يقال بأن أفضل طريقة لزرع فكرة أو إزالتها من عقل أي إنسان، هي التدرج في ذلك، لأن المُستهدف لن يشعر بذلك التدريج، أما التغيير المفاجئ فقد يخلق رد فعل منه، ويفسد الخطة، ونصبحُ كما براقش التي جنت على نفسها.
وشخصيًّا، كلما التقيتُ بشخصٍ مدخنٍ، أنصحه بترك التدخين وفق برنامج زمني متدرج، يبدأ بإنقاص عدد السجائر التي يدخنها يوميًّا حتى لا يشعر بالانقطاع المفاجئ والكلي لمادة النيكوتين، (فينقلب على عقبيه).
وعلى ما يبدو أن ما أنصح به المدخن هو ما تقوم به وكالة "أونروا" لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم، فلو تتبعنا خدمات الوكالة للاجئين الفلسطينيين منذ التهجير القسري سيجدها كثيرة مقارنة بما هي عليه الآن وتسد حاجة اللاجئين آنذاك، ورويدًا رويدًا بدأت الوكالة بتقليص خدماتها تارة بحجة نقص التمويل وتارة بحجج لا منطق فيها، وهي بذلك أشبه بشركة جوال التي ترفع شعار (كل يوم جديد) رغم ما بين جوال والوكالة من فوارق، فالشركة لا تجبر أحد على خدماتها، ثم انها ليست مسؤولة عن اللاجئين، أما الوكالة فهي مسؤولة وتضع اللاجئ تحت مقصلة الاختيار، إما أن تقبل ما لدينا، أو (ورجينا عرض كتافك).
ومما كان من "أونروا" تجاه اللاجئين أنقله كما قرأته:
-
تقليصات في الأدوية، وبرنامج التشغيل المؤقت، وترميم البيوت، والصحة والبيئة بالمناطق التي تعمل بها.
-
عدم تسجيل الأزواج الشابة وثم منحهم بطاقة لاجئ المستحقة لهم، وعدم إضافة المواليد الجدد.
-
والعمل بنظام القسيمة الموحدة مما زاد من معاناة الأسر الأكثر فقرًا واحتياجًا.
-
عدم وضوح آليات تقديم المنح المالية واقتصارها على ما توفر لدى "أونروا" من بيانات لم يتم تحديثها منذ فترة ليست بالقصيرة.
-
عدم وجود أطباء ذوي اختصاص، والحالات الطارئة والتي تحتاج إلى تدخل سريع وخصوصًا في أوقات المنخفضات والتي تحتاج إلى المساعدات الطارئة.
-
بطء برنامج الإعمار للاجئين داخل المخيمات الفلسطينية وإيقاف برنامج الاعمار والصيانة للحالات الاجتماعية أصحاب الفقر المدقع.
-
تقليص عدد الوظائف الثابتة واعتماد التوظيف وفق برنامج التشغيل المؤقت وهذا يعني أنه لا حقوق للموظف فور انتهاء عقده.
ومما قامت به "أونروا" في لبنان فصل المدرس محمد أبو عرب على خلفية انتمائه لفصيل سياسي فلسطيني، وهذا يتفق مع اتفاقية الإطار التي وقعتها الأونروا مع أمريكا قبل عدة شهور، رغم أن ذلك يتنافى مع حقوق الإنسان وحرية الرأي التعبير.
ومما أبدعت فيه "أونروا" مؤخرًا قرار عدم توظيف الأقارب من الدرجة الأولى بحجة وجود موظف، وهذا مؤشر خطير، فالتوظيف يجب أن يكون على أساس الكفاءة، وليس القرابة.
أخيرًا: من يتابع خطوات "أونروا" يتأكد أنها تحولت إلى وكالة إغراق اللاجئ في بحر الهموم وبحر البعد عن الوطن، بعدما باعت حياديتها، وأصبحت رهينة في يد كبار الممولين وتنفذ أجندتها بغطاءات لا منطقية فيها، وهنا ينطبق عليها ما يقال (شوية شوية وبالهداوة).
لذا فالمطلوب من الجميع الوقوف عند مسؤولياته قولًا وفعلًا، وإلا سنجد "أونروا" ذات يوم تطلق النار على اللاجئ وتقتله بحجة أنه تجاوز حدود الأدب في الطلب.