قبل أن نعيب على المجلس المركزي انعقاد دورته في رام الله، وتحت حراب المخابرات الإسرائيلية، وبلا شرعية قانونية أو سياسية، وبلا مشاركة كل التنظيمات الفلسطينية، وبلا قدرة للمجلس المركزي على تطبيق قراراته، لا بد من السؤال عن شرعية المجلس الوطني، الذي انبثق منه المجلس المركزي، ومن هم أصحاب الصلاحية في تزكية الأسماء؟ وهل يحق لفئة قليلة إضافة أسماء للمجلس الوطني، وحذف أخرى؟ أم أن للشعب الفلسطيني كامل الحق في انتخاب من يمثله؟ ومن يحمله المسؤولية عن تقرير مستقبله، ومن ثم يحاسبه على قراراته.
أسئلة تدور في ذهن كل فلسطيني يسمع عن انعقاد المجلس المركزي في رام الله بتاريخ 6/2، ولا يعرف كيف صار هؤلاء 140 عضو مجلس مركزي سنة 2022، بعد أن كانوا 110 أعضاء في المجلس المركزي سنة 2018؟ ومن أعطى لهؤلاء الصلاحية لتمثيل مصالح الشعب الفلسطيني، وتملك قراره؟ وهو الشعب الذي لم يشارك يومًا في انتخابهم، وهم الذين لا يعترفون بفضل الشعب في وصولهم إلى هذه المواقع، لذلك فهم لا يعملون حسابًا إلا لصاحب الفضل، الذي رفع أسماءهم من المجهول السياسي إلى المعلوم التنظيمي.
لقد تمت تزكية أعضاء المجلس المركزي من قيادة المنظمة، لذلك كانت قراراتهم الصادرة سنة 2015، حبرًا على ورق، وهذا حال قراراتهم التي صدرت عقب اجتماع المركزي سنة 2018، والتي طالبت بتعليق الاعتراف بـ(إسرائيل) إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود عام 1967، كما عدَّت الفترة الانتقالية التي نصت عليها الاتفاقيات الموقعة في أوسلو والقاهرة وواشنطن لم تعد قائمة، وطالبت بالانتقال من مرحلة سلطة الحكم الذاتي إلى مرحلة الدولة، وطالبت بوقف التنسيق والتعاون الأمني بكل أشكاله، والانفكاك من علاقة التبعية الاقتصادية التي كرسها اتفاق باريس الاقتصادي.
فما مصير كل تلك القرارات التي صدرت قبل أربع سنوات؟ هل استطاع المجلس المركزي أن يفرضها على اللجنة التنفيذية للمنظمة، أم ظل محنطًا بقراراته حتى عام 2022، ليتم استدعاؤه بناء على الطلب، ليعاود إصدار القرارات نفسها، لغرض في نفس قيادة السلطة.
الاستخفاف بقرارات المجلس المركزي مصدرها ضعف المجلس المركزي نفسه، الذي تم انتقاؤهم من بين أعضاء المجلس الوطني، الذين تمت تزكية أسمائهم من هذا الطرف أو ذاك، وبرضا هذا المسؤول وغضب ذاك، وباستثناء رؤساء اللجان في المجلس التشريعي، فإن جميع أعضاء المجلس المركزي غير منتخبين من الشعب الفلسطيني.
وكي يكون للمجلس المركزي القدرة على فرض قراراته على اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وكي يعقد اجتماعاته كل ثلاثة أشهر، كما نص على ذلك القانون، فلا بد أن يكون أعضاء المجلس المركزي أقوياء، غير ملحقين بهذا الشخص أو ذاك التنظيم، فلا قوة لمن لا يستمد قوته من حضن الجماهير، وما دون ذلك، سيظل أعضاء المجلس المركزي غير قادرين على التحليق في فضاء سياسي مغلق بغضب ورضا أولياء النعمة التنظيمية.
الشعب الفلسطيني العملاق، الذي فجر ثورة 36، وأعلن ميلاد منظمة التحرير سنة 64، بميثاقها القومي، والذي اختط المقاومة طريقًا لتحرير فلسطين، هذا الشعب العملاق الذي يرفض الاعتراف بـ(إسرائيل)، وفجر انتفاضة الحجارة، وأبدع في المقاومة حتى وصلت صواريخه إلى تل أبيب، هذا الشعب العملاق بحاجة إلى قيادة ترتقي إلى خاصرة عطاءاته وتطلعاته، وليس بحاجة إلى أسماء سميتموها، يتم تعيينهم وفق الولاءات والصداقات والمعارف.
ملحوظة: سنة 1996، استضفت في بيتي رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون، وبصحبة عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة عباس زكي، وبحضور عضو المجلس المركزي للمنظمة إسماعيل أبو شمالة، وبمشاركة عضو المجلس الوطني الكاتب حسن الكاشف، إذ انصب الحديث على طريقة إضافة بعض الأسماء لعضوية المجلس الوطني في حينه، فقال د. سليم الزعنون: حين طلبنا من بعض التنظيمات الفلسطينية تزويدنا بكشف أسماء ممثليهم لعضوية المجلس الوطني، بعضهم قدم لنا أسماء زوجاتهم، فصرن أعضاء في المجلس الوطني، وبعض التنظيمات قدمت لنا اسم السائق الشخصي لمسؤول التنظيم، فصار عضو مجلس وطني!