لا شيء في منظمة التحرير أو في مؤسسات السلطة الفلسطينية يسير في طريق مستقيم. الانحراف عن الاستقامة هو أساس مؤسسات المنظمة ومؤسسات السلطة. الجهة التي كرست حالة الانحراف الدائمة أو شبه الدائمة هي قيادة المنظمة والسلطة، لأنها تصر على التفرد بالقرار، وإلزام الآخرين برؤيتها وبقرارها، وترفض الشراكة، والرأي الآخر، حتى ولو كان الأصوب!
آخر الأمثلة على هذه الحالة المنكرة هو إصرار القيادة المتنفذة والمتفردة على عقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير بالرغم من المعترضين الكثر عليه، وبالرغم من الشركاء المقاطعين له. اليوم يعقد المجلس المركزي أولى جلساته، مع مقاطعة الجبهة الشعبية والمبادرة الوطنية له، وهؤلاء هم الشركاء الأساسيون لفتح في منظمة التحرير والمجلس المركزي، هذا وأعلنت حنان عشراوي وهي عضو لجنة تنفيذية سابق وعدد من المستقلين مقاطعتهم لجلسات المركزي، ورفضهم لانعقاده، ورفضهم للتفرد المسبق بالقرار.
أما حماس والجهاد وفصائل المقاومة الأخرى فقد رفضت عقد المركزي، ورأت فيه تكريسا للانقسام، ولسياسة التفرد بالقرار الفلسطيني، وتهربا من إصلاح منظمة التحرير.
المركزي الذي يعقد في رام الله بحضور فتح دون الشركاء الحقيقيين في منظمة التحرير مرفوض من الأغلبية الوطنية، ومن أعضاء مهمين في المجلس الوطني وفي المجلس المركزي لأسباب عديدة منها:
-
أنه يتغول على صلاحيات المجلس الوطني، ويناقش قضايا ليست من اختصاصه، ولا توجد ضرورة ملحة لانعقاده، والأولى دعوة الوطني ولا سيما لأن هناك بند اختيار قيادة للوطني وهيئة مكتب له.
-
أنه يصادر بالانعقاد ما هو مأمول من دعوة الجزائر لتوحيد الموقف الفلسطيني، لأنه يفرض وقائع مسبقة على الأرض، ويرسل رسائل إحباط للمشاركين في دعوة الجزائر.
-
أنه يعقد بمقاطعة الشركاء الأساسين فيه، وباستقالة عدد من المستقلين.
-
أنه يعقد بعد تأجيل عباس الانتخابات الفلسطينية، وكأنه أصبح بديلا عنها!
-
أنه يعقد في ظل ظروف الانقسام، وتغول الاستيطان، وتحت مراقبة إسرائيل.
-
أنه يعقد دون تقديم التقارير اللازمة الشارحة لأداء الجهة التنفيذية في الفترة السابقة.
-
أنه يعقد في ظل عدم تنفيذ السلطة واللجنة التنفيذية قرارات المجلس المركزي في دورة ٢٠١٨م.
-
أنه لا توجد ضمانات لمناقشة كل بنود جدول الأعمال، حيث لم تناقش بعض البنود المهمة في دورة ١٠١٨م، ولا سيما إصلاح منظمة التحرير، وإشراك القوى الفلسطينية الأخرى فيها.
-
أنه يعقد في ظل تجاوزات كبيرة للنظام والقوانين الضابطة لعمل المركزي والوطني.
خلاصة القول: إن المركزي يعقد في غياب الإجماع الوطني والفصائلي، ويعقد في ظل تكريس سياسة التفرد بالقرار، وزيادة الانقسام، وحرمان الشعب من الانتخابات، ومن إصلاح منظمة التحرير، وفي ظل توجه رئاسي لتكريس سياسة ترفيع الأولياء ووضعهم في المناصب المؤثرة، ويعقد أيضا في ظل صراع داخلي في فتح على وراثة عباس في مناصبه! لذا قلنا في بداية المقال: لا شيء في المنظمة والسلطة يسير في طريق مستقيم منذ سنيين، والله المستعان.