وافق اليوم الثلاثاء، الأول من فبراير، الذكرى الأولى لرحيل "فارس كلمة الحق"، البروفيسور عبد الستار قاسم من مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية.
ولد عبد الستار توفيق قاسم الخضر في 21 أيلول/ سبتمبر 1948، في بلدة دير الغصون في محافظة طولكرم، وتوفي في نابلس متأثراً بإصابته بفيروس "كورونا".
حصل قاسم على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، ثم على درجة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة ولاية كنساس الأمريكية، ثم درجة الماجستير في الاقتصاد من جامعة ميزوري الأمريكية، ثم الدكتوراه في الفلسفة السياسية من جامعة ميزوري أيضاً عام 1977.
واجه قاسم خلال مسيرته الطويلة، الاعتقال عدة مرات من قبل سلطات الاحتلال، ومن قبل السلطة في رام الله.
ونتيجة مواقفه المعارضة لسلطة الحكم الذاتي والداعية إلى مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، تعرض لاعتداءات تراوحت بين الضرب وإطلاق الرصاص المباشر عليه وحرق مركبته، إضافة لعشرات رسائل التهديد، على يد كلّ من الاحتلال الإسرائيلي والسّلطة، حتى أنه مُنع من السفر منذ العام 1981، ووجهت إليه 3 تهم تحريض.
في العام 1996، اعتقلته السلطة الفلسطينية لأسباب غير معروفة، وفي العام 1999، اعتقل مع مثقفين وناشطين فلسطينيين آخرين، على خلفية ما عرف بـ"بيان العشرين" الذي طالبوا فيه ياسر عرفات بإصلاحات سياسية وبمكافحة الفساد في السلطة الفلسطينية.
وفي 13 كانون الأول/ديسمبر 2004، أكدت لجنة الانتخابات المركزية في رام الله أن الدكتور عبد الستار قاسم، المرشح لانتخابات رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية، تقدم بطلب سحب ترشيحه لدى دائرة نابلس الانتخابية، وأن اللجنة وافقت على الطلب، دون إبداء سبب هذا الانسحاب، والذي يبدو بديهياً أنه جاء نتيجة ضغوطات أو تهديدات معينة.
أُوقف في آب/أغسطس 2011 عن العمل في جامعة "النجاح" الوطنية، وأصدرت النيابة العامة في مدينة نابلس قراراً باحتجازه ليومين بناء على شكوى تقدم بها رئيس الجامعة رامي الحمد الله، على خلفية كتابته مقالاً حمل عنوان "بين إدارة النجاح والقضاء الفلسطيني" بتاريخ 22 آب/أغسطس 2011.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2011، حكم ببراءته من التهم التي نسبت إليه وعاد إلى الجامعة.
واعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي لمدة أسبوع أثناء العدوان على غزة في العام 2014، وأفرج عنه في 21 تموز/يوليو.
كما وتعرض لإطلاق نار في 5 آب/أغسطس 2014 قرب منزله، بعد أن هاجمه 3 شبان ملثمين - كانوا يستقلون سيارة تحمل لوحة تسجيل إسرائيلية - بينما كان يتهيأ للوقوف لتصعد زوجته إلى السيارة.
وبحسب أقواله، أطلق أحد الشبان رصاصتين، ولكنهما لم تصيباه، كما أحرق مجهولون سيارته أمام منزله في منطقة الجبل الجنوبي في مدينة نابلس.
كذلك، اعتقلته الأجهزة الأمنية الفلسطينية في نابلس يوم الثلاثاء 2 شباط/فبراير 2016، بتهمة الدعوة في مقابلة مع فضائية "القدس" إلى تنفيذ حكم الإعدام بحقّ رئيس السلطة محمود عباس ورؤساء الأجهزة الأمنية.
وقد نفى قاسم التهمة في بيان صحافي، مؤكداً أنه "لم يدعُ إلى قتل أحد، وأن من ردد هذه العبارات هو التلفزيون الفلسطيني الرسمي".
لم يكن "قاسم" مجرد ذو رأي، هدفه المعارضة فقط، بل كان متفقهاً في السياسة والاقتصاد، يرى أبعد مما نرى، ويقدر الأمور في نصابها الصحيح، كيف لا وهو يحمل درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، والماجستير في العلوم السياسية من جامعة ولاية كنساس الأمريكية، ماجستير أخرى في الاقتصاد من جامعة ميزوري الأمريكية، كما حاز درجة الدكتوراه في الفلسفة السياسية من جامعة ميزوري عام 1977.
وصدر له نحو 25 كتابا وحوالي 130 بحثا علميًا إضافة إلى آلاف المقالات بصحف عربية وأجنبية وفلسطينية، ومن أبرز عناوين كتبه “الفلسفة السياسية التقليدية”، و”سقوط ملك الملوك” (حول الثورة الإيرانية)، و”الشهيد عز الدين القسام”، و”المرأة في الفكر الإسلامي”، و”الموجز في القضية الفلسطينية”، وحاز على جائزة “عبد الحميد شومان للعلماء الشبان العرب” لعام 1984.
وبَقِيَ الراحلُ صامداً مدافعاً عن مواقفه وآرائه السياسية الحريصة على الوطن دون خوفٍ من العواقب، حتى ترجَّل الفارس الهُمام عن فرسه في الأول من فبراير/شباط 2021 غير آبهٍ بعفو "السّلطة" أو مصالحتها، وإنما كان همُّه نَيْل "عفو" الوطن.