تعيينات جديدة داخل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير تتخذها اللجنة المركزية لحركة فتح في وقتٍ تجري فيه حوارات المصالحة بالجزائر، يفسرها مراقبون على أنها وضعٌ للعصي في طريق إفشال الجهود الجزائرية لحوارات المصالحة التي مثلت بارقة أملٍ جديدة استبشر بها الفلسطينيون لإنهاء الانقسام.
تجديد مركزية فتح ثقتها بمحمود عباس رئيسًا لها، وللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وتعيين عزام الأحمد ممثلا لها في اللجنة التنفيذية، وانتخاب حسين الشيخ مرشحا لها بنفس اللجنة، وكذلك روحي فتوح مرشحًا لها لرئاسة المجلس الوطني، كلها خطوات " استباقية للسيطرة على المؤسسات الوطنية برفض الشراكة السياسية التي كان من المقرر بحثها في الحوارات الجارية في الجزائر". بحسب مراقبين تحدثوا لـ "فلسطين أون لاين".
خطوة استباقية
في وقتٍ تتزامن هذه التعيينات مع الحوارات الجارية في الجزائر، فإن القيادي في حركة فتح "التيار الإصلاحي" عماد محسن يرى أن التعيينات "تصيب الجهود الجزائرية في مقتل"، وهي استدراك كما جرى عادة عباس باستباق أي مبادرة بقرارات من جانب واحد، بما يلبي احتياجاتهم ويحل مشاكلهم دون النظر عن تطلعات الشعب الفلسطيني.
يقول محسن لـ "فلسطين أون لاين" " إن، هذه القرارات تنقل إلينا ثلاثة أشياء، الأول أن معركة وراثة عباس بلغت أوجها باعتبار أن حسين الشيخ سيصبح أمين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة وهو الموقع الذي كان يشغله عباس في زمن الرئيس الراحل ياسر عرفات، بالتالي يعطي قوة المحور الذي يشغله في مواجهة محاور أخرى داخل فتح.
وأضاف، أن الأمر الثاني من القرارات إقصاء القيادات الشعبية الوازنة من المشهد، وثالثًا لملئ الفراغ داخل المؤسسات الوطنية بمعزل عن التوافق الوطني المأمول إنجازه في حوارات الجزائر.
ويعتقد محسن أن مبادرة الجزائر ينبغي على الكل الوطني الاستجابة إليها، وهي شأنها شأن عشرات المبادرات التي سبقتها، ومن قبلها مصر التي كانت حاضرة على الدوام ومحتضنة للحوارات الفلسطينية وجرت أكثر من اتفاقية شاملة، "لكن على ما يبدو أن الإرادة السياسية لجهة استكمال مسار المصالحة.
إن أبعد ما يتوقعه محسن من حركة فتح بالحوارات مجاملة الجزائر بالاتفاق على ورقة إطار، متمما: "عند التنفيذ ستنهار العملية"، كما جرى في اتفاق مكة (2007)، والورقة المصرية (2009) واتفاق القاهرة (2011) واتفاق "الشاطئ" (2014) واتفاق القاهرة (2017) واتفاق "أنقرة" عام (2019) والتي غابت فيها الإرادة السياسية لرئيس السلطة محمود عباس بالتالي فشل التنفيذ.
إرسال محمد المدني المسؤول عن التطبيع المدني مع الاحتلال لمحاورة حماس و لحوار الجزائر يراد منه أن يكون "حوار الطرشان" حسب تعبيرات محسن، وهي رسالة قوية للمجتمعين ذات مغزى من عباس لتكريس الأحادية والتفرد ورفض الشراكة.
رفض الشراكة
لا يختلف الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف عن محسن في قراءة التعينات، لكنه يرى أنها دليل على عدم جدية فتح بموضوع المصالحة ، باعتبار أنه من يريد الذهاب للمصالحة عليه الابتعاد عن اتخاذ قرارات مسبقة.
وتدلل هذه التعيينات، وفق عساف، أن فتح لا تريد شراكة سياسية فالمصالحة لها استحقاقات، أولها ما هو تنظيمي بحيث أنهم لن يقرروا وحدهم في الشأن الفلسطيني مما يتبعه تراجع الهيمنة والديكتاتورية والتفرد، والالتقاء على قاسم وطني سياسي مشترك وهذا ما يتعارض مع سياسة عباس وفريقه على صعيد العمل المشترك تجاه قضايا الشعب الفلسطيني.
يقول عساف لـ "فلسطين أون لاين" حينما يقال أن هناك تقديمًا لروحي فتوح كرئيس للمجلس الوطني بديلا عن سليم الزعنون رئيس المجلس الحالي قبل أي حوار للمصالحة، بمثابة وضع العصي في طريق حوارات الجزائر.
وأعلن الزعنون نفسه، دعمه ترشيح فتوح رئيسا جديدًا للمجلس الوطني، حيث من المقرر أن ينتخب المجلس المركزي- بالصلاحيات التي خولها إياه المجلس الوطني في دورته الأخيرة 2018، رئاسة جديدة للمجلس بداية الشهر المقبل في مدينة رام الله. حسب بيان الوطني
وأضاف عساف حين يقررون أن حسين الشيخ عضو باللجنة التنفيذية للمنظمة قبل أن يتضح متى سيعقد المجلس الوطني، في وقت يراد أن يكون المجلس المركزي بديلا عن الوطني، بالتالي يقوم المركزي بانتخاب المجلس الوطني واللجنة التنفيذية، يعني تكريسًا للمركزي ورسالة بعدم جدية حوارات المصالحة.
ويرى أن فتح تريد من "المركزي" أن يحل بعض الإشكاليات الداخلية لها ويغطي على سلوك عباس خلال الفترة الأخيرة، فإنها تستبق الحوارات في الجزائر حتى تتلاشى الخلاف مع الجزائر حينما يتم بحث استحقاقات المصالحة.
الأمر الآخر الذي سبق التعيينات هو إرسال محمد المدني الذي يوصف بـ "عرّاب التنسيق" والتواصل مع المجتمع الإسرائيلي على رأس وفد فتح لحوارات الجزائر، وهذه رسالة بعدم جدية التعامل مع حوارات المصالحة.