قائمة الموقع

كيف عاش شهداء نابلس أيامهم الأخيرة؟

2022-02-12T08:34:00+02:00
صورة أرشيفية

لم يحظَ الشهيد أدهم مبروكة (24 عامًا) بحياة طبيعية بسبب مطاردته من جيش الاحتلال الإسرائيلي لسنوات طويلة من عمره قضاها بين أزقة حارة القيسارية أحد أحياء البلدة القديمة في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة.

وعندما كانت والدته ربحية مبروكة (55 عامًا) تريد رؤيته لم يكُن المجال متاحًا لها في أي وقت، إذ كان على نجلها التخفي عن الأعين أوقاتًا طويلة خاصة بعد تهديد الاحتلال المتكرر باغتياله.

هذا ما يحكيه لصحيفة "فلسطين" أحمد مبروكة شقيق الشهيد عن حياة أخيه المشهور بلقب "الشيشاني"، واثنين آخرين من المطاردين ينتمون لكتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة فتح، قبل أن تحلّه الحركة والسلطة، اغتالتهم قوة خاصة تتبع لجيش الاحتلال في نابلس الثلاثاء الماضي.

فكر المقاومة

يقول أحمد إن أدهم تعلق بفكر المقاومة، كما تعلق بشدة بالمقاوم الشهيد أمين اللباد، أحد مقاتلي كتائب شهداء الأقصى، إذ كان شبه مقيم في بيتهم بحارة القيسارية قبل اغتياله على يد قوة من جيش الاحتلال.

ويشير إلى أن شقيقه اعتقل عند الاحتلال عندما كانت سنه لا تتجاوز 18 عامًا وقضى خلف القضبان سنوات، بتهمة زرع عبوة ناسفة قرب موقع عسكري في جبل الطور جنوبي نابلس.

وبتحرره من سجون الاحتلال بعد 3 سنوات من الأسر، اعتقلته أجهزة أمن السلطة ليقضي من عمره في سجونها قرابة 3 سنوات أُخريات، تعرض خلالها لشتى أنواع القمع والتعذيب ما أدى إلى كسر كتفه، ثم إجراء سلسلة عمليات جراحية على إثرها.

ما تعرض له "الشيشاني" لم يدفعه ولو للحظة واحدة للتفكير في ترك المقاومة والتخلي عن رفاق دربه، كما يقول شقيقه، إذ أصروا على مواصلة عملهم المقاوم والتصدي للاحتلال والاشتباك معه في أكثر من عملية، جعلته يحسب ألف حساب لهم كلما حاول جيشه دخول أحياء ومخيمات نابلس، وتحديدًا المنطقة التي كانوا يرابطون فيها، وهي حارة القيسارية المعروفة باكتظاظها سكانيًّا.

ورفيقا الشيشاني اللذان اغتالهما جيش الاحتلال معه هما أشرف المبسلط، ومحمد الدخيل.

وأبدى أحمد استغرابه إلى أبعد الحدود من تصرف السلطة وأجهزة أمنها وحركة فتح لعدم توفير الدعم اللازم لهؤلاء المقاومين وتمكينهم من التصدي لجرائم الاحتلال وتوفير الحماية لهم، خاصة أن مخابرات الاحتلال هددت باغتيالهم عدة مرات.

ويقول أحمد: إن السلاح الذي كان بحوزة أدهم ورفاقه والذخيرة الممتلئة بها مخازنهم كان كل ذلك على حسابهم الشخصي، ولم توفر لهم السلطة أو حركتهم أي إمكانات وقدرات عسكرية.

ويؤكد أن شقيقه ورفاقه خاضوا سلسلة اشتباكات في معارك اندلعت بمناطق متفرقة من نابلس، وقضوا حياتهم مطاردين بين الشوارع والأزقة، خاصة في الليل، وشكلوا كابوسًا وهمًّا كبيرًا لجيش الاحتلال.

وأضاف أحمد أن حجم جريمة الاغتيال وعدد الرصاصات التي أطلقتها عناصر القوة الخاصة، وعددها يقارب 90 طلقة، دليل على رعب الاحتلال منهم وحقده عليهم.

ويشير أحمد إلى أن الرفقاء الثلاثة قبل استشهادهم بيوم واحد زاروا منازل عوائل الشهداء في مدينة جنين شمالي الضفة الغربية، وكذلك في مخيم بلاطة بنابلس، والتقطوا صورًا تذكارية برفقة ذويهم، وكأنهم يودعون الدنيا.

حل الكتائب

وأشار القيادي في التيار الإصلاحي بحركة فتح حاتم شاهين إلى كيف وصلت كتائب شهداء الأقصى إلى مرحلة لا يجد فيها أبناؤها دعمًا وتمويلا من فتح لمواجهة الاحتلال وانتهاكاته.

وقال شاهين لـ"فلسطين": إن السلطة بعد اغتيال الرئيس ياسر عرفات تتعامل بمنطق رفع الراية البيضاء أمام الاحتلال معلنةً استسلامها مقابل حصولها على بعض الامتيازات، لكن في الحقيقة الاحتلال لم يقدم لها أي شيء سواء كان سياسيا أو اقتصاديا.

وأضاف شاهين، وهو مرشح قائمة المستقبل الانتخابية، أن الاحتلال كلما شعر بالراحة والاطمئنان أكثر توغل أكثر في انتهاكاته، وهذا مرده إلى سلوك السلطة الذي أدى إلى حل كتائب شهداء الأقصى بقرار رسمي من رئاسة السلطة وحركة فتح التي يهيمن عليهما محمود عباس.

وأشار إلى محاولات لإضعاف حركة فتح لحساب السلطة وأجهزة أمنها، وتحديدًا جهازي المخابرات العامة والأمن الوقائي، ونتج عن ذلك أن أصبحت حركة فتح غير مستقلة تمامًا عن أجهزة أمن السلطة.

وأكمل أن إفراغ فتح من محتواها كان لصالح السلطة بشكلها الحالي دون تجديد شرعيات، حتى لا تصبح الأخيرة دون حاضنة جماهيرية وشعبية، وهي بحالها هذه لا تقدر على مقاومة الاحتلال، فكيف ستقدم الدعم اللازم لمسلحين ينتمون لكتائب الأقصى؟

وبين القيادي في التيار الإصلاحي أن فتح والسلطة مرتبطتان ببعض تمامًا، ولولا دعمها للسلطة لما وجدنا الأخيرة ليوم واحد فقط، فهي من تمنح السلطة الشرعية، موضحا أن تحمل الحركة وزر فشل وأخطاء السلطة خاصة في الجانب السياسي جعلها غير قادرة على اتخاذ قرار مستقل يتعارض مع سياسات والتزامات السلطة مع الاحتلال والمجتمع الدولي.

وأضاف أن الأصل في حركة فتح أن تشكل الحاضنة الجماهيرية لكن أجهزة أمن السلطة أفقدتها هذا الدور.

اخبار ذات صلة