قائمة الموقع

كأس العرب تحوّلت على كرنفال ينبض بحب "أرض الشهداء"

2022-01-27T14:26:00+02:00

 

لا يكاد يخلو أي محفل رياضي عربي من رسائل التضامن مع فلسطين، سواء داخل الملاعب والصالات،ـ أو فوق المدرجات وفي الشوارع، لتصبح تلك القضية هي العامل المشترك الوحيد الذي يوّحد الشعوب العربية، رغم حدة التنافس وحالة الاستقطاب التي تخلّفها المنافسات الرياضية، ولا سيما كرة القدم.

ولعل بطولة كأس العرب الأخيرة، التي احتضنتها دولة قطر، كانت الشاهد الأبرز على تلك الروح العربية التضامنية مع فلسطين، منذ اليوم الأول للبطولة، وحتى يوم الختام.

فلا أحد يستطيع نسيان تفاعل الجماهير الغفيرة داخل استاد "البيت" المونديالي لحظة ترديد النشيد الوطني الفلسطيني خلال حفل الافتتاح، إذ علا الصوت بشكل هستيري بمجرد ترديد كلمات النشيد وظهور العلم الفلسطيني.

في المدرجات لم يغب علم فلسطين في جميع المباريات، ولا سيما التي يكون المنتخب الجزائري طرفاً فيها، بينما يتردد صدى هتاف "فلسطين الشهداء" بين الجماهير في المدرجات، بل وحتى خلال احتفالات الأنصار والمحبين داخل الجزائر نفسها.

وظهرت في المدرجات لافتة ضخمة حملها مجموعة من مناصري المنتخب الجزائري وكُتب عليها: "الكأس هدية من الشعب الجزائري لأهلنا في فلسطين".

داخل الملاعب نفسها حضر التضامن مع فلسطين بين اللاعبين، فمشهد حمل لاعبو المنتخب الجزائري للعلم الفلسطيني بعد نهاية المباريات خطف الأنظار، ولا سيما بعد المباراة الختامية وأثناء احتفالات "محاربي الصحراء بالتتويج، وكذلك في مباراة نصف النهائي.

العديد من لاعبي المنتخب الجزائري توشحوا بالعلم والكوفية الفلسطينية وطافوا به أرض الملعب جنباً إلى جنب مع العلم الجزائري، في مشهد أثبت مدى تعلق الشعب الجزائري بفلسطين.

إهداء خاص إلى فلسطين

ولم يكتف أبناء الجزائر بذلك فحسب، بل حرص مجيد بوقرة مدرب منتخب الجزائر المشارك في كأس العرب، على إهداء لقب البطولة للشعب الفلسطيني، وأهالي غزة على وجه الخصوص.

وقال بوقرة عقب المباراة النهائية أمام تونس، إنه سعيد باللقب مع منتخب بلاده، مهنئاً الشعب الفلسطيني عامة، وسكان قطاع غزة خاصة على هذا الإنجاز الكبير.

وأضاف: "حافظنا على التقدم وكانت مباراة صعبة بالنسبة لي كمدرب شاب. أهنئ كل مشجعي الجزائر، ونحن لا ننسى شعب غزة وفلسطين، هذا الفوز لهم أيضاً".

وأثبت بوقرة بإهداء التتويج بكأس العرب للشعب الفلسطيني مدى حب الشعب الجزائري لفلسطين وشعبها، ولم ينس المدرب الجزائري الشاب فلسطين وشعبها في غمرة الاحتفالات بالتتويج، إذ جاء التصريح بعد لحظات فقط من صافرة نهاية المباراة الختامية.

التضامن مع فلسطين ورفع علمها لم يقصر على لاعبي وجماهير المنتخب الجزائري، بل تكرر الأمر ذاته في مباريات تونس ومصر، وحرص العديد من لاعبي المنتخبين على حمل العلم الفلسطيني داخل الملعب والاحتفال به كما لو أنه علم بلده.

محرز يصفع الإنجليز في عقر دارهم

ولعل العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة ومن قبله الاعتداءات على أهالي مدينة القدس ولا سيما حي الشيخ جراح، كان شاهداً على حملة تضامنية كبيرة من اللاعبين والرياضيين العرب، وكثير منهم ممن يحترفون في الملاعب الأوروبية.

فقد عبّر النجم الدولي الجزائري رياض محرز عن تضامنه مع فلسطين ونشر، تغريدة عبر حسابه الرسمي على "تويتر"، تضمنت صورة لعَلَم فلسطين مع وسمَي "فلسطين" و"أنقذوا الشيخ جراح" باللغة الإنجليزية، بالإضافة لعلامة الدعاء.

