 و600 مرة في العام الواحد، ويُغلق الحرم كاملًا في الأعياد اليهودية أمام المسلمين، ويُسمح للمستوطنين بإقامة الحفلات والمناسبات، حسب أبو سنينة.

ويُضيف أنّ "استمرار تواجدنا في الحرم يُفوّت الفرص على الاحتلال الذي يحاول تفريغ كلّ المنطقة من السّكان الفلسطينيّين"، داعيًا المؤسسات والمنظمات الحقوقية الدولية وخاصة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونيسكو" بضرورة التدخُّل لحماية الحرم من جرائم الاحتلال المتواصلة.

وختم حديثه "سنبقى متواجدين في الحرم ونؤمّ الصلوات بشكلٍ كاملٍ، رغم الحواجز والبوابات التي وضعها الاحتلال على مداخل الحرم، من أجل حمايته بكلّ ما أوتينا من قوّة".

يُشار إلى أنّ سلطات الاحتلال شكّلت بعد المجزرة بعدة أشهرٍ لجنة "شنغار" التي ظهرت وكأنها حلّت المشكلة من خلال التقسيم الزماني والمكاني للحرم الإبراهيمي، فكان جزء منه لليهود والجزء الآخر للمسلمين، على أن يفتح كاملًا 10 أيام في العام لكلّ جانب.

واقع مرير 

إلى ذلك يصف مدير لجنة إعمار الخليل عماد حمدان واقع الحرم الإبراهيمي في أعقاب المجزرة وحتى الآن بـ "المرير"، قائلًا: "أثناء المجزرة كُنّا الضحية والجانب الذي تمّ محاسبته ومعاقبته من خلال فرض السيطرة الكاملة الأمنية الاحتلالية على الحرم".

وبيّن حمدان خلال حديثه مع "فلسطين"، أنه "في أعقاب المجزرة تمّ تقسيم الحرم زمانيًّا ومكانيًّا، وفرض السيطرة الكاملة عليه"، داعيًا "اليونيسكو" للقيام بدورها تجاه الحرم خاصّة أنها اعتبرته "موروثًا تُراثيًّا عالميًّا".

وشدّد على أنّ "الاحتلال لا يزال يُكرّس عملية التهويد ويعمل على تغيير بعض معالم الحرم من خلال الحفريات الجارية سواءً في الساحات الخارجية أو في الأسفل"، مُعتبرًا ممارسات الاحتلال "جريمة بحقّ الإنسانية والموروث الثقافي والحضاري الفلسطيني والإسلامي".

وبيّن أنّ "لجنة الإعمار" تعمل على ترميم وإصلاح الحرم منذ 24 عامًا، في ظلّ استمرار استهداف الأسوار الخارجية والداخلية والأسقف والزخارف وغيرها من المعالم فيه، والمُعيقات التي تواجهها.

ولفت إلى أنّ الفلسطينيّين يتصدّون لإجراءات الاحتلال في الحرم من خلال التواجد البشري فيه والدعوة لأداء الصلوات وخاصة "الفجر" في كلّ يوم جمعة.

واستعرض حمدان، أبرز انتهاكات المستوطنين في الحرم، ومنها أداء الصلوات التّلمودية وإقامة الحفلات الصّاخبة في الساحات الخارجية دون الاكتراث لمواعيد صلوات المسلمين، إضافة إلى حشد آلاف المُتطرّفين وغولاتهم واستقطاب الزعماء في دولة الاحتلال.

ونبّه إلى أنّ المستوطنين يواصلون إشعال الشموع وإحراق الأوراق قرب السور السليماني من الناحية الشرقية للحرم، مما يُلحق الضّرر به وقد يؤدّي إلى تلف الحجارة في قادم الأيام.