فلسطين أون لاين

معتقل في "المسلخ".. عائلة عزام تضرب عن الطعام تضامناً مع ابنها

...
سلفيت- غزة/ يحيى اليعقوبي:

تتحامل والدته الخمسينية لليوم الخامس على التوالي وأفراد عائلته على أنفسهم وهم يخوضون إضرابًا مفتوحًا عن الطعام تضامنًا مع ابنها محمد نور عزام المعتقل لدى مخابرات السلطة في أريحا، قلبها تتقاذفه المخاوف منذ ثمانية أيام لم تسمع العائلة خلالها صوت محمد.

خطيبته ريم عزام (24 عامًا) تستقبل مراسم زفافها بفارغ الصبر لتعيش مع محمد تحت سقف بيت واحد في إبريل/ نيسان القادم، بالإضراب المفتوح عن الطعام لمساندة خطيبها، وهي تخشى أن لا تكتمل فرحتها وأن تطول مدة الاعتقال.

في سجن أريحا أو كما هو دارج على لسان الناس "المسلخ" يغيب محمد عن عائلته رغم وجود قرار قضائيّ من محكمة الصلح بنابلس بإخلاء سبيله؛ قرارٌ ألقت به الأجهزة الأمنية في سلة المهملات ولم تستجب له، ليكون محمد أمام جولة جديدة من الشبح والتعذيب والضرب تعرض لها في سجون السلطة الشهر الماضي عندما اعتقلته عشرة أيام.

نفاد الخيارات

"بعد تعنُّت مخابرات السلطة ورفض الإفراج عنه وبعد استنفاد العائلة لكلّ الوسائل القانونية والوساطات ولجان الإصلاح، قرّرنا رفع صوتنا عاليًا بالإضراب المفتوح عن الطعام احتجاجًا على استهدافنا" إضافة لذلك يتّهم  شقيقه الأسير المحرر أحمد، مخابرات السلطة بـ "التّحايل على القضاء" بتوجيه نفس التُّهم التي اعتُقل عليها قبل شهر رغم وجود قرارٍ قضائيّ بالإفراج عنه.

 يقول أحمد عزام لـ"فلسطين أون لاين"، إنّ شقيقه نُقل إلى أريحا دون معرفتنا بذلك حتى أنّ المحامين لم يعرفوا مكان وجوده، وخلال عرضه على القضاء لم يذكر جهاز المخابرات أنه أطلق سراحه بقرارٍ من محكمة الصلح في نابلس بالتالي مدّد توقيفه خمسة عشر يومًا لعدم معرفة القضاء بذلك.

لليوم الثامن يختفي محمد قسرًا عن عائلته في مدينة سلفيت شمال الضفة الغربية، بعد جولة اعتقال سابقة واجه خلالها تعذيبًا شديدًا لم يذهب آثارها بعد ليتمّ اعتقاله مرة أخرى، ينقل شقيقه ما جرى معه داخل أقبية التحقيق قائلا بصوتٍ يعتليه الغضب "هدّدوه بتشويه سمعته وسمعة العائلة، وخلال التعذيب كان أخي يسمع المحقّق يتحدّث هاتفيًا مع شخصٍ ويخبره أنه يتمّ ضربه، ممّا يدلّل على أنّ ذاك الشخص أو المسؤول يستأجر المحققين لتهديدنا ونحن عائلة معروفة على مستوى الوطن فمعظمنا كُنّا أسرى لدى الاحتلال".

أحمد الذي أسره الاحتلال سبع سنوات، ووالده الذي يعمل إماما وخطيبا في وزارة الأوقاف لمدة أربعين سنة، وخرّج أجيالاً يراها سيرة ذاتية تقف سدًا منيعا أمام تهديدات المخابرات بتشويه سيرة العائلة وتلفيق تهم بـ "الخيانة والتعامل مع الاحتلال" إذا ما أقدمت العائلة على تفعيل قضية محمد عبر وسائل الإعلام، وهي تهم يعتبرها "سخيفة" أمام أسر الاحتلال لمعظم أفراد  العائلة، وزاد: "لم نخش تلك التهديدات لأننا لم نملك سوى الصوت للرد على ما جرى مع شقيقي".

مكالمة اطمئنان

وقف أحمد حائرًا في اليوم الخامس للإضراب، وبقيت دموعه كذلك حينما جاءت سيدة من الجيران تحاول إرغام أمه على الأكل خوفًا على حالتها الصحية كونها تُعاني من مرض "السكري" لكنها صمّمت على مواصلة الإضراب، رغم حالتها السيئة، مؤكدًا أنّ العائلة مُصمّمة على الدفاع عن ابنها حتى لو اضطر الأمر للذهاب وإعلاء صوتهم على أبواب سفارات الدول.

أفلتت منه ضحكة مكسورة وهو يُعبّر عن عمق الحزن الذي يسكن صوته المقهور "أتدري!؟ منذ أسبوع والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان تسعى ليس لإخراجه وتفعيل الأمر القضائي بالإفراج عنه، بل لإجراء مكالمة هاتفية معه لم تتوفر حتى اللحظة، "نقاتل من أجل مكالمة اطمئنان".

أحمد وزجته، وشقيقه حسن ووالدته وخطيبة محمد يواصلون الإضراب عن الطعام حتى يتمّ الإفراج عنه، وكذلك لرفع العصا الأمنية الثقيلة عن العائلة.

لم تشفع السنوات السبع التي أمضاها أحمد في سجون الاحتلال وأفرج عنه في آب/ أغسطس الماضي، إذ جرى اعتقاله لمدة يومين الشهر الماضي على خلفية انتماءه السياسي، ينقل عمّا دار بينه وبين المحققين، من تهديد "بتلفيق تهمٍ عليه أمام الناس في حال استمر بالانتماء لحركة حماس.. وهي التّهمةُ التي سُجن بها عند الاحتلال"، مُردِفا: "نحن نُعاقَب بشكلٍ جماعيّ، وما المشكلة بالانتماء السياسي لحزبٍ فلسطينيّ وهذا ما قلته للمحقق علما أنّ أخي لا ينتمي لأيّ حزب".