طالب مُختصُّون بشأن الأسرى بوضع استراتيجية متكاملة للتعامل مع ملف الأسرى على الأصعدة الإعلامية والميدانية والحقوقية، مؤكدين على ضرورة تجميع وتوحيد الجهود من أجل نصرة الأسرى في سجون الاحتلال لا سيّما المرضى والمعتقلين إداريًّا.
وشدّدوا خلال لقاءٍ سياسيّ نظّمته وزارةُ الأسرى والمحرّرين في مدينة غزة اليوم الأربعاء، بالتعاون مع حملة "الحياة حق" تحت عنوان "الأسرى.. في مواجهة سياسة الإهمال الطبي"، على ضرورة قيام سلطة رام الله بدورِها في تدويل قضية الأسرى ونشر معاناتهم وفضح الاحتلال ومحاكمته في المحاكم الدولية.
وقال مدير العلاقات العامة بوزارة الأسرى صابر أبو كرش إنّ الأسرى يتعرضون لجرائمَ واعتداءاتٍ مُستمرة من قِبل إدارة السّجون الإسرائيلية التي تُمارس جرائم حربٍ حقيقية ضدّ الأسرى الفلسطينيين داخل السجون.
وأكّد في كلمة له على أنّ ما يتعرّض له الأسرى يضعنا أمام مسئولية القيام بجهودٍ مُوحّدة من الكلّ الفلسطيني والوقوف خلف قضية الأسرى الذين يتعرّضون للموت البطيء في ظلّ صمتٍ مُطبقٍ من العالم بأسره.
ونبّه أبو كرش إلى ضرورة فتح جبهاتٍ جديدةٍ لتدويلِ قضية الأسرى وفتح قنواتِ نضالٍ خارجيةٍ على الصّعيد القانوني والإعلامي والرسمي، مُشدّدًا على ضرورة مشاركة الكلّ الفلسطيني في الوقوف إلى جانبِ الأسرى وعدم تركهم لوحدهم يواجهون جرائمَ الاحتلال.
بدوره أوضح مُنسّق لجنة الأسرى للفصائل والقوى الوطنية زكي دبابش أنّ حملة "الحياة حقّ" جاءت بالتنسيق مع الحركة الأسيرة ولجنة الأسرى وكافّة المؤسسات العاملة في شؤون الأسرى في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأشار أبو كرش إلى أنّ الحملة شكّلت في إطارها ثلاث لجان تعمل ضمنها، هي اللجنة الإعلامية التي تهدف إلى فضح ممارسات الاحتلال ضدّ الأسرى داخل السجون، واللّجنة الحقوقية التي ستعمل على رفع مُذكّراتٍ للمؤسسات الدولية ورفع قضايا في محكمة لاهاي.
وذكر دبابش أنّ اللجنة الثالثة هي لجنة ميدانية مُشرفة على العمل الميداني في الداخل والخارج ومتابعة الفعاليات المساندة لقضيةِ الأسرى، لافتًا إلى أنّ اللّجان الثلاث تعمل في إطار الحملة الوطنية لإنقاذ الأسرى المرضى والأسرى المُعتقلين إداريًّا.
وذكر أنّ لجنة الأسرى أرسلت رسائلَ على المستوى الرّسمي الفلسطيني والتي جاء ردُّها "باهتٌ جدًّا" حيث لم تقم بفعلِ أيّ حُراكٍ أو فضحٍ لممارساتِ الاحتلال وانتهاكاته ضدّ الأسرى داخلَ سجونِ الاحتلال الإسرائيلي.
وأشار دبابش إلى أنّ 183 سفارة فلسطينية حول العالم لم يخرجْ منها أيّ ردّ فعلٍ أو تحرُّكٍ وطنيّ يُمكن أن يخدمَ قضيةَ الأسرى، واصفًا الأمرَ بأنه" معيب".
ودعا إلى تكاثفِ الجهود والعمل على إنقاذ الأسرى المرضى والأسرى المعتقلين إداريًّا وإنهاء معاناة الأسرى من الأطفال والنساء والشيوخ.
