استثمارًا لصفحات المؤثرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تسعى حملة خيرية يقودها شبان من قطاع غزة لترميم خمسين بيتًا تستر عوائلها جدران متصدعة وألواح صفيح مهترئة تنفث رطوبتها في صدور ساكنيها.
تعزو يسرى العكلوك مشاركاتها في حملة "تحدّي الخير"، إلى رغبتها بمواصلة العمل الخيري الذي بدأت مع زوجها الشهيد أسامة الزبدة والذي كان يؤمن أنّ أعمال الخير من الباقيات الصالحات التي تدوم للإنسان بعد رحيله.
وتقول: "يعرفه الجميع بتفانيه بالعمل التطوعي والخيري ومساعدة الناس حوله، رغم أنه موظف وراتبه محدود، لكنه كان دائمًا يحاول إيصال رسالة لي بأنّ الله سخّره لأولئك الناس لمساعدتهم في الوصول إلى ما يريدون، كنت حينها أشعر بأنّ ذلك لا يُجدي نفعًا".
وتُضيف: "ولكنّي لامستُ أهمية صنيعه بعد استشهاده، كيف رفع الله ذكره، حينها أدركت جميل أثره، فأحببت المشاركة في هذا العمل الإنساني".
وتُشيرُ العكلوك إلى شظف العيش الذي تعيشه آلاف الأسر في القطاع بفعل سنوات الحصار الطويلة التي أثّرت في الحالة الاقتصادية، وجعلتهم ينتظرون المساعدات الخارجية والمشاريع لتنشلهم من الضائقة، "لذلك يجب أن يُخرِج كلّ واحد ما بداخله لتقديم المساعدة بالقدر المستطاع لتحسين الوضع القائم، والقيام بدوره تجاه وطنه وشعبه، وتسخير الوسائل والأدوات المتاحة للمناصرة وتقديم الدعم بكل الأشكال".
وتُوضّح أنها اختيرت من قِبَل مُنسّقي الحملة للعمل ضمن فريق الإعلامي، لإشهار هدف "تحدّي الخير"، ونقل الحالة المعيشية في البيوت المُتعفّفة والواقع الاجتماعيّ الذي تعيشه الأسرة المتعففة خلف الجدران دون إظهار هوية أو وجوه الأسرة وأفرادها للإعلام، وليؤدي فريقها دوره بإيصال معاناة هؤلاء ويُشعِروا الآخرين بواقعهم المُعاش، سعيًا لتأمين حياة كريمة لهم.
ويسعى الإعلاميُّ حسن إصليّح والمؤثر عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ جاهدًا لنشر الحملة بكل تفاصليها عبر منصّاته، ومشاركتها لنقل معاناة تلك البيوت التي لا تصلح للعيش الآدمي.
ويرى أنه من الجميل استثمار تلك المنصات في مساعدة الناس، والعمل على حل المشكلات التي يُعانيها القطاع منذ سنوات بأنفسهم في ظل صمت من حولهم عن تقديم أيّ شيء من شأنه التخفيف من حدة الأزمات.
من جهته، يقول محمد البردويل الناشط الإعلامي والشبابي منسق حملة تحدّي الخير: "من أبرز الأسباب التي دفعتنا لعمل هذه الحملة الحالة القائمة في قطاع غزة، والتي منها الحالات التي تحتاج إلى إعادة ترميم البيوت، وهناك إحصائيات واضحة بهم".
ويُرجع أسباب تردّي الأحوال المعيشية لآلاف الأسر لأسباب متعددة منها: الاحتلال الإسرائيلي والحصار الذي يفرضه منذ عام 2006 وسلسلة الحروب التي شنّها على غزة، وتَسبّب بتدمير البنية التحتية والاقتصادية، ورفعت من معدلات الفقر والبطالة.
إحداث تغيير اجتماعي
ولوقت إطلاق "تحدّي الخير" خصوصية ترتبط بالأجواء الشتوية الباردة، تبعًا للبردويل، حيث تغمر المياه العشرات من البيوت، لافتًا إلى أنه حاول استثمار مواقع إعلاميين ومؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي لإنجاح هذه الفكرة، في محاولة لأخذ دورهم الحقيقي في تغيير الحالة القائمة بالمجتمع، وإبراز أهم المشكلات التي يعيشها القطاع.
ويُوضّح البردويل أنه يسعى لتحقيق أهداف كثيرة منها تغيير الحالة القائمة والموجودة في القطاع ومحاولة كسر الحصار المفروض ولو بشكل جزئيٍّ من خلال الأعمال التي تُنظمها الحملة أو حملات أخرى يسعون إلى تنفيذها مستقبلًا، عبر استثمار مواقع التواصل الاجتماعي لتغيير الحالة القائمة والتي تزداد سوءًا بمرور الوقت.
ويقول إنّ الحملة تُعد جزءًا من مبادرات كثيرة، وفكرة من أفكار مركز مرسال الشبابي، وبعض مؤسسات العمل الخيري داخل القطاع التي تحاول تغيير الوضع القائم.
آلية تنفيذ الحملة
وبالنسبة لآلية تنفيذ الحملة، يشير البردويل إلى أنه تمّ اختيار وترشيح أسماء وبيوت متعفّفة تسترها الجدران ولا تملك مصدر دخلٍ من خلال بعض المؤسسات العاملة في القطاع، ووفق معايير عديدة.
وسيتمُّ تنفيذ الحملة على عدة مراحل خلال 50 يومًا، وقد تمّ البدء في 5 بيوت بجمع التبرعات المالية لها، سيُتاح لكل مُدة معينة لجمع المبادر الذي تمّ اختياره المبلغ الماليّ للقيام بعملية الترميم، سيجتهد فيها المبادر من خلال منبر الصفحة الخاصة بالحملة وأصدقائه حتى تنتشر بشكل واضح على مواقع التواصل الاجتماعي.
من أبرز المشكلات التي تُواجههم عدم توفّر حسابات بنكية لاستقبال التبرعات عليها، أو حتى حسابات الدفع الإلكتروني التي تساهم وتساعد في حلّ بعض المشكلات، وذلك بسبب الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية التي تحاول التضييق في إدخال المال للقطاع لذرائع كثيرة، ويحاولون مواجهتها من خلال الحوالات الشخصية وغيرها.
وتأمل حملة "تحدّي الخير" ألا تقتصر الحملة على حل مشكلة 50 بيتًا، وأن يكون لهم باعًا في حل المشكلات التي يُعانيها القطاع، وأن يصلوا إلى كل عائلة تحتاج إلى إغاثة.