قائمة الموقع

"عائدون إلى الحياة".. رواية بطابع بوليسي أبطالها فتية النفق

2022-02-22T08:46:00+02:00
غلاف رواية عائدون إلى الحياة

أبطال يلبون نداء الدفاع عن الوطن، يحملون أرواحهم على أكفهم، يحاربون العدو من تحت الأرض، يحذوهم أمل كبير بالعودة إلى الحياة فهم يعشقونها كما يعشقون البندقية، صراع بين الحياة والموت يخوضه فتية النفق بطابع بوليسي تحمله أحداث رواية "عائدون إلى الحياة".

استلهم كاتب الرواية سعيد أبو غزة أحداثها، من قصة حقيقية وقعت في العدوان الإسرائيلي عام 2014، حينما نجا 23 مقاوما من أصل 29، بعد أن قضوا نحو 25 يوما تحت الأرض حين قصف الطيران الحربي الإسرائيلي مدخل النفق.

سعيد أبو غزة كاتب من مدينة غزة، له ثمان إصدارات أدبية، "عائدون إلى الحياة" هي ثالث رواية يصدرها تختص بالأدب المقاوم وقد نشرت في معرض الكتاب في عمان في نهاية ديسمبر 2021، وعرضت في معرض الدوحة للكتاب مؤخرا.

الأبطال الحقيقيون للقصة هم مقاومون من "وحدة الكوماندوز" التابعة لكتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لحركة "حماس"، قضوا 25 يوماً داخل النفق، بعد انهيار أجزاء كبيرة منه أغلقت مخارجه، إثر غارات جوية إسرائيلية مكثفة.

قضى هؤلاء المقاومون 21 يوما بلا أي اتصال أو إمداد، حوصروا بعد قصف أجزاء من النفق الذي كانوا ينطلقون منه والذي ظل سليما رغم إغارة الطيران الإسرائيلي عليه أكثر من مرة.

يقول أبو غزة: "كأي مواطن عادي تابعت الخبر الذي نشرته المقاومة عن إنقاذ أفراد هذه الوحدة، من دون مزيد من التفاصيل، ولم يكن لديّ أي تفاصيل حقيقة أخرى، لذا بدأت بكتابة أحداثها من نسج خيالي وأصبغتها بطابع بوليسي".

تقع الرواية في 166 صفحة من القطع المتوسط، واستغرق أبو غزة في كتابتها عاما كاملا.

البناء السردي للرواية متماسك، حيث تسير وفق خط زمني متصل خلال العامين (2013-2014) حيث تتكثف الأحداث خلال هذه الفترة وتتصاعد وصولاً لذروتها قبيل الوصول للحل بحبكة جيدة، وذلك بقدر مقبول من التشويق، وشخوص الرواية يتناولهم صاحب النص خلال الأحداث، وقد صيغ النص بلغة سلسة ومفهومة، وبها دفقات جيدة من التشويق.

بدايةُ الحكاية

الثاني من نوفمبر:

دلفتْ سيِّدَةٌ أربعينةٌ مُنتقبةٌ، تتشح بالثوبِ الأسودِ من أعلى رأسها لأخمصِ قدميها، حتى حذاؤها أسودُ وعيناها البارقتان شديدتا السواد تتلألآن وسْط بياضٍ داكنٍ، تحتضن طفلًا بين ذراعيها، وقفتْ أمام الصيدلي "حمزةَ" طالبةً صرف روشتةِ الدواءِ لابنها، أرسل الصيدلاني "حمزةُ" ابتسامةً تسويقيَّةً للسيدةِ المتحجبةِ وتسمَّرتْ عيناه وقدماه وهو يقرأُ الروشتةَ الغريبةَ والعرقُ يتصبَّبُ من جبهته التي باتت مُحْمَرَة.

تَنَحْنَحَتْ السيدةُ قائلةً: يا دكتور أُريد الدواء المدَّوَن في الروشتةِ فهو لابني المريضِ، لديه سخونةٌ باستمرار منذ يومين والطبيبُ قال لي أن أعودَ لكَ بعد يومين لآخذ جرعةً أخرى من الدواء.

