فلسطين أون لاين

تقرير من أوراق الزيتون تصنع "نادية" مجوهرات تحكي قصة الأرض

...
غزة/ هدى الدلو:

 

لا يزال الفلسطينيون يبدعون في ابتكار أساليب لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي بطرق ووسائل مختلفة، فالفلسطينية نادية أبو غطاس اتخذت من الشجرة المباركة سلاحًا لتشهره في وجه الاحتلال الذي يسعى لتدمير وتخريب كل ما يصل الفلسطيني بأرضه.

أشعلت الفنانة التشكيلية سراج موهبتها في صناعة الأشغال اليدوية واتخذت من شجرة الزيتون وسيلة لصنع حلي من أوراقها، وتحف خشبية من جذورها تحكي من خلالها قصة الأرض وما تتعرض له من تخريب وتدمير.

ولدت نادية وترعرعت في بلدة بيت جالا التي تقع إلى الشمال الغربي من مدينة بيت لحم، لعائلة فنية تنحت الحجارة وتنقشها، وغرسوا في نفسها بأن كل ما تعطيه وتنتجه الأرض يمكن أن يتحول إلى قطع فنية، فولد لديها شغف منذ نعومة أظفارها بحب الأشغال اليدوية.

نما معها حب الفن وكبرت معه، ونسجت له مكانًا له في قلبها، لتطرق أبواب المحترفين في تلك المجالات تتعلم وتتلمذ على أيديهم من تطريز ورسم على الزجاج وحياكة وغيرها من المشغولات، حتى تمكنت من لفت أنظار من حولها الذين آمنوا بموهبتها بعد أن نالت إعجابهم.

تقول نادية لصحيفة "فلسطين": "بحثت كثيرًا حولي بعدما أغاظتني ممارسات الاحتلال بحق بلادي، وأردت من خلال مشغولاتي وأعمالي إيصال رسالة للعالم، فلاحظت أن أكثر ما يتم اقتلاعه أشجار الزيتون حيث يتم مصادرة الأراضي لتحقيق أهداف الاحتلال ببناء المستوطنات وجدار الفصل العنصري".

وتضيف: "باتت تتناقص أعداد أشجار الزيتون، فحاولتُ استثمارها واستيحاء فكرة منها بعمل فني يعبّر عن حبي للشجرة المعمرة التي تزين بلدتي، ويجسّد قيمتها في نفوس الفلسطينيين، وما تحمله من معاني السلام والانتماء والوفاء للأرض، فجسدت أوراق الزيتون وزهوره في عمل فني".

ألهمتها أوراق الزيتون ذات الخضار الداكن فتحولها إلى حُلي، من خلال صب الفضة على أوراق الزيتون الطبيعية، ليكون المُخرج ورق زيتون فضة يحمل شكل الورقة الطبيعي وملمسها وحجمها بتصاميم مناسبة لكل ورقة من أساور وقلائد وخواتم وتعاليق وغيرها.

وتشير إلى أن هذه الشجرة المباركة التي ذكرت في الكتب السماوية تجاوز عمر بعضها أكثر من 3000 عام، فهي شجرة معطاءة تعطي الثمر والزيت والخشب، ومع ذلك تتعرض لانتهاكات وإعدامات بحقها.  

وبدأت نادية في مشروعها عام 2015، ولا يقتصر عملها على صناعة القطع الفضية على أشكال أوراق الزيتون وزهره، بل تصنع قالبًا لكل قطعة، ولا تكرر القالب.

وعن مراحل صناعتها، تبين أنها بعد قطف أوراق الزيتون وأزهاره، تختار المميز منها حيث لا تشبه ورقة الأخرى، ثم تصنع قالبًا لكل واحدة لتصب فيه طبقة من الفضة المصهورة أو الذهب ليظهر معه نسخة طبق الأصل عن الورقة.

غطاس (2).jpg
 

بعدها تشرع نادية في تصميم شكل الخاتم أو العقد بإدخال بعض الكماليات البسيطة من أحجار كريمة، أو خرز ملون وغيرها.

والمشروع الذي بدأته بعدة بسيطة وإمكانيات متواضعة استطاعت أن تسجله رسميًا، وتبيع منتجاتها في المعارض الداخلية، ليجد له صدى فيما بعد عربيًا ودوليًا من خلال مشاركاتها الخارجية، لتسرد هذه المجوهرات حكاية فلسطين وأشجارها وما تتعرض له من محاولات للاحتلال لاقتلاعها واقتلاع أهلها من أرضهم. 

تحاول نادية دائمًا العمل على تطوير إنتاجها وابتكار تصاميم جديدة بأوراق الزيتون رغم ما تعانيه من وجود الحواجز الإسرائيلية، وجدار الفصل العنصري، وتمكنت من عمل خط جديد في عالم صياغة المعادن الثمينة.

وبفكرة مشروعها القائم على تحويل أوراق الزيتون الطبيعية إلى مجوهرات، تمكنت نادية من إيصال رسالة محبة من بلد السلام إلى جميع أنحاء العالم، وكل قطعة مجوهرات هي شاهدة على معاناة الفلسطينيين على مر الأزمنة، والتي تحكي قصة الأرض واقتلاع أشجارها، وما يتعرض له شعبها من سلب للحقوق ونهب لخيرات بلادهم.