فلسطين أون لاين

تقرير "جبل المكبر".. معركةُ صمودٍ في مواجهة التهجير والاستيطان

...
جبل المكبر (أرشيف)
القدس المحتلة-غزة/ نور الدين صالح:

يخوض أهالي بلدة جبل المكبر جنوب شرقي مدينة القدس المحتلة، معركة حقيقية في مواجهة عمليات هدم المنازل التي تنفذها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ضمن سياسة التطهير العرقي التي يمارسُها في كل أحياء وأزقة القدس.

حالة من القلق تخيّم على عائلات مقدسية تعيش في قرابة 150 منزلًا ومنشأة في بلدة جبل المكبر، من جرَّاء تلقيها إخطارات بهدمها خلال المدة القريبة القادمة، تحت ذريعة البناء غير المرخص، ولصالح توسعة ما يُسمى "الشارع الأمريكي" وفق قانون "كمينتس" الإسرائيلي.

وجبل المكبر بلدة مقدسية صغيرة تبلغ مساحتها 5021 دونمًا ويقطنها حوالي 30 ألف نسمة، تقع فوق تلة مرتفعة تطل على بلدة سلوان والبلدة القديمة، قسمها الاحتلال، وأخرج جزءًا منها وهو حي الشيخ سعد من القدس، وضمه إلى الضفة الغربية، وكذلك السواحرة الشرقية من حدود السواحرة، وقسمها إلى 3 مناطق، وهي السواحرة الغربية والشرقية والشيخ سعد.

وقف النمو السكاني

يؤكد رئيس اللجنة الشعبية في جبل المكبر سليمان شقيرات، أن الاحتلال كثّف من ممارساته العنصرية تجاه بلدة "جبل المكبر"، وخاصة هدم ومصادرة بيوت المقدسيين، لصالح إقامة مشاريع استيطانية، لافتًا إلى أنه لا يمر أسبوع دون عمليات هدم.

ويوضح شقيرات في حديث لـ"فلسطين"، أن الاحتلال يسعى من خلال هذه الممارسات إلى الحد من عملية النمو السكاني ودفع المواطنين للرحيل خارج مدينة القدس، مشيرًا إلى أن ذريعته للهدم هي "البناء غير المرخص" علمًا أنه لا يمنح التراخيص للمواطنين.

وبيّن أن وتيرة عمليات الهدم تسارعت منذ عام 2017، عقب إقرار قانون "كمينتس" الذي صعّب من عملية اللجوء للمحاكم في قضية تأجيل الهدم.

وأشار إلى أن الاحتلال ينتهج سياسة الهدم التدريجي للبيوت خاصة الواقعة ضمن توسعة "الشارع الأمريكي" حتى لا يُحدث صدمّة كبيرة للسكان، منبّهًا إلى أنه كرّس من سياسة الهدم الذاتي للبيوت.

وبحسب شقيرات، فإن المواطنين يضطرون لهدم بيوتهم ذاتيًا تجنبًا لدفع الغرامات والمخالفات المالية التي يفرضها الاحتلال عليهم.

وأفاد بأن نسبة الهدم الذاتي وصلت إلى 70%، نتيجة عدم وجود موقف سياسي رسمي داعم لصمود المواطنين ويواجه سياسات الاحتلال، قائلًا "واضح أن السلطة الفلسطينية ليست مستعدة لتحمل أعباء هذه القضية".

ويؤكّد عضو هيئة العمل الوطني والأهلي في مدينة القدس راسم عبيدات، بأنّ "جبل المكبر" يتعرض لاستهدافٍ مُمنهجٍ من بلدية الاحتلال التي ترتكب جرائم متعددة يوميًّا.

وبيّن عبيدات في حديثه لـ"فلسطين"، أنّ الاحتلال يرفض منح تراخيص للمنازل في البلدة، ثم يأتي بعد سنوات لإخطارها بالهدم، لافتًا إلى أنه ينتهج سياسة الهدم الذاتي وكان آخرها شقتين لعائلة "شقيرات" قبل يومين.

وأوضح أنّ بلدية الاحتلال تتذرع بتوسعة ما يُسمّى "الشارع الأمريكي"، لهدم المنازل ومصادرة مئات الدونمات من الأراضي التي تعتزم ضمّها ضمن التوسُّع الاستيطاني.

جرائم حرب

وقال عبيدات: "كلّ يومٍ تجري عمليات هدم في مختلف المدن المقدسية، ومنها جبل المكبر، فنحن أمام جرائمَ ترتقي لجرائم حرب من الاحتلال، وذلك ضمن إطار سياسة الطرد والتهجير والاقتلاع والتطهير العرقي بحق المقدسيين".

وبحسب عبيدات، فإنّ الاحتلال يسعى لتحويل القرى والمدن المقدسية إلى كنتونات وذات طابع إسرائيلي عبر تكثيف الاستيطان وهدم المنازل، إضافة إلى تشتيت السجلّ الوطني الاجتماعي المقدسي.

وشدّد على أنّ "الاحتلالَ يسعى إلى جعل المقدسيين يفكّرون في الهمّ الذاتي والفردي"، ويسعى لتغيير الواقعين الجغرافي والديموغرافي في مدينة القدس لصالح الاستيطان والمستوطنين.

وأكّد أنّ الاحتلال يريد كسر إرادة المقدسيين ومعنوياتهم ومنع تكاثرهم في مدينة القدس عبر سياساته العنصرية، داعيًا لضرورة إيجاد دعم جديّ وحقيقيّ للمقدسيين لتمكينهم من مواجهة مخاطر الطرد والاقتلاع.

ودعا قيادة السلطة في رام الله إلى اتخاذ قرار سياسيّ من أجل توفير الحد الأدنى للمقدسيين للتصدي لمشاريع الاحتلال ومخططاته التهويدية، مطالبًا بضرورة تفعيل الاشتباك الشعبي وتسريع وتيرته بشكل أوسع.