كانت انتفاضة الأقصى في عام ٢٠٠٠م في عهد يهود باراك رئيسا للوزراء. باراك يتحدث عن فترة رئاسته لصحيفة معاريف مستذكرا أمورا سياسية وأخلاقية ذات مغزى، أقف عند أمرين منها: الأول أخلاقي، ذو مغزى عنصري، حيث يقول إنه لا يشعر بالذنب حيال قتل شرطته (١٣) فلسطينيا عربيا في الأرض المحتلة عام ١٩٤٨م برصاص الشرطة فيما عرف بهبة أكتوبر! هذا القول فيه تحدٍ صارخ لتقرير لجنة تقصي الحقائق التي ترأسها القاضي اليهودي ثيودور أور والتي خلصت إلى أن العنصرية ضد العرب متجذرة في صفوف الشرطة الإسرائيلية"!
لو كان باراك يتمتع ببعض الأخلاق الإنسانية لشعر بالذنب، وبالخجل من قتله مواطنين يحملون الهوية الإسرائيلية بدوافع عنصرية وقومية، ولما خالف استنتاجات لجنة تقصي الحقائق. هذه العنصرية المغالية التي تسكن شرطة دولة الاحتلال تفاقمت بعد باراك، وأسفرت عن قتل واعتقالات تعسفية وعنصرية في عهد حكومة نتنياهو في أثناء حرب (سيف القدس)، وتمادت هذه العنصرية في تغولاتها في حرق عائلة دوابشة في القدس، وفي قطع أشجار الزيتون التي تعود ملكيتها للعرب، وها هي تكشف عن وجهها القبيح في طرد سكان الشيخ جراح من منازلهم التي عاشوا فيها أكثر من سبعين عامًا!
(إسرائيل) دولة تمييز عنصري بأعمالها، وبتصريحات قادتها، وبتقارير المنظمات الدولية ذات الصلة، ومع ذلك تجد في أميركا ودول أوروبا من يحميها من الإدانة، وكان حقها أن تعاقب بما عوقبت به حكومة البيض في جنوب إفريقيا.
والأمر الثاني سياسي، حيث اعتبر أن خطأه الأكبر هو عدم تشكيل حكومة وحدة مع شارون الذي وافق على كل شروطه شريطة أن تقف العملية السياسية! ومن المعلوم أن انتفاضة الأقصى كانت في عهد باراك بسبب سماحه لشارون بدخول المسجد الأقصى. وهذا يعني أن باراك كحزب عمل، وشارون كليكود لا يؤمنون بالحل السياسي، ولا يتبنونه، لذا يظهر باراك ندمه على عدم الموافقة على مطلب شارون، والذي انتهى بخسارة باراك للانتخابات.
ما قدمته من استعراض سياسي وأخلاقي أتوجه به إلى الذين يلهثون خلف قادة حكومات الاحتلال، ووراء المفاوضات، والذين يبيعون شعبهم مخدرات سياسية حول دولة فلسطينية، وعملية الانتقال من السلطة للدولة، وهم بعيدون بعد المشرقين عن هذه الأحلام، لأن الأحزاب الإسرائيلية تجمع على رفض الحل السياسي، وتصر على يهودية الدولة، وتتمسك بعدم المساواة بين اليهودي والعربي من سكان فلسطين داخل الخط الأخضر؟!