ثلاثةُ أعوامٍ مرّت على هبّة مُصلّى "باب الرحمة" بعدما كشّر المقدسيون عن أنيابهم وتصدّوا لقوات الاحتلال الإسرائيلي، التي وضعت أقفالًا عليه لمنع المُصلّين من أداء الصلوات فيه، إذ تمكّنوا من إعادة فتحه بعد إغلاقٍ دام أكثر من 16 سنة.
وبدأت أحداث هبّة "باب الرحمة" مساء السابع عشر من شهر فبراير/ شباط 2019، بعدما اكتشف المصلّون قفلًا على البوابة تبيّن أنّ قوات الاحتلال وضعته على إثر اجتماع مجلس الأوقاف الجديد في المبنى بتاريخ 14/2/2019 وأداء صلاة الظهر فيه.
وبعد يومين، توالت التطوّرات عقب تأدية الجماهير الفلسطينية بالقدس صلاة الظهر في منطقة "باب الرحمة"، واشتبكوا مع قوات الاحتلال، إلى أن تُوّج المشهدُ بدخول المقدسيّين إلى المبنى وأداء صلاة الجمعة فيه يوم 2019/2/22، لأوّل مرةٍ منذ أغلقته شرطة الاحتلال عام 2003.
استطاع المقدسيّون خلق معادلة اشتباك جديدة مع الاحتلال، حيث كان من نتاج هذه الهبّة، إبقاء باب الرحمة، مفتوحًا أمام المُصلّين لأداء جميع الصلوات فيه، حتى الآن، حسب ما يقول مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني.
ويُوضّح الكسواني في حديثه مع صحيفة "فلسطين"، أنّ المُصلّين يؤدّون الصلوات الخمس في المُصلّى بشكلٍ طبيعي، حيث أنّ إدارته عادت لوزارةِ الأوقاف والشؤون الدينية، مُشدّدًا على أنه "جزءٌ أصيلٌ من المسجد الأقصى وهو حقٌّ خالصٌ للمسلمين".
وبيّن أنّ المُصلّى بحاجةٍ إلى صيانةٍ وترميم، لكنّ "سلطات الاحتلال تمنع ذلك"، مُؤكّدًا أنّ وزارة الأوقاف مُصرّة على ترميمه ضمن برنامج مُتفق عليه.
وأشار إلى أنّ المستوطنين يُمارسون التّضييق على المُصلّين خلال اقتحامهم للمسجد الأقصى، من خلال تفريق تواجدهم وإبعادهم، مُعتبرًا ذلك "سياسةً مُمنهجةً للنّيل من المُصلّى والمُصلّين".
وأوضح أنّ المُصلّى يتبع لوزارة الأوقاف ومن حقّها أن تفعل به ما تشاء، من حيث التطوير والترميم، كما باقي أجزاء المسجد الأقصى.
تجدر الإشارة إلى أنّ المحاولات الإسرائيلية لتقويض نتائج هبة "باب الرحمة" وإغلاق المصلى لم تتوقف، إذ أنّ الإرادة الشعبية المقدسية منعت الاحتلال من إحداث أيّ تغييرات جوهرية في المكان.
وفي عام 2017، أصدرت محكمة الاحتلال قرارًا قضائيًا يقضي بإغلاق المبنى إلى إشعارٍ آخر، بموجب "قانون مكافحة الإرهاب".
ويُعتبر باب الرحمة من أقدم وأشهر الأبواب في السور الشرقي للأقصى، يقع على بعد 200 متر جنوبي باب الأسباط، ويتمتع بمكانةٍ دينيةٍ وتاريخيةٍ عظيمة، وهو مُكوّنٌ من بوّابتين ضخمتين، هما الرحمة جنوبًا والتوبة شمالًا.
وسُمّى هذا الباب لدى الأجانب بالباب "الذهبي" لرونقه وبهائه، ويعود بناؤه إلى العصر الأموي بدلالة عناصره المعمارية والفنية، وهو بابٌ مزدوجٌ يعلوه قوسان ويؤدّي إلى باحة مسقوفة بعقود ترتكز على أقواس قائمة فوق أعمدةٍ ضخمة.