المجلس الوطني هو أعلى مؤسسة من مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية. المجلس له صلاحيات واسعة النطاق، ولكنه لا يمارس منها إلا القليل، لأن الجهة التنفيذية ورئاستها تغولت على صلاحيات المجلس، وجعلته شكلًا ضعيفًا، لذا قلَّ من يلتفت له، أو يحرص على البقاء فيه، أو المنافسة على رئاسته وهيئته العليا.
منذ أن أحكمت فتح سيطرتها على مؤسسات منظمة التحرير بقيادة ياسر عرفات بعد هزيمة ١٩٦٧م، استولت فتح على رئاسة المجلس الوطني، ولم تحظ أي من المنظمات المشاركة في المنظمة كالشعبية والديمقراطية برئاسة المجلس ولو لدورة واحدة. وفي جميع الأحول حرصت فتح على اختيار شخصية منها تقبل تنفيذ إرادة رئيس اللجنة التنفيذية، لذا لم نشهد دورا مستقلا أو مميزا للمجلس الوطني الفلسطيني.
ومن يهتم بالأرقام والإحصائيات يبدي عجزا عن الإجابة عند السؤال عن كم عدد أعضاء المجلس؟ نعم هو بالمئات، ولكن كم مئة هو؟ هو يزيد على الخمسمائة عدًّا، ولكن هل هو ستمائة أو سبعمائة؟ الله أعلم. وحين انعقد المجلس الوطني بغزة للتصويت على اتفاقية أوسلو يوم حضر اللقاء بيل كلنتون الرئيس الأميركي، حضر جلسات المجلس رجال كثيرون من خارج المجلس لا كضيوف بل كأعضاء مصوتين.
الآن وبعد سنوات طويلة من رئاسة السيد سليم الزعنون للمجلس يتقدم الزعنون باستقالته الواجبة عليه منذ عشر سنوات لضعف في الصحة ونقص في القدرة على إدارة المجلس وفق الأصول، ولا يكاد أحد من المراقبين يذكر لفترة رئاسته أي إنجازات كبيرة ومهمة.
فتح التي تعودت التفرد برئاسة المجلس الوطني ترشح له اليوم شخصية فتحاوية مقربة من عباس، وتقول في تصريح لها: إن هناك إجماعًا فتحاويًّا على أن يتولى المنصب السيد روحي فتوح، وهو ما أثار أصواتًا ناقدة من اليسار المشارك في المنظمة اعتراضًا على استئثار فتح التاريخي بالمنصب.
المواطن لا يهمه كثيرا من هو رئيس المجلس الوطني، ولكنه يريد شخصية ذات قدرات خاصة تفعل صلاحيات المجلس، ولا تكون تابعة لرئيس اللجنة التنفيذية. هو يريد شخصية قادرة على تصويب أخطاء التنفيذية، وقادرة على مساءلة التنفيذيين ومحاسبتهم. هو يريد شخصية قادرة على إجبار اللجنة التنفيذية على تنفيذ قرارات المجلس بدقة. المواطن يريد مجلسًا يتمتع بشخصية مستقلة، وبأداء ديمقراطي حقيقي، وبلجان قادرة على مراجعة الماضي، وتقديم تصور ملزم لمستقبل ناجح. المجلس الوطني، والمركزي قرر وقف التنسيق الأمني مع العدو، ولكن الجهات التنفيذية لم تنفذ قرار المجلس، والمجلس عاجز عن المحاسبة. مثل هذا المجلس لا نريده البتة.