لم يكن مفاجئًا أمس قيام الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في الضفة الغربية بشن حملة اعتقالات ضد النشطاء من الشباب والفتية في قرية بيتا المشهورة، بمقارعة الاحتلال والتصدي للمستوطنين من خلال جهود أبنائها في التصدي للتوسع الاستيطاني، وكذلك التصدي لقطعان المستوطنين ومنع جنود الاحتلال من اقتحام القرية أو من الاستيلاء على أراضيها، وقاموا بالكثير من الأنشطة والفعاليات الشعبية التي لاقت دعمًا واسعًا على الصعيد المحلي والإقليمي وكذلك الدولي، وأصبحت أيقونة المقاومة الشعبية في الضفة الغربية ونجحوا في دحر المستوطنين خلال الأشهر الماضية، لكن ما أقدمت عليه الأجهزة الأمنية كان في سياق الحرب التي تشنها ضد الأسرى المحررين وقادة المقاومة.
عوضًا عن مواصلة الملاحقة للمقاومة المسلحة وكذلك الكتل الطلابية كما هو الحال في بيرزيت في جامعة بيرزيت وجامعة النجاح.
ما قامت به الأجهزة الأمنية يفضح الأكاذيب التي تطلقها قيادة السلطة حول دعمها للمقاومة الشعبية، وإن التصريحات التي صدرت عن قيادات في اللجنة المركزية واللجنة التنفيذية وغيرها هي مجرد كلمات وأقوال لا وزن لها، وإنها مجرد شعارات كاذبة يتم ترويجها بخلاف الواقع الذي تقوم فيه الأجهزة الأمنية بملاحقة الأسرى المحررين من قرية بيتا تحديدًا، خدمة للاحتلال الإسرائيلي الذي عبر عن شكره وتقديره لما تقوم به الأجهزة الأمنية، وأنها تقوم بما عجز الاحتلال عنه على مدار الأشهر الماضية
إن الحالة الشعبية هناك تشبه الثوران ضد السلطة وإجراءاتها وتعاملها مع المواطنين.
كان ينتظر المواطن الفلسطيني من الأجهزة الأمنية، على الأقل أن تقف موقف الحياد لا أن تنصاع لأوامر جيش الاحتلال الإسرائيلي بملاحقة المقاومين والمنظمين للفعاليات الشعبية، وكان الأحرى بالسلطة أن تنأى بنفسها عن أن تكون طرفًا يمارس الإرهاب والمطاردة والاعتقال ضد الأهالي والمواطنين الفلسطينيين هناك.
الأجواء المتوفرة حاليًّا بالضفة الغربية هي ثوران وبركان يشتعل في وجه السلطة نتيجة ممارساتها القمعية ضد المواطنين، وإن ما تقوم به السلطة هو خدمة مجانية لصالح الاحتلال الإسرائيلي، وتحمي بذلك المستوطنين بعد أن كانت توفر المعلومات عن نوايا الشبان، وتحولت إلى أداة لخدمة الاحتلال الإسرائيلي. وما نشره الأسرى المحررون في الضفة الغربية، بأن ضباط الشاباك التابع للاحتلال الإسرائيلي أصبحوا يهددون بأنهم سيفرجون عنهم لنقلهم إلى سجن أريحا المعروف بالمسلخ عند السلطة في سجون فلسطين، وهذا أمر يصيب الشباب بحالة من القهر نتيجة تحول السلطة هناك إلى نموذج أسوأ مما يمارسه الاحتلال الإسرائيلي بل إن الاحتلال يفاخر بأن العلاقة بينه وبين الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية أصبحت نموذجية تحول فيها الشرطي والضابط في الضفة الغربية إلى عامل يتبع لسلطة الاحتلال وجهاز الشاباك والإدارة المدنية.
السياسة التي اتبعت ضد بيتا القرية المعروفة وضد الشباب في الضفة الغربية تقوده قيادة السلطة بقرار من رأسها متمثلًا بالقيادة الجديدة لمنظمة التحرير وفي مقدمتها حسين الشيخ الذي يمثل عنوان التعاون الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي عبر وزارة الشؤون المدنية وماجد فرج وزير المخابرات العامة الذي ينسق كل هذه الإجراءات والخطوات مع الاحتلال الإسرائيلي عوضًا عن إيجاد غطاء في القيادة يساعد هؤلاء على فرض سيطرتهم وتنفيذ السياسات التي يطلبها الاحتلال منهم، ليتم السيطرة من قبل الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي على قيادة المنظمة، وبالتالي قيادة السلطة التي تتعاون وتنسق بشكل مباشر مع الاحتلال الإسرائيلي قمع المقاومة بأشكالها المختلفة في بيتا وغيرها.