لا يختلف اثنان على أن هذا الموسم هو الأقوى من الناحية الفنية في جميع بطولات الدوري بمختلف الدرجات، وهو ما يعطي البطولات مزيدا من الحساسية، ولا سيما أن المنافسة على الألقاب ستكون شرسة، ومن ثم فإن أي خطأ من شأنه أن يؤثر في كل شيء.
وبعيداً عن صخب الانتقالات الصيفية والشتوية للاعبين في مختلف دول العالم، وبعيداً عن استقالات وإقالات المدربين على مستوى الأندية والمنتخبات، يبقى موضوع الأخطاء التحكيمية الأكثر قوة وإثارة وتداولاً، سواء في الشارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى عبر الوسائل الرسمية.
ولأن الكثيرين ينتقدون دعمي ومساندتي للحكام ولا سيما أنني دائماً أستخدم عبارة (مع الحُكام ظالمين أو مظلومين)، فلا بُد هنا من توضيح عدة نقاط رئيسة تتعلق برسم خريطة طريق للوصول إلى تحكيم كروي أقل أخطاء، وإلى تفهم وتقدير لموقف وظروف وإمكانات الحُكام، وذلك على النحو الآتي:
أولاً: أنا أُحَكِّم عقلي فقط عند الحديث أو الكتابة بصفتي إعلاميًا مُحايدًا، في حين الجماهير يُحَكِّمون قلوبهم وعواطفهم لأنهم يتابعون الفرق سواء من مدرجات الملاعب أو من أمام شاشات التلفاز بصفتهم مشجعين لفرقهم، ومن ثم موقفهم هو موقف المشجع المتعاطف مع فريقه.
ثانياً: الأخطاء التحكيمية غير مرتبطة بملعب أو جمهور أو دولة، وإنما مرتبطة بكرة القدم نفسها في أي مكان وزمان يتم فيها ركلها في أي ملعب وفي أي بطولة وفي أي دولة، وعليه فهي أخطاء ليست موجهة لنادٍ أو منتخب دون آخر، مع تأكيد وجود بعض الحالات في بعض الدول التي تُشير كل الدلائل لوجود تعاطف من حكم مع نادٍ مُعين، ولكن نسبة هذه الحالة لا تتخطى حالة من بين مليون حالة حكم.
ثالثاً: مهما بلغت نسبة تعاطف الحُكام مع بعض الفرق من انخفاض، فإنها تبقى مؤثرة نفسياً في صفوف بعض الجماهير، وتُؤثر في نتائج المباريات، ولكن هذا لا يعني أن يتم تعميم هذه الحالة على كل الدول وعلى كل الحُكام، فالأمر ليس بالسهل إثباته.
رابعاً: الأخطاء التحكيمية موجودة مع كرة القدم منذ عقود مضت، ولا ينسى التاريخ المباراة النهائية لبطولة كأس العالم عام 1966 التي فازت بها إنجلترا لأول وآخر مرة في تاريخها بهدف لم يتمكن أحد حتى الآن من إثبات صحته من عدمه في ظل كل التكنولوجيا.
خامساً: إن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لم يُقر ويُنفذ تقنية الفيديو (VAR) لولا قناعته أن الأخطاء التحكيمية ستستمر مدى الحياة، وأن الحل لتفادي الأخطاء هو استخدام تقنية لكشفها وليس لإلغائها أو القضاء عليها، فالأخطاء لن تنتهي.
سادساً: إن تطبيق تقنية الفيديو تتطلب إمكانات كبيرة لا تتوفر في كل فلسطين، وهذا لا يعني التسليم بالأمر الواقع، بقدر العمل على المُطالبة بتوفر كل الإمكانات لتطبيق هذه القنية في فلسطين، على الرغم من أن أغلبية الدول العربية لا تُطبق هذه التقنية لكونها مُكلفة.
سابعاً: لأننا في فلسطين عامة وفي غزة خاصة، التي تُعاني إهمالاً من رأس الهرم الرياضي منذ عام 2008، بما فيها إهمال الكادر التحكيمي الذي لم يحصل على حقه في الدعم والرعاية والتطوير والتأهيل، ما أدى إلى تزايد الأخطاء، فإننا أمام أمرين لا ثالث لهما، إما الضغط المباشر على رأس الهرم وإجباره على إدراج الحكام في غزة ضمن خطة تطوير الحكام الفلسطينيين، وإما العمل على تطبيق تقنية (VAR) مهما كلف الأمر.
إن الحالات التحكيمية الجدلية للحكام التي نراها في كل أسبوع، تحتاج لتقنية (VAR)، ونحن لا نمتلك هذه التقنية، وعليه فيجب ألا نلوم الحكام على كل القرارات الخطأ التي يقعون فيها دون قصد.