تلعثمَ الصيدلانيُّ "حمزةُ" وبدأ كمن ضُرِبَ على رأسِه بعصًا غليظةٍ، لفَّ حولَ نفسِه لفتين قبل أن يتناول علبة "أكامول" وسلَّمها للسيدةِ التي غادرتِ الصيدليةِ كالبرقِ الخاطفِ.

أحداث الرواية تتسارع حينما تندلع الحرب الثالثة على غزة في أحد الأيام الرمضانية، واستمرت 51 يوماً، ويأتي دور هذه المجموعة لتنفذ ما تدربت عليه عملياً، وتنجح في تنفيذ عملية نوعية، وخطف جندي إسرائيلي، وبينما كانت تهم بالدخول به إلى داخل النفق، تتعرض لقصف جوي إسرائيلي، أسفر عن استشهاد عدد من المقاومين ومقتل الجندي الأسير.

علق 7 مقاومين في مسافة 10 أمتار داخل النفق، الذي أغلق من أمامهم ومن خلفهم جراء قوة القصف الجوي، وانقطع الاتصال اللاسلكي بغرفة القيادة، وبعد لحظات من الصمت دفن خلالها القائد رأسه بين ركبتيه ويداه أعلى رأسه في جلسة القرفصاء، انتزع من جعبته قارورة ماء وكيساً يحتوي على 10 حبات من التمر، ووضعها أمامهم، ففعل الجميع ذات الفعل، فتجمعت لديهم 7 قوارير من الماء و70 حبة من التمر، شكلت ما وصفه أبو غزة في روايته "غرفة طوارئ للمؤن".

الخلاص بالبوح

حاول المقاتلون الخروج من النفق ولكن باءت محاولاتهم بالفشل، يسرد أبو غزة يوميات المقاومين داخل النفق وما عانوه من نقص في الغذاء والماء والهواء، وخلال تلك اليوميات سوف يسرد كل فرد من أفراد المجموعة مقتطفات وصور من حياته ونشأته وأحلامه، وعن أسرته.

ويستفيض أبو غزة في وصف حالة كل مقاتل ومناجاته مع الله، وتذكر لحظات الموت، والمكوث في القبر، ودارت بينهم أسئلة عن الوجود والحياة، وفجأة رأى أحد المقاومين وهو مدرس أحياء، نملة في النفق فاستشف أن هناك حياة في النفق، ودليل بوجود الماء، فبدؤوا يبحثون عن مصدر للماء ووجدوا ما أعانهم على البقاء على قيد الحياة. 

خلال (27) يوما من الحبس داخل النفق تبدأ صحة المقاتلين بالتدهور شيئاً فشيئاً، ويفقدون الأمل بالنجاة مرة، ثم يتجدد لديهم هذا الأخير مرة أخرى، إلى أن تتوقف الحربـ وتبدأ فرق الهندسة التابعة للمقاومة الفلسطينية في غزة بالبحث عنهم، يستمر أمر البحث ويسمع المقاتلون داخل النفق أصوات أدوات الحفر، فيتجدد الأمل بالنجاة لدى من بفقي حياً منهم، إلى أن تصل فرق الهندسة إليهم أخيراً لكن بعد أن يكون قد استشهد من استشهد منه، ونجا من نجا.

عاد المقاتلون الستة للحياة مجددًا يرسمون خارطةً جديدةً لأحلام مستقبلية، يتدثرون بذاكرة الموت التي تعبق صدورهم المؤمنة، عادوا لدفء الشمس رجالًا يكتبون ملامح ملونة لرواية لم تكتمل بعد، عاد مقاتلو الوحدة الخاصة من الموت وهم لا يعرفون أسماء بعضهم الحقيقية، بينما تتألف أرواحُهم في جسد النفق وذكرياته التي حفرت في صدور من الصخر.

اخبار ذات صلة