فلسطين أون لاين

أفرغ المؤسسات الفلسطينية لمصلحته

تقرير عباس يستولي على الرئاسة منذ 17 عامًا.. ديكتاتور قدم كل التنازلات للاحتلال

...
رام الله- غزة/ يحيى اليعقوبي:

يسيطر رئيس السلطة محمود عباس على مقعد الرئاسة منذ سبعة عشر عامًا؛ عطّل خلالها أي عملية ديمقراطية، وحرم الشعب الفلسطيني انتخابَ رئيس يمثل تطلعاته وآماله، وصادر حقهم الانتخابي، وعمق الانقسام الفلسطيني، واعتبر ما يسمى "التنسيق الأمني" مع الاحتلال الإسرائيلي "مقدسًا"، ولاحق بموجبه المقاومين في الضفة الغربية وزج بهم في سجون أجهزة أمنه القمعية.

عباس وبعد انتخابه في 9-1-2005 رئيسًا للسلطة، لم يُجرِ أي انتخابات رئاسية أو عامة، وتفرد في القرارات ورفض الشراكة السياسية مع الفصائل، وأقصى منافسيه حتى من أبناء حركة فتح ذاتها.

قدم تنازلات على "طبق من ذهب" للاحتلال ووصلت تنازلاته السياسية إلى حد قبوله بدولة "فلسطينية منزوعة السلاح"، وألمح لتنازله عن حق العودة للاجئين، فقد قال في حديث مع التلفزيون الإسرائيلي في 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، بشأن بلدته صفد التي هجر منها "من حقي أن أراها، لا أن أعيش فيها".

في عهده وصلت أعداد المستوطنين بالضفة المحتلة لأكثر من 650 ألف مستوطن، يتوزعون في 164 مستوطنة، و116 بؤرة استيطانية.

المرة الوحيدة التي كشّر فيها الرجل الذي يناهز عمره 87 عامًا عن أنياب عقوباته كانت تجاه شعبه، سبقها حملة اعتقالات واسعة ومنع كل أشكال المقاومة بالضفة الغربية، وفرض في مارس/ آذار 2017 إجراءات عقابية ضد قطاع غزة، وفرض بموجبها التقاعد القسري على عشرات آلاف الموظفين، وقلّص رواتبهم ومنع توريد الكهرباء من (إسرائيل) إلى القطاع، ما أحدث معاناة كبيرة وصلت حد الكارثة الإنسانية والاقتصادية.

تراجع القضية

يقول المحلل السياسي عمر عساف، خلال تجربة عباس تراجعت مكانة القضية الفلسطينية لدرجة كبيرة على كل الأصعدة بسبب الأداء السياسي السيئ بسبب التنازلات التي قدمها للاحتلال والاستجداء الذي يمارسه تجاه العلاقة مع الإسرائيليين.

ويضيف عساف لصحيفة "فلسطين": عباس مسؤول عن الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، وأيضًا يتحمل مسؤولية التشرذم داخل حركة فتح، وخلال حكمه كرس هيمنة الفرد والديكتاتورية وألغى دور المؤسسات وقلل احترام الهيئات والمؤسسات الفلسطينية، وعطل المجلس التشريعي وأضعف القضاء وصارت كل الأجهزة الأمنية في قبضته وتتبع سياساته حتى اختزلت كل المؤسسات في شخصه.

ويعتقد عساف أن عباس جعل كل مؤسسات السلطة محصورة في يد فرد، معتبرًا ذلك أسوأ أشكال الإقصاء التي يمكن الحديث عنها، وكان الفساد عنوانًا بارزًا وتفشى داخل أروقة ومؤسسات السلطة، وهذا كله حصيلة سلوك عباس.

من أبرز مظاهر الفساد في الضفة الغربية خلال عام 2021، ما عرف بـ"صفقة اللقاحات"، إضافة إلى وجود خروقات في اختيار المستفيدين من صندوق "وقفة عز"، والفساد في تعيينات الأقارب وترقياتهم في السلطة.

وتأثرت القضية الفلسطينية سلباً في عهده، إذ يقول عساف: "كل يوم نرى دمارًا يلحق بقضيتنا منذ أوسلو، إذ يتسع الاستيطان ليأكل مساحات شاسعة من الضفة الغربية، فمثلا على أبواب رام الله معقل قيادات السلطة شرع الاحتلال ببناء 11 ألف وحدة استيطانية، وتحولت مدن الضفة إلى كنتونات ومدن معزولة عن بعضها بعضًا.

حكم ديكتاتوري

عضو الحراك الفلسطيني الموحد خالد دويكات، يعتبر فترة تولي عباس لرئاسة السلطة نوعًا من نظام الحكم العربي الديكتاتوري، في ظل غياب حالة الرقابة التشريعية وضعف الرقابة الشعبية، وعليه لا يوجد ما يجبره على إجراء أي انتخابات.

يقول دويكات لصحيفة "فلسطين"، عندما شعر عباس باحتمال هزيمته في الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي كانت ستجرى في 22 مايو/ أيار الماضي، قام بإلغائها خشية نتائج استطلاعات الرأي التي أكدت خسارته حال ترشح للانتخابات.

وأضاف: "بعد استطلاعات الرأي، ونتيجةً للخلافات الداخلية بفتح، وجد عباس أنه خارج المرحلة القادمة حتى على المستوى التشريعي، بعد تشكيل أكثر من قائمة، وهو ما أكد خسارة فتح أمام منافسيها"، معتقدًا أن إلغاء الانتخابات كان مدعومًا عربيًا وإسرائيليًا.

على الصعيد التنظيمي، هدد عباس بـ"القتل واستخدام القوة ضد كل من سيُرشِّح نفسه خارج قائمة فتح"، وذلك في جلسة المجلس الثوري لحركة فتح يوم 26 يناير/ كانون الثاني الماضي.

لكن هذا التهديد لم يمنع ناصر القدوة -عضو اللجنة المركزية لحركة فتح- من تشكيل قائمة جديدة منفصلة عن قائمة فتح الرسمية لخوض الانتخابات، وفي إثر ذلك فصلته اللجنة المركزية من الحركة.

يعلق دويكات على ذلك، بأن عباس لو كان لديه ثقة في نجاح تجربته خلال فترة حكمه لتجرأ على إقامة الانتخابات، وإلغائها دليل على أن الشارع الفلسطيني معارض لسياساته، وهناك معارضة ورفض شعبي مطلق لسياسة التنسيق الأمني والعلاقة مع الاحتلال.