مثلت منظمة التحرير الفلسطينية عنوانًا للنضال الفلسطيني على مدار سنوات طويلة، تضم فصائل فلسطينية رئيسة، ونشأت في ظروف صعبة، لكنها حافظت على حضورها، الذي بكل أسف بدأ يتلاشى مع الوقت، نتيجة عوامل عدة، لكن أصعبها هو اتفاق أوسلو والذي مثل إنهاء لكل مبادئها القائمة على تحرير فلسطين من البحر إلى النهر ومن الناقورة إلى أم الرشراش، ومع ذلك بقيت عنوانًا ولو كان شكليًّا، يضم فصائل رئيسة إضافة إلى الاعتراف الذي نالته على مدار سنوات من أطراف عربية ودولية.
على الصعيد الفلسطيني الداخلي تدهورت أوضاع منظمة التحرير، بشكل خطير، منذ تولي محمود عباس رئاسة السلطة، وتم إنهاء كل مظاهر حضورها وقوتها، بل أكثر من ذلك تهشيم كل الأصوات الوطنية، والتاريخية داخل منظمة التحرير.
منظمة التحرير لم تعد سوى مجموعة من الأشخاص الذين يستفيدون من الوضع القائم. وإن وجودهم هو مجرد وجود ديكور، ولا يسهمون في القضية الفلسطينية شيئًا، بل إنهم يستخدمون غطاءً لتمرير القرارات التي يتخذها محمود عباس، ضد الفصائل الفلسطينية، كما حدث مع الجبهة الشعبية وقطع المخصصات المالية ومطاردة وملاحقة قياداتها كما حدث مع القيادية خالدة جرار.
النهج الذي يتبناه محمود عباس هو قائم على فكرة أن من ليس معي فهو ضدي، وأفرغ منظمة التحرير من دورها، عوضًا من إعاقة أي محاولات لأن تكون غطاء الفلسطينيين، وإعاقة وتعطيل ضم حركتي حماس والجهاد الإسلامي في عضوية منظمة التحرير، إضافة إلى استخدام المال السياسي، في فرض قراراته وتمرين مشاريعه القائمة كلها على التعاون مع الاحتلال الإسرائيلي.
الأخطر حاليًّا هو أن منظمة التحرير لم تعد تمثل الكل الفلسطيني ولو كان شكلًا، بل أصبحت هي فتح، وفتح هي المنظمة، بدليل أن من تجهزهم للانضمام إلى منظمة التحرير كأعضاء اللجنة التنفيذية في انتخابات شكلية، للتيار المحسوب على الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي، وهذا حقيقة المسمار الأخير في نعش منظمة التحرير، خاصة بعد إفشال العملية الانتخابية التي كان يفترض أن تتم في مايو الماضي.
إحياء المؤسسات الوطنية المتمثلة في المجلس التشريعي، والمجلس الوطني الذي بدوره يمكن أن يختار اللجنة المركزية للمنظمة، وكذلك اللجنة التنفيذية للمنظمة، لكن لم يحدث خشية من فوز حركة حماس في الانتخابات، وعدم قدرة حركة فتح على الاستمرار في وضعها الحالي.
حان الوقت أن ترفع الفصائل الفلسطينية وخاصة الجبهة الشعبية والديمقراطية البطاقة الحمراء في وجه رئاسة منظمة التحرير المتمثلة بمحمود عباس وفريقه لإعادة ترتيب بما يخدم الأهداف التي نشأت من أجلها وإعادتها إلى الصواب، لتمثل كل الفلسطينيين فعلًا وليس قولًا، وأن منظمة التحرير بشكلها الحالي هي مجرد ديكور لا تخدم القضية الفلسطينية بشيء بل إنها تستخدم بشكل أو آخر لتمرير أجندة تسوق وتسهم في التعاون والتنسيق الأمني كما يتم الترتيب لها حاليًّا.
إفشال هذا المشروع لا يقع فقط على هذه الفصائل، بل على كل الفصائل الفلسطينية بناء سد منيع أمام إدخال عناصر محسوبة على الاحتلال الإسرائيلي، وتتعاون وتلتقي معه صباح مساء، وإعادة المنظمة من خلال تعزيزها بالفصائل الوطنية الفلسطينية والتمسك بمبادئها التي انطلقت من خلالها وتمثيلها لكل الشرائح الفلسطينية، بعيدًا عن حالة الاستفراد التي يقودها محمود عباس وفريقه.