فلسطين أون لاين

هل يرتعب العدو الإسرائيلي من الحرب على جبهتين؟

منذ حرب أكتوبر 1973 لم يحارب العدو الإسرائيلي إلا على جبهة واحدة: الحرب في لبنان أو في غزة أو الضفة الغربية، ما عدا معركة سيف القدس مايو 2015، إذ صارت المواجهة مع العدو على ثلاث جبهات: جبهة غزة بصواريخها، وجبهة الضفة الغربية والقدس بمسيراتها ومواجهاتها، وجبهة فلسطينيي الـ48 بالصدامات والاشتباكات وإغلاق الطرق، وهذا التلاحم على الجبهات الثلاث كان مصدر قوة المقاومة الفلسطينية، وعنوان النصر في معركة سيف القدس.

فإذا كانت المعركة على جبهة فلسطين وحدها أربكت حسابات العدو، وقلبت الموازين؛ فكيف لو كانت المعركة القادمة مع العدو على جبهتين عربيتين: جبهة لبنان في الشمال وجبهة فلسطين في الجنوب؟! وماذا سيترتب على هذه المعركة من متغيرات إستراتيجية، ومستجدات إقليمية، لا سيما إذا صار قلب الكيان جزءًا من المعركة، وكان عدد الصواريخ التي ستطلق على أحشائه تفوق قدرته على الاستيعاب والتحمل؟!

لقد نجحت غزة المحاصرة في حصار عدوها أحد عشر يومًا، وأغلقت مطاراته، وأوقفت حركة السفن، وهي وحيدة، مبتدئة في صناعة الصواريخ، وتطوير قدراتها الراجمة، فكيف لو أضيف إلى قوة غزة قوة الجنوب اللبناني التي تقدرها المصادر الأمنية الإسرائيلية الموثوقة -وفق ما ذكره التلفاز العبري- 230 ألف صاروخ، قادرة على إصابة كل شبرٍ من فلسطين المغتصبة، وأن حزب الله سيطلق في المواجهة القادمة نحو 1500 صاروخ يوميًّا؟!

سنة 2022 تختلف عن سنة 2021، فنحن أمام معادلة جديدة للصراع، ونحن أمام معطيات ميدانية لم تكن في مراحل سابقة من المواجهات، وهذا أمر له انعكاساته على كل المنطقة العربية، وقد اعترفت بذلك المصادر العسكرية الإسرائيلية حين قالت إن لدى حزب الله قوات خاصة قادرة على التوغل في شمال فلسطين، وإن لدى رجال المقاومة الفلسطينية في غزة القدرة نفسها على التوغل، فإذا تحققت هذه التقديرات الإسرائيلية، التي لا ينفيها الواقع؛ فذلك يعني انشغال الجيش الإسرائيلي بالدفاع، بعد أن كان صاحب المبادرة في الهجوم، ونقل المعركة إلى أرض العدو، وفق النظرية العسكرية التي اعتمدها في كل حروبه السابقة.

إن التحالف الميداني بين جبهة جنوب فلسطين العسكرية وجبهة جنوب لبنان لكفيل بأن يخلق واقعًا ميدانيًّا جديدًا، ولكن الأخطر الذي تخافه الأجهزة الأمنية الإسرائيلية يتمثل في البعد المعنوي من وحدة الجبهات العربية، وانعكاس ذلك على ميدان القتال أولًا، ومدى تأثيره في الروح المعنوية للمجتمع الإسرائيلي ثانيًا، ثم كمية تفاعل المجتمعات العربية مع المستجدات الميدانية، وتأثير ذلك في الأنظمة المطبعة مع العدو.

إن حقيقة التحالف الميداني القائم بين القوى المقاومة للعدو الإسرائيلي، التي تتبادل الخبرات والتجارب والتسليح والتصنيع فيما بينها على مدار الساعة، هذه المعطيات القائمة على الأرض؛ لتؤكد أن الأمة العربية قادرة على تقديم النموذج الأمثل للوحدة في المواجهة القادمة، التي سيجسدها رجال المقاومة تحت عنوان: أمة ترفض العدوان، وتسعى لتأخذ دورها بين الأمم.