شكلت معركة (سيف القدس) أحد أهم التحولات في تاريخ المواجهة مع العدو الإسرائيلي الذي يمارس ومن خلال حالته الحربية الفتاكة والمميتة أبشع الجرائم التي تدخل في "تصنيفات الجرائم الدولية" نتيجة لخطورتها وجسامتها وآثارها الكارثية على الفلسطينيين الأبرياء، فقد نجحت المقاومة في فلسطين في رد العدوان وحماية المواطنين من هذه الهجمات الوحشية، الأمر الذي دفع العدو لوقف عدوانه بعد أن خلف عددا كبيرا من الشهداء والجرحى والمعاقين فضلا عن الدمار في البنى التحتية والمساكن، لكن على الرغم من كل ذلك فإن المعركة انتهت دون تحقيق النتائج التي يسعى إليها العدو الإسرائيلي، والذي كان يراهن على كسر عزيمة الفلسطينيين، وسحق أي محاولة للمقاومة، وفرض واقع جديد يؤدي لتهويد الأرض وتهجير الإنسان، تمهيدًا لترسيخ أركان احتلاله وتثبيت رؤيته ومشروعه الاستعماري دون أي تحديات أو معيقات.
ليتفاجأ بصمود أسطوري منقطع النظير من شعبنا ومقاومته الباسلة والتي كانت قادرة على توجيه ضربات "نوعية وشاملة" لكل الأهداف العسكرية في ظل استنفار العدو واستعداده وتأهبه واستخدامه لكل الإمكانات العسكرية المتطورة في هذه المعركة، إلا أن العدو أصيب بالصدمة في هذه المعركة من أداء المقاومة التي سجلت نقاطا مهمة تمثلت في: 1- تضليل سلاح الجو الإسرائيلي، 2- استهداف أكثر المناطق حساسية، 3- إلهاء منظومة الدفاع، 4- القدرة على فرض حظر شامل في كل المدن الكبرى، 5- إصابة الأهداف العسكرية بدقة متناهية، 6- منع العدو الإسرائيلي من التحرك في محيط الغلاف بعد استهداف عدد من المركبات العسكرية، 6- إجبار المستوطنين المتطرفين على الرحيل من عدد من المستوطنات، 7- شل حركة الطيران في المطارات الكبرى داخل الكيان، إضافة لعدد آخر من الأهداف، الأمر الذي جعل العدو يتراجع فورًا ويستجدي الهدوء.
وهذا بدوره يجعلنا مؤمنين بأن هذه المقاومة هي الطريق الأمثل لردع الاحتلال ودفعه لوقف عدوانه تمهيدا لطرده من أرض فلسطين، خصوصا بعد فشل كل مشاريع التسوية ومبادرات السلام وغيرها من المشاريع التي استغلها العدو لكسب مزيد من الوقت لترسيخ احتلاله وتصعيد عدوانه مستغلًّا حالة الاستجداء التي تمارسها السلطة الفلسطينية وبعض الأنظمة في المنطقة والتي تسببت في تعريض هذه القضية لمخاطر متلاحقة ومتزاحمة في ظل قناعة العدو بأن العرب لا يملكون أي قدرة على المواجهة وأن مشاريعهم قائمة على التقارب مع العدو والتفاهم معه على مجمل القضايا والرضوخ في كل محطة لما يفرضه تحت وطأة التهديد؛ وذلك خشية على بقاء أنظمتهم وطمعا في نيل الرضا الأمريكي وتجنبا لأي مواجهة يمكن أن تؤدي لإسقاط أنظمتهم الاستبدادية.
وعليه: فإن المقاومة في فلسطين هي التحدي الأهم والأبرز أمام الاحتلال وأمام بعض (الأنظمة العربية المطبعة) والتي ترى في المقاومة تهديدا حقيقيا لمشاريعها في المنطقة وترى كما يرى الاحتلال أنه من الضروري منع تعاظم هذه المقاومة وذلك عبر: 1- التضييق عليها ومحاصرتها سياسيا، 2- قطع خطوط الإمداد المالي والعسكري عنها، 3- التحريض الإعلامي المنظم ضدها، 4- ملاحقة كوادرها ونشطائها وكل من يسعى لدعمها في هذا العالم، وصولًا لممارسة أقصى درجة من الضغط عليها حتى تنهار وتصبح خارج المعادلة لتكون الأرض ممهدة أمام المشاريع التصفوية التي يجري ترتيبها خلف الكواليس بأيدي صهيونية وعربية ومباركة أمريكية، لكنهم وعلى الرغم من كل هذه الخطوات لن يفلحوا في تحقيق هذه الأهداف الخبيثة، لأن المقاومة أصبحت تمثل الأمل لشعبنا الفلسطيني ولجماهير أمتنا العربية والإسلامية.
لذلك: وفي ضوء المؤامرة الكبيرة التي تتعرض لها المقاومة فإن هناك حاجة ماسة لتدشين حملة عالمية لدعم المقاومة في فلسطين على أن تشمل هذه الحملة توفير الدعم في خمسة مسارات وهي:
أولًا- المسار السياسي:
من خلال تشكيل هيئة أو إطار جامع لعدد من القوى السياسية في العالم الاسلامي وأحزاب أخرى قد ترغب في الانضمام من دول غربية يكون هدفها العمل وبشكل فاعل ومنظم لكسر الحصار السياسي المفروض على المقاومة في فلسطين والسعي لتعزيز حضورها بكل السبل.
ثانيًا- المسار القانوني:
تشكيل ائتلاف أو تجمع أو هيئة قانونية للدفاع عن أعمال المقاومة في فلسطين كفعل مشروع في مواجهة الاحتلال على أن تسعى هذه الهيئة لرفع المقاومة من قوائم الإرهاب وتقدم المذكرات القانونية اللازمة أمام الجهات الدولية المختلفة والمعنية، وتنفذ الكثير من الفعاليات التي تثبت حق الفلسطينيين في ممارسة كل أشكال المقاومة.
ثالثًا- المسار الإعلامي:
تشكيل المجلس الإعلامي الأعلى للدفاع عن فلسطين والذي يختص بتفنيد الرواية الإسرائيلية وفضح الأكاذيب وإظهار صورة الاجرام والعدوان الإسرائيلي خصوصا أمام المجتمعات الغربية والسعي لتغيير قناعات هذه المجتمعات وذلك لكسب مساحات جديدة من الدعم في مواجهة تمدد رواية الاحتلال.
رابعًا- المسار المالي:
توفير الدعم المالي عبر تأسيس صندوق دعم المقاومة في فلسطين في عدد من الأماكن في هذا العالم وتأمين طرق وبدائل مختلفة لجمع التبرعات وإيصال الأموال للمقاومة حتى يعزز ذلك من صمودها ويمكنها من مواصلة مشروعها المناهض للاحتلال.
خامسًا- المسار العسكري:
أن يتشكل هيئة أو لجنة الخبراء العسكريين والتي تستقطب كل الخبرات من العالم العربي والإسلامي ومن أحرار العالم كي يقدموا من المعلومات والخبرات ما يمكن المقاومة من التطور والنهوض ويمكن لأصحاب الخبرة والعلماء السعي وبطرق مختلفة للتواصل مع قيادة المقاومة كي يساهموا في هذا المشروع والذي أصبح أمل الأمة للتخلص من الاحتلال.