فلسطين أون لاين

تقرير منخفض غزة.. وصول آمن على أكتاف "رجال مهمات الطوارئ"

...
فرق الدفاع المدني تنقذ طفلا جراء الأمطار (تصوير: الفرنسية)
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

ملأت صورته وهو يحمل طالبة في المرحلة الابتدائية على ظهره ليساعدها على قطع الطريق في أثناء ذروة المنخفض الجوي بغزة السبت الماضي وسائل التواصل الاجتماعي، فقد كان بكاء الطفلة المرير وخوفها من المياه مشهدًا اقشعر له بدن الموظف في بلدية غزة مأمون الشوا ودفعه لأن يُهرع إلى مساعدتها على الوصول بأمان لمنزلها.

فمنذ سبعة أعوام والشوا الموظف في قسم المنشآت والصيانة بالبلدية يعمل ضمن نطاق لجنة الطوارئ فيها، ويكون على "أهبة الاستعداد" بمجرد دخول أي منخفض جوي أجواء القطاع.

يقول الشوا: "قبل بدء المنخفض بثلاث ساعات نكون في حالة استنفار ونداوم باستمرار يزيد على الـ24 ساعة أحيانًا حتى انتهاء المنخفض".

فالفريق الذي يضم حرفيين من مختلف التخصصات كالحدادة والبناء والسباكة وغيرها، ينقسم إلى فرق كل منها تضم قرابة خمسة أفراد، يعملون في المناطق التي يكون فيها ضغط على مصارف مياه الأمطار فينظفونها أولًا بأول ويحلون أي مشكلة طارئة.

والشوا يعمل في منطقة "الرمال الجنوبي" بما فيها منطقة شارع مصطفى حافظ (التي يوجد فيها عدد من المدارس)، يصف الوضع يوم السبت الماضي بالصعب، "فقد كان المطر شديدًا جدًّا وضغط العمل كبيرًا".

وأضاف: "ما لا يعرفه الناس أننا لا نستطيع تصريف المياه في نفس وقت نزول المطر، بل إن عملنا يبدأ بعد توقف هطوله فورًا بالعمل على تصريف المياه، وعدم الفهم هو سبب انتشار صور للشوارع قد ارتفعت فيها المياه وقت ذروة المنخفض وكأن عمال البلدية مقصرون وهذه ليست الحقيقة".

وتابع بالقول: "لكن في الحقيقة نحن كنا على أهبة الاستعداد، ننتظر اللحظة المناسبة للتدخل، وما إنْ رأينا طلاب المدارس يخرجون في ذروة المنخفض حتى سارعنا لمساعدتهم".

وغصت شبكات التواصل الاجتماعي بصور ومقاطع فيديو لأطفال المدارس، "يسبحون" في مياه الأمطار في أثناء عودتهم إلى بيوتهم (للفترة الصباحية)، وذهابهم إلى المدرسة (لطلبة الفترة المسائية)، الأمر الذي تسبب بجدلٍ واسعٍ -هو ذاته كل سنة- في مواقع التواصل الاجتماعي، إذ طالب مواطنون بإصلاح البنى التحتية.

ووصل أبناء أحمد النفار، وهو أب لثلاثة أطفال يدرسون في مدرسة الحسن البصري القريبة من مكان سكنه، عبر جرافة تعود ملكيتها لبلدية غزة في وقتٍ غرقت به شوارع غزة بالمياه بسبب أمطار المنخفض الجوي.

سوء تقدير

ويعمل إسماعيل حبيب برفقة الشوا في فرقة الطوارئ ذاتها، مشيرًا إلى أن الفرق تضطر أحيانًا للعمل لفترات تزيد على 24 ساعة، "في عمل مرهق ومتعب، لكن ما يخفف عنا عناء العمل أننا نعمل لخدمة أبناء شعبنا".

ويقول: "المُكْث في العراء على ناصية الطرقات عرضة للرياح الشديدة تحت المطر الغزير أمرٌ ليس بالهين"، مستدركًا: "ما يزعجنا أن تنقل الصورة عنا وكأننا مقصرون، وفي الحقيقة نحن على رأس عملنا وقت خروج الطلبة من المدارس في منطقة مصطفى حافظ".

ويرى أن ما حدث هو "سوء تقدير من إدارة المدرسة" التي من المفترض أنها حجزت الطلبة إلى حين توقف المطر، "لكننا لم نقف مكتوفي الأيدي فسارعنا لمساعدة الطلبة على قطع الطريق بكل ما أوتينا من قوة".

تضرر البنية التحتية

وإذ يؤكد المتحدث باسم لجنة الطوارئ في بلدية غزة حسني مهنا كلام سابقيْه، يشير إلى هذه المنطقة سبق أن حذرت البلدية من حدوث تجمعات للمياه فيها في أثناء المنخفضات بسبب تضرر البنية التحية بشكل كامل في إثر العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة في مايو/ أيار الماضي، مشيرًا إلى القصف الذي طال منطقة عرفات للشرطة ومحيط الجامعات والصناعة ألحق ضررًا فادحًا بمصارف المياه فيها علاوةً على كونها منطقة منخفضة.

ويلفت استقبال لجنة الطوارئ 500 إشارة منذ بدء المنخفض منها 180 شكوى تتعلق بارتفاع منسوب المياه أو حدوث انجرافات، إلى جانب متابعة مصارف المياه البالغ عددها 4400 مصرف.

وللجنة الطوارئ أربع فرق ميدانية تدعمها البلدية بما يتوفر لديها من إمكانات وآليات، تبعًا لمهنا الذي يقول: إن البلدية تواجه نقصًا في الإمكانات بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة والعجز في الميزانية.

وطالب الجهات الدولية المانحة بمساندة البلديات في مهمات الطوارئ ودعم إعمار البنية التحتية لمدينة غزة والتي تقدر قيمة إصلاحها بنحو عشرين مليون دولار.

وظهرت طواقم الدفاع المدني وهي تجوب بشاحنات الإطفاء وقوارب صغيرة "حسكات" الشوارع التي ارتفع فيها منسوب المياه إلى أكثر من نصف متر وعجزت المصارف عن احتواء كميات الأمطار الهائلة التي سقطت على محافظات قطاع غزة.

منخفض غزة (2).jpg


منخفض غزة (1).jpg