من ناحيته، أكّد المحامي ومدير مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان علاء سكافي، أنّ سلطات الاحتلال تسعى لفرض سياسات تعسُّفيةٍ من خلالِ شرعنةِ قوانينَ تُنتهك من خلال أبسط حقوق الأسرى وتحرمهم إياها.
وبيّنَ سكافي أنّ هناك توافُقًا بين إدارة السجون والسلطات الإسرائيلية والقضاء في شرعنة ممارساتٍ تعسُّفية تجاه الأسرى الفلسطينيين، لافتًا إلى أنّه رغم وجود قوانين دولية تحمي الأسرى والمعتقلين وحتى المُحتجزين إلّا أنّ الاحتلال الإسرائيلي لا يكترثُ بها ولا يُطبّق حتى الحد الأدنى منها.
وقال سكافي: "إنّ الاحتلالَ يُمارس سياسة الإهمال الطبّي المُمنهج ضدّ الأسرى الفلسطينيّين حيث يحرمَهم من إجراءِ فُحوصاتٍ طبيةٍ دورية، يؤخر العمليات الطبية المستعجلة والضرورية، كما أنه لا يوجد أطباء مُتخصّصين في مهنة الطب".
وأضاف: "خلال الأعوام الثلاثة الماضية تُوفّي العديد من الأسرى داخل سجون الاحتلال بسبب إهمالهم طبيًّا وعدم توفير العلاج اللّازم لهم، وهو ما يُؤكّد أنّ جريمة الإهمال الطبي التي يُمارسها الاحتلال ترقى إلى جريمةِ حربٍ وجريمةٍ ضد الإنسانية".
وأفاد سكافي إلى أنّ ملف الأسرى من أهمّ الملفات المرفوعة في محكمة الجنايات الدولية، إلا أنّ الجهود السياسية الفلسطينية لا تقوم بالدور المنوط بها بالضغط لتقدم هذا الملف، كما أنّ جهود المؤسسات الحقوقية الفلسطينية المعنيّة بشؤون الأسرى مُتفرّقة وغير مُوحّدة وبالتالي الناتج منها يكون ضعيفًا.
وطالب بضرورة مواصلة الفعاليات الشعبية والعمل على تدويل قضية الأسرى والاستفادة من المنابر الدولية وفضح ممارسات وسياسات الاحتلال بحق الأسرى وخاصة المعتقلين إداريًّا والمرضى أصحاب الأمراض الخطيرة.
وفي السياق ذاته، تحدّث الأسير المحرر إياد الجرجاوي عن تجربته كأسيرٍ داخل سجون الاحتلال اكتشف إصابته بورمِ سرطانٍ في الرقبة، ومعاناته في عدم توفُّر أبسط المقوّمات الطبيّة أو حتى المكان اللازم لإجراء الفحوصات اللازمة.
وقال: "إنّ الأطباء الموجودين داخل عيادة سجن الرّملة هم أطبّاء غير مُتخصّصين وليس لهم علاقة بالطب"، لافتًا إلى أنه مُنذ اكتشاف إصابته بالمرض حتّى خروجه من السّجن لم يحصلْ على علاجٍ إلّا بعض المسكّنات.
وأضاف الجرجاوي: "حاولت الحركة الأسيرة الضغط من أجل تشخيص وضعي الطبّي وإجراء صورة طبيّة إلّا أنّ إدارةَ السّجون كانت تُماطلُ من أجلِ تحقيقِ هذا الطلب والذي استغرقَ أكثرَ من شهرٍ حتى سُمحَ بها ليتمّ اكتشاف إصابتي بورمٍ سرطانيّ في الرقبة".
وأكّد أنّ إدارة السّجون تُماطل في توفيرِ أبسط احتياجاتِ الأسرى المرضى وتوصّلهم إلى مرحلةِ الموتِ الحقيقي في سياسةٍ مُمنهجةٍ لتعذيبِهم وقهرِهم، مُشيرًا إلى أنّ الأسرى المرضى بحاجةٍ إلى جهودٍ دوليةٍ لتسليطِ الضوء على أوضاعهم وكشف مُمارسات الاحتلال ضدّهم.