الحالة العربية مضطربة بشكل غير مسبوق، اضطراب الحالة العربية تعني أمريكيًا وإسرائيليًا تهيئتها إلى الحل الإقليمي. الحل بدأ بعملية (تعظيم) الإرهاب، أي تقديم الإرهاب بصفته المهدد الأول الذي يجدر بدول المنطقة أن تجتمع وأن تتحالف لمحاربته.
في عملية التخويف من الإرهاب تم إدخال الإخوان المسلمين ثم حماس في الدائرة التي أدخلوا فيها داعش والقاعدة، وتم اتهام قطر بأنها تساعد الإرهاب، مع أن قطر هي جزء من التحالف العربي والتحالف الدولي ضد الإرهاب. قطر لا تعتبر الإخوان أو حماس ضمن دائرة الإرهاب، والدول العربية، كذا الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، تتعامل مع حماس بأنها حركة تحرر وطني، وحركة مقاومة، ولا علاقة لها بداعش أو القاعدة، لا من حيث الفكر، ولا من حيث العمل.
إن تعظيم الإرهاب في المنطقة العربية، هو جزء من عملية سياسية أكبر، تستهدف إدخال (إسرائيل) ضمن المنظومة الخليجية التي تعمل بالتنسيق معًا ضد الإرهاب، وهذا يتطلب أن تتقبل الدول الخليجية الفكرة أولًا.
إن تقبل التعاون مع الخليج يتطلب أيضا تسوية القضية الفلسطينية على قاعدة تقبلها (إسرائيل) والسلطة، ولكن العقبة أنه لا تجرى الآن مفاوضات بين الطرفين، ولكن (إسرائيل) تمارس ضغوطها على السلطة للاستجابة إلى مطالبها من مثل وقف الدعم الاجتماعي الذي يقدم من السلطة لعوائل الشهداء والأسرى، إضافة إلى ضغوط سياسية على دول المنطقة لتقبل فكرة التطبيع والحل الإقليمي بشكل علني.
لست أدري أين تقع تفاهمات حماس مع دحلان، ومن خلف التفاهمات مصر والإمارات، فيما يمكن أن يجري لاحقا في المنطقة، إذ لا يمكن النظر إلى دخول السولار المصري لمحطة الكهرباء على أنه مسألة بعيدة عن سياسة أوسع وأشمل للمنطقة بحيث يكون لدحلان في غزة دور فاعل. المهم أن (إسرائيل) ليست بعيدة عما يجري في غزة، سواء من حيث استجابتها لطلب محمود عباس بتخفيض كهرباء غزة، أو موافقتها على إدخال السولار المصري، الذي هو إجراء يناقض الإجراء الأول. قلنا في مقالات سابقة إن (إسرائيل) تبحث في الحل الإقليمي بعيدا عن حل الدولتين، وبديلا عنه، بما يصاحب ذلك الحل من توطين وإنهاء لفكرة حق العودة الذي هو جوهر المشكلة الفلسطينية. الحل الإقليمي الذي تسعى له دولة الاحتلال حل هزيل، ويتناقض مع الثوابت الفلسطينية الراسخة وعلى رأسها حق عودة اللاجئين.