تبدأ ابتسام التميمي يومها بتفقد نجلها حسان ومتابعته عن كثب، وتنهيه بالدعاء أن يعيد الله بصره بعد أن فقده في إثر اعتقاله والزجّ به في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وانتهاج إدارة السجون جريمة الإهمال الطبي بحقه.
وبينما تعيش عائلة التميمي ظروفًا مأساوية حسرة على ابنها حسان (21 عامًا) الذي يعاني أمراضًا عدة لم تشفع له عند الاحتلال وإدارة سجونها، تُتّهم السلطة بـ"التقصير في علاجه، وعدم الاكتراث لحالته".
عام 2018 وتحديدًا في 14 مارس/ آذار، عندما اقتحمت قوة خاصة من جيش الاحتلال منزل العائلة في قرية دير نظام شمال غرب رام الله، لاعتقال حسان، لم يكن الأخير فاقدًا لنظره بعد.
تقول والدته لصحيفة "فلسطين": فوجئنا باقتحام جنود الاحتلال منزلنا ليلًا لاعتقال حسان بزعم رشق الحجارة على مركباتهم، وعندها أخبرتهم أنه يعاني عدة أمراض.
ويعاني حسان مشكلات صحية في الكلى والكبد نتيجة خلل في عملية امتصاص البروتينات منذ أن كان طفلًا، ويعيش على نظام غذائي وعلاجي، وعدم الالتزام بهما يلحق به مخاطر صحية كبيرة.
وعندما أصرّ جنود الاحتلال على اعتقاله من وسط أهله، لجأت مسرعة إلى إحضار الأدوية التي يتناولها نجلها بانتظام كامل حتى لا تتأثر حالته الصحية، لكنها صُدمت برفض الجنود أخذ الدواء معهم، وألقوه أرضًا.
أمام هذا الموقف، تضاعفت مشاعر القلق عند والدة حسان وأفراد عائلته، فهم كما يدركون مخاطر عدم حصوله على الأدوية، يعرفون تماماً مخاطر الإهمال الطبّي المُتعمّد الذي تمارسه إدارة السجون كسياسة مُتّبعة ضد الأسرى.
بالفعل، لم يمضِ سوى بضعة أسابيع حتى دخل حسان في غيبوبة نُقل على إثرها من معتقل "عوفر" إلى مستشفى "شعاري تسيدك" الإسرائيلي في مدينة القدس المحتلة، وكان ذلك في 28 مايو/ أيار من العام الذي اعتُقل فيه، وعمره لا يتجاوز حينها 17 عامًا.
وبسبب الأضرار الصحية التي لحقت بحسان، خاصة بعد إهماله طبيًّا من إدارة السجون، وعدم حصوله على الأدوية فقد بصره "فما تعرّض له ابني جريمة كبيرة لا تُغتفر" تقول والدته.
مأساة لم تنتهِ
على إثر ذلك، قررت سلطات الاحتلال، في 17 يونيو/ حزيران 2018 إطلاق سراح حسان، وتسليمه لذويه الذين قرّروا نقله إلى مُجمّع فلسطين الطبي في رام الله.
فرحت العائلة بإطلاق سراح نجلها، لكنها كانت فرحة منقوصة ممزوجة بالألم والحسرة على فُقدان بصره.
وللعام الخامس تواليًا، لا يزال الأسير المحرر حسان يعاني الوضع الصحي ذاته، ولم تنتهِ مأساته عند هذا الحد، إذ تقول والدته: إنّ العائلة هي من توفر الدواء والفيتامينات.
وأضافت أنها تقدمت لوزارة الصحة برام الله بطلب للحصول على أدوية قبل نحو 3 سنوات وحتى اليوم لم تُحصِّلها، ولجأت إلى شرائها من الأردن وجلبها مع أشخاص مقربين، لكن للأسف لم يكن نفس الدواء المطلوب لحسان.
وتابعت أنّ العائلة لم تتلقَّ من وزارة الصحة غير الوعود بنقله للعلاج في الخارج، خاصة أنه يعاني ضمورًا في عصب العين، لكن في الحقيقة هي مُقصّرة فيه بشكل كبير، ولا تكترث لحالته الصحية.
وتُحمّل والدة حسان الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حالته الصحية، مطالبة السلطة ووزارة الصحة برام الله بالاهتمام بحالته، خشية تفاقم وضعه الصحي بعدما فقد بصره داخل السجون.
ولا تفارق الأمُّ نجلها، وتحرص على البقاء بجواره طيلة الوقت لتلبية احتياجاته.