عاد مشهد الاعتداءات التي يقوم بها قطعان المستوطنين بحماية من جيش الاحتلال في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة التي كانت شرارة اندلاع معركة سيف القدس خلال شهر مايو الماضي.
الاعتداءات التي يشنها المستوطنون ضد المواطنين الفلسطينيين تفتح الباب مجددا أمام إعادة مشاهد المواجهة وكذلك إمكانية توفير أجواء تساهم في الذهاب إلى مواجهة جديدة على الرغم من كل الأحاديث التي يتم نشرها هنا وهناك، بأن طرفي المواجهة الاحتلال والمقاومة ليسا مهتمين في الدخول في مواجهة خلال الفترة الحالية وهو الموقف ذاته الذي سبق معركة سيف القدس منتصف العام الماضي، لكن سلوك الاحتلال الإسرائيلي، وتشجيع الأحزاب الصهيونية للمستوطنين على تنفيذ اعتداءاتهم على الفلسطينيين بهذه الطريقة، يساهم في تأجيج المواجهة.
العوامل المتوفرة حاليًّا هي أقرب نحو الذهاب إلى مواجهة في مرحلة معينة، وقد تكون المقاومة قد اتخذت قرارها في التعاطي مع الحالة والذهاب لمواجهة، وهذا يعود إلى المبدأ الذي تبنته المقاومة في غزة وهو الدفاع عن حي الشيخ جراح والقدس واقتحام المسجد الأقصى.
إن سوء تقدير الموقف الذي يقع فيه الاحتلال، يمكن أن يعيده إلى النقطة صفر، ويقع في نفس الخطأ الذي حدث في مايو الماضي عندما اعتقد خاطئًا أن المقاومة لن تتدخل ولن تتخذ موقفًا فيما يتعلق في المسجد الأقصى باعتباره شأنًا آخر لا يرتبط بالمقاومة في غزة بشكل مباشر وهو ما ساهم في الذهاب إلى المواجهة، وهذا ما يحدث حاليًّا.
كل ذلك يتطلب اليقظة والحذر والمسؤولية لدى الوسطاء بأن ينتبهوا لما يحدث، ومنع العودة لذات المربع الذي يمكن أن يقود لمواجهة أوسع وأكبر، خاصة أن المقاومة أصبحت أكثر صلابة بموقفها، وتشبثًا بدورها في عهد الاحتلال ومواجهته ووضع حد لاعتداءات المستوطنين على المواطنين الفلسطينيين في القدس وفي الضفة الغربية.
لا يفوتني أن أطرح ملف كيفية تعامل المقاومة مع مثل هذه القضايا بحيث إن إطار عمل المقاومة لا ينحصر في غزة، بل في كل ما يتعلق بفلسطين وبنفس المستوى أن وجود وتفعيل المقاومة في القدس والضفة الغربية هو عامل قوي لصد اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي، وبنفس الأمر بتفعيل المقاومة في الضفة، وما شاهدناه خلال الأشهر الأخيرة من اعتداءات المستوطنين على المواطنين في الطرقات في الضفة الغربية قد تقلص بشكل كبير بعد أن تحركت المقاومة المسلحة والشعبية هناك ضد الاحتلال، من خلال إطلاق النار على المستوطنين وجنود الاحتلال بشكل دوري ومهاجمة المواقع العسكرية ومهاجمة الحواجز والتصدي لعمليات الاقتحام، مما يدل على أن وجود مقاومة قوية بالضفة الغربية قادر على ردع الاحتلال الإسرائيلي دون الذهاب إلى مواجهة جديدة.
كل ذلك يضاف له وضع حد لاعتداءات الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية على المقاومين الذين يحاولون التصدي للاحتلال والمستوطنين، وبذلك فهي تساهم في تقوية شوكة المستوطنين وتصعيد الاعتداءات على المواطنين الفلسطينيين، ولم تكتفِ بالتقاعس عن دورها في تقديم الحماية لهم، بل أصبحت عاملًا مساعدًا للاحتلال والمستوطنين في الاستفراد بالمواطنين.