كما رفع محرز علم فلسطين داخل أرض الملعب نهاية احدى مباريات فريقه مانشستر سيتي، في رسالة لقيت تفاعلاً كبيراً، وأصبحت حديث وسائل الإعلام العالمية، بالنظر لما يحظى به محرز من نجومية طاغية.

كذلك تضامَن النجم المغربي أشرف حكيمي، لاعب إنتر ميلان الإيطالي وقتها، مع فلسطين، ونشر تغريدة على حسابه الرسمي على تويتر كتب فيها:  FreePalestine (الحرية لفلسطين)، وتضمنت التغريدة رموزاً تعبيرية تدل على الحزن والدعاء لفلسطين وأهالي مدينة القدس المحتلة وقطاع غزة.

وفي دولة قطر، دخل لاعبو ناديي السدّ والعربي إلى أرضية الملعب لخوض مباراة نصف نهائي كأس الأمير وهم يرتدون الكوفية الفلسطينية، كما رفعوا لافتة كبيرة كُتب عليها: "فلسطين في قلوبنا".

وفي الكويت، حرص لاعبو السالمية والعربي على دخول مباراتهما في الدوري المحلي متشحين بالكوفية الفلسطينية، تعبيراً عن تضامنهم مع القضية الفلسطينية ودعم أهالي القدس أمام اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي.

بدوره نشر اللاعب المغربي عبدالرزاق حمد الله تغريدة عبر حسابه في تويتر تضمنت صورة لمسجد قبة الصخرة، وغرّد معها: "هنا الأقصى.. هنا أرض الرباط.. هنا مواطن العزة، هنا حيث الطفل رجل، والأم أُمّة.. حفظكم الله ورعاكم وسدد خطاكم".

ونشر محمود عبدالرازق (شيكابالا)، نجم نادي الزمالك المصري، تغريدة تضمنت آية قرآنية نصها: "وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ" (سورة إبراهيم: 42)، وعلق: "سيرحلون (أي قوات الاحتلال الإسرائيلية).. ونبقى".

أبو تريكة.. حاضر دائماً

كعادته كان النجم المصري السابق محمد أبوتريكة حاضراً وأعلن تضامنه مع المقدسيين، حيث استهل مشاركته في تحليل إحدى المباريات عبر قنوات beIN SPORTS قائلاً: "تحية كبيرة لأهلنا في القدس".

وأضاف: "ربنا ينصرهم على الاحتلال ويثبتهم ويعين من أعانهم ويخذل من خذلهم.. هم شرف الأمة ويحتاجون الدعاء".

وكتب أبو تريكة أيضاً: "الكيان الصهيوني احتلال.. تعاملوا معه على هذا الأساس، ليس له عواصم أو أرض، القدس عربية إسلامية وكل الأرض".

وغرّد النجم التونسي السابق والمحلل الحالي حاتم الطرابلسي بدعاء جاء فيه: "اللهم حرِّر المسجد الأقصى من دنس اليهود المعتدين، وكن عوناً ونصيراً لإخواننا المستضعفين في فلسطين".

ولأن القدس كانت دائماً الخط الأحمر بالنسبة للعرب والمسلمين جميعاً، جاء قرار الإدارة الأمريكية عام 2017 اعتبار المدينة المقدسة عاصمة لدولة الاحتلال، ليفجر ثورة غضب عارمة وحملة تضامنية غير مسبوقة شهدتها مختلف الملاعب العربية، وأطلقت العنان لمواقف قوية لنجوم الرياضة العرب.

ففي الجزائر، شهدت مدرجات الملاعب العديد من الفعاليات التضامنية، وحرص أنصار معظم الفرق المحلية رفع لافتات ضخمة خلال المباريات أظهرت مدى تعلق الشعب الجزائري بالقدس وتضامنه مع الشعب الفلسطيني.

ولم يختلف الحال في الملاعب المغربية، حيث طالب أنصار فريق حسنية أغادير بالذهاب إلى فلسطين لمحاربة الصهاينة، بينما استثمرت جماهير نادي الوداد البيضاوي تواجدها في حدث عالمي كبير هو كأس العالم للأندية، لرفع الأعلام الفلسطينية خلال مباراة الفريق أمام أوراوا الياباني.

وحمل أنصار الوداد أعلام فلسطين ورددوا هتافات تعبّر عن التضامن مع فلسطين ومدينة القدس، مؤكدين أن المدينة ستظل عربية وعاصمة أبدية لفلسطين، رغم المحاولات الأمريكية والإسرائيلية لفرض واقع جديد.

وفي تونس، رفع مشجعو النادي الصفاقسي خلال احدى مباريات الفريق أعلام فلسطين ورددوا هتافات منددة بالاحتلال الإسرائيلي ومؤيدة للحق الفلسطيني، كما حرقوا العلم الإسرائيلي، كذلك فعلت جماهير النادي الأفريقي، حيث رفعت لافتة ضخمة كُتب عليها "مع فلسطين ظالمة أو مظلومة".

وفي الأردن، عبّرت جماهير الفيصلي عن تضامنها مع القضية الفلسطينية، ورسمت لوحة فنية رائعة في المدرجات؛ تمثلت بكتابة "فلسطين" باللونين الأبيض والأزرق، وذلك على هامش مباراة فريقهم أمام الجزيرة في كأس الأردن.

أما جمهور الوحدات فقام بعمل "تيفو" مميز يجسد المسجد الأقصى وقبة الصخرة، قبل مباراة الفريق أمام شباب الأردن وردد هتافات ضد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والاحتلال الإسرائيلي.

وفي لبنان أظهر لاعبو نادي النجمة مساندة قوية لفلسطين وعاصمتها القدس الشريف، وذلك قبل انطلاق مباراة الفريق أمام الراسينغ في الدوري اللبناني، في حين شهدت الملاعب العراقية عدة فعاليات كان أبرزها احتفال مهاجم نادي القوة الجوية حمادي أحمد احتفل بهدفه في شباك السماوة، برفع قميصه كاشفاً عن قميص آخر كُتب عليه "القدس لنا".

وحرص النادي الأهلي المصري على إبداء تضامنه بطريقة مختلفة من خلال نشر موعد مباراة فريقه الكروي على حسابات النادي في مواقع التواصل الاجتماعي بتوقيت القدس، إلى جانب توقيت القاهرة.

وشهدت بطولة كأس الخليج بنسختها الـ23 والتي أقيمت في دولة الكويت بالتزامن مع القرار الأمريكي، رفع جماهير المنتخب العماني للافتة كُتب عليها "القدس عربية" إلى جانب علم فلسطين وعُمان، في موقف تضامني لافت.

لا للتطبيع الرياضي

في الوقت الذي تلهث بعض الدول العربية التي دخلت مستنقع التطبيع مع الاحتلال، وراء إقامة مباريات وفعاليات رياضية؛ فإن الكثير من الرياضيين العرب أبوا إلا أن يقولوا كلمتهم ويرفضون بشكل قاطع الدخول في أي منافسات مع اللاعبين الصهاينة، رغم الثمن الباهظ الذي يدفعونه.

وكان أولمبياد 2020 في طوكيو شاهداً على موقف بطولي لنجم رياضة الجودو الجزائري فتحي نورين، الذي رفض مواجهة لاعب إسرائيلي، ليقرر الاتحاد الدولي للجودو بعدها إيقافه ومدربه عمار بن يخلف 10 سنوات، في عقوبة قاسية وغير منطقية، دفعت نورين لإعلان اعتزاله.

وقال نورين بعد إعلان العقوبة إنه لم يندم على ما فعله، مؤكداً: "حتى لو عاقبوني 100 سنة، ولو خرجت روحي عن جسدي، فهذه قضيتنا، قضية مبادئ وشرف، وسأبقى أدافع عن القضايا العادلة وقضية فلسطين".

ووجه البطل الجزائري رسالة للشعب الفلسطيني، قال فيها: "قلوبنا معكم، والقضية الفلسطينية هي قضية كل مسلم عربي حر، وهذه القضية إلهية ربانية ونحن فقط أسباب، وسنكون معكم بكل طريقة ممكنة".

وعلى غرار فتحي نورين، انسحب البطل السوداني محمد عبد الرسول من منافسات الجودو الأولمبية لتجنب ملاقاة منافس إسرائيلي في الدور الثالث، رغم خضوعه لقياس الوزن قبل المواجهة التي كانت من المفترض أن تجمع بينهما في وزن 73 كغم للرجال.

وقبل أيام قليلة، حظي لاعب المنتخب الكويتي للتنس محمد العوضي بإشادة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد انسحابه من مواجهة لاعب إسرائيلي، في نصف نهائي البطولة الدولية للمحترفين، تحت سن 14 عاماً، المقامة حاليا في إمارة دبي بالإمارات.‬

وذكرت وسائل إعلام كويتية أن العوضي نجح في الفوز والصعود إلى الدور نصف النهائي من البطولة، إلا أنه فور علمه بمواجهة اللاعب الإسرائيلي، قرر اللاعب الكويتي الانسحاب وعدم المشاركة أمامه.

وأثار هذا الانسحاب إعجاب ناشطين كويتيين وعرب، حيث أشاد عدد كبير منهم بقرار الشاب، والمبادئ الراسخة لديه رغم صغر سنه.

اخبار ذات